شائع

تفسير سورة الكهف صفحة 298 من الآيات (35 - 45) .. وفوائد الآيات

التفسير  

35–وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً

–الفتنة الأولي: وهي فتنة صاحب الجنتين 

ودخل الكافر حديقته وفي صحبته المؤمن ليريه إياها ، وهو ظالم لنفسه بالكفر وبالعُجْب ، وقال ما أعتقد أن تَهْلِك هذه الحديقة ، التي تشاهدها الآن مدى الحياة؛ بما قد اتخذته لها من أسباب البقاء والعمارة.. 

35–وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنقَلَباً

–ثم استطرد حديثه وقال : وما أظن أن القيامة حادثة إنما هي حياة مستمرة وعلى فرض حدوثها - كما تزعم أيها المؤمن - فإذا بُعِثْت يوم القيامة وأُرْجِعْت إلى ربي لأجدنّ بعد البعث ما هو أفضل من حديقتي هذه فكوني غنيًّا في الدنيا يقتضي أن أكون غنيًّا بعد البعث.

37–قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً 

وفي هذه المحاورة دليل على أن القادر على ابتداء الخلق، قادر على إعادته.

–رد عليه صاحبه المؤمن ، وهو يراجعه في الكلام وقال: أكفرت بالذي خلق -أباك آدم- من تراب ، ثم -خلقك أنت- من المني ثم - سَوَّاك بشرًا- معتدل القامة والخَلْق؟ فالذي قدر على ذلك كله ، قادر على بعثك.

38–لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً 

–ثم قال المؤمن: لكن أنا لا أقول بمقالتك الدالة على الكفر هذه، وإنما أقول : إن الله سبحانه ربي هو المتفضل وحده بنعمه علي، ولا أنسب شيء إلي نفسي ، ولا أشرك به أحدًا في العبادة.

39–وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً 

40–فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنْ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً 

41–أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً 

–وهلَّا قد دخلت أنت علي حديقتك بالكفر والعجب وعندما أنا دخلتها فقد دخلتها بالحمد فقلت: ما شاء الله لا قوة لأحد إلا بالله علي تحصيلها ومع هذا فإن كنت تراني أفقر منك وأقلّ أولادًا.

–فعسى ربي سبحانه ، أن يعطيني أفضل من حديقتك هذه، ويسلبك هذه النعمة؛ لكفرك به، ويرسل على حديقتك عذابا من السماء، فتصبح أرضًا ملساء جرداء لا تثبت عليها قدم، ولا ينبت فيها نبات 

–أو يصير ماؤها الذي تُسقى منه غائرًا في الأرض فلا تقدر على إخراجه، وإذا غار ماؤها فلا بقاء لها

42–وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً 

وتَحَقَّق ما توقعه المؤمن فأحاط الهلاك بثمار حديقة الكافر وأصبح الكافر يقلب كفيه من شدة الحسرة والندم على ما أنفق فيها .. من أموال لعمارتها وإصلاحها 

–وأصبحت الحديقتين خاويتان قد سقط بعضها على بعض، وقال متحسرا : يا ليتني عرفت نِعَمَ الله وقدرتها فلم أشرك به أحداً.. وهذا ندم وحسرة ولكن بعد فوات الأوان.

43–وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً

–ولم تكن لهذا الكافر - جماعة - ممن افتخر بهم يمنعون ما حل به من عقاب الله له ، وما كان هو ممتنعًا بنفسه وقوته من إهلاك الله لحديقته. 

44–هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً 

في مثل هذه الشدائد تكون الولاية والنصرة لله الحق، فهو سبحانه -خيرٌ ثوابًا- لأوليائه المؤمنين فهو يضاعف لهم الثواب - وخير عاقبةً - لهم.

45–وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً 

–ضرب الله تعالي مثالا للحياة الدنيا كي لا يغتر العبد بها. 

واضرب أيها الرسول للناس صفة الحياة الدنيا التي اغترُّوا بها في بهجتها وسرعة زوالها فهي : كماء أنزله الله من السماء .. فأخرج بهذا الماء نباتا بإذنه وصار مُخْضرًّا..

–وما هي إلا مدة يسيرة حتى يصير هذا النبات يابسًا متكسرًا تنسفه الرياح إلى كل جهة. وكان الله على كل شيء مقتدرًا، لا يعجزه شيء فيحيي ما يشاء ويفني ما يشاء.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–على المؤمن ألا يغتر بغني الكافر، وعليه نصحه وإرشاده شكر نعم الله وأفضاله عليه.

ينبغي لكل من أعجبه شيء من نعم الله أن يقول: ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ .. 

–إذا أراد الله بعبد خيرًا عجل له العقوبة في الدنيا.

–جواز الدعاء بتلف مال من كان ماله سبب طغيانه وكفره وخسرانه.


 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-