شائع

تفسير سورة الكهف صفحة 300 من الآيات (54 -61) .. وفوائد الآيات

التفسير

54–وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً 

–يخبرنا تعالى عن عظمة القرآن وجلالته وعمومه وأنه تعالي بيّن ونوّع للناس فيه من كل الأمثال ليتعظوا ويؤمنوا ، ولكن الإنسان كثير المجادلة وخاصة -الكافر- يظهر منه المجادلة بغير الحق..

55–وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ قُبُلاً 

–وما منع الناس من الإيمان برسالة محمد ﷺ والقرآن ومن ثم طلب المغفرة لذنوبهم لنقص بيان القرآن أو لقصور حجته ..  فقد ضُرِبت لهم الأمثلة في القرآن ، وجاءتهم الحجج الواضحة..

–وإنما منعهم ظلمهم وطلبهم - بتعَنُّت - إيقاع عذاب الأمم السابقة عليهم ، ومعاينة العذاب الذي وعدوا به عِيانًا . 

56–وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُواً 

–ويخبرنا تعالي أنه لم يرسل الرسل إلا مبشرين لأهل الإيمان والطاعة بالجنة ومنذرين للكافرين بالنار ويجادل الذين كفروا بالباطل: مثل قولهم أبعث الله بشرا رسولا ونحوه ليبطلوا بجدالهم الحق: القرآن.. واتخذوا آيات القرآن الكريم وما أنذروا به من النار هزوا: سخرية واستهزاء ..

57–وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً 

–ولا أحد أشد ظلمًا ممن ذُكِّر بآيات ربه، فلم يَعْبأ بما فيها من وعيد بالعذاب، وأعرض عن الاتعاظ بها، ونسي ما قدّم  في حياته الدنيا .. من الكفر والمعاصي ولم  يتب منها فهذا أعظم ظلما من المعرض الذي لم تأته آيات الله لأنه علي بصيرة وعلم ..

–فعاقبه ربه، بأن سد عليه أبواب الهداية فجعل على قلبه أكنة: أي أغطية محكمة .. تمنع من أن تصل الآيات إلى قلبه وإن سمعها ، وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا : أي صمما يمنعهم من سماعها علي وجه الانتفاع وإذا كانوا بهذه الحالة .. فلن يستجيبوا لما تدعوهم إليه أبدًا .. فليس لهدايتهم سبيل.

58–وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً 

وربك الغفور لذنوب عباده -إذا تابوا- ذو الرحمة بهم .. فلو أنه تعالى أراد أن يعاقب المعرضين عن آياته لعجّل لهم العذاب - في الحياة الدنيا - لكن ربهم غفور رحيم أخر عنهم العذاب ليتوبوا  وإن لهم موعد في يوم القيامة يجازون فيه علي أعمالهم .. لن يجدوا من دونه ملجأ يلجئون إليه.

59–وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً 

 –إن الله رؤوف بأمة محمد  كي لا نعذب كالأمم السابقة فأنزل تحذيره لكفارها. 

وتلك القرى القريبة منكم يا - أهل مكة - مثل قوم هود، وصالح، ولوط، وشعيب أهلكناها حين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي وجعلنا وقتا محددا  لاهلاكهم.. لا يتقدمون عنه ولا يتأخرون. فاحذروا أن تكونوا مثلهم .. وأمهلهم للتوبة.  

60–وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً

الفتنة الثانية: قصة موسى عليه السلام والعبد الصالح 

–واذكر -أيها الرسول- حين قال نبي الله موسى لخادمه يوشع بن نون: لا أزال أسير معك حتى أصل إلي ملتقى البحرين -وهي علامة- نبأه الله بها ليعرف مكان العبد الصالح: الخضر .. 

–أو أمضي حقبا: أو أسير زمنًا طويلًا إلى أن ألقى العبد الصالح ! لأتعلم منه ما ليس عندي من العلم ..

61–فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً 

فسارا معا موسي عليه السلام وفتاه .. فلما وصلا ملتقى البحرين نسيا الحوت .. وقد وعده الله أنه متي فقد الحوت فسوف يجد مكانه ذلك العبد الصالح الذي قصده ..

–واتخذ الحوت طريقًا في البحر - سربا -: بشكل عجيب ومعجزة .. حيث انساب في الماء كالنفق في الأرض (السرب)، فترك أثرًا لا يلتئم، ومن ثم يعرف مكانه.. 

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–من عظمة القرآن أن فيه كل طريق موصل إلى الخير، وكل طريق يعصم من الشر ..

في الآيات تخويف لمن ترك الحق بعد علمه وعاقبته أنه يحال بينه وبين الهداية .. 

–فضيلة العلم والرحلة في طلبه، واغتنام لقاء الفضلاء والعلماء وإن بعدت أقطارهم.

–من حكمة الله أن تقييضه المبطلين المجادلين الحق بالباطل من أعظم الأسباب إلى وضوح الحق.

  




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-