شائع

تفسير سورة الكهف صفحة 297 من الآيات ( 28 - 34) .. وفوائد الآيات

التفسير
28–وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً

–وإن كان هذا الخطاب موجه للنبي  فهو موجه للأمة بصفة عامة
–يأمر تعالى نبيه محمدا ﷺ بصحبة الأخيار الذين يدعون ربهم أول النهار وآخره يريدون بذلك وجه الله ومجاهدة النفس على صحبتهم .. وإن كانوا فقراء ولا تتجاوز عيناك عنهم، كي تريد مجالسة أهل الغنى والشرف.

–ولا تطع - أيها النبي - من جعلنا قلبه غافلًا عن ذكرنا وصار تبعا لهواه وحيث ما اشتهت نفسه فعله وقَدَّم اتباع ما تهواه نفسه على طاعة ربه فكانت أعماله ضياعًا وصار ضالا خاسرا.

وفي الآية، استحباب الذكر ، والدعاء ، والعبادة طرفي النهار، لأن الله مدحهم بفعله، وكل فعل مدح الله فاعله ، دل ذلك على أن الله يحبه ، وإذا كان يحبه فإنه يأمر به، ويرغب فيه..

29–وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً 

ذكر الله ما أعدّه للظالمين من عذاب، فقال تعالي:-

وقل -أيها الرسول- لهؤلاء الغافلين: اللاهية قلوبهم عن ذكر الله إن ما جئتكم به هو الحق من ربكم ..
١–فمن أراد منكم أن يصدقه ويعمل به، فليفعل فهو خير له
٢–ومن أراد أن يكفر به فليفعل، فإنه ما ظَلَم إلا نفسه.

–وقد بين تعالي جزاء من يكفر بما أنزل علي محمد  وبين حالهم وشرابهم، فقال تعالي:-

–إنا أعتدنا للكافرين .. نارًا شديدة أحيطت بسور فليس لهم منفذ ، ولا طريق ، ولا مخلص منها، وإن يستغث هؤلاء الكفار بطلب الماء مِن شدة العطش، يُؤتَ لهم بماء - كالزيت العَكِر - شديد الحرارة يشوي وجوههم.

–قَبُح شراب أهل النار ! الذي لا يروي ظمأهم بل يزيده ، وقَبُحَتْ النار ! منزلا لهم ومقامًا وفي هذا - وعيد وتهديد - شديد لمن أعرض عن الحق فلم يؤمن برسالة محمد  ولم يعمل بها..   

30–إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً 

ولما ذكر الله ما أعدّه للظالمين من عذاب ذكر ما أعدّه للمؤمنين من ثواب كريم، فقال تعالي:-

إن الذين آمنوا بالله ورسوله محمد  وعملوا الأعمال الصالحات أي: أنهم جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح فلهم ثواب عظيم، إنا لا نضيع أجر من أحسن عملًا ولا ننقصها على ما أحسنوه من العمل.

31–أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً 

–أولئك الموصوفون بالإيمان وعمل الصالحات لهم جنات إقامة يقيمون فيها أبدًا .. تجري من تحت منازلهم أنهار الجنة العذبة ويَلْبَسون ثيابًا ذات لون أخضر نسجت من رقيق الحرير وغليظه، يتكئون فيها على الأرائك: وهي الأسِرَّة المزدانة بالستائر  الجميلة نِعْمَ الثواب ثوابهم، وحَسُنتِ الجنة: مكانا ومقامًا يقيمون فيه.

32–وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً 

يقول تعالى لنبيه ﷺ اضرب للناس مثل هذين الرجلين، وهما:- 
١–الشاكر لنعمة الله ..
٢–والكافر لنعمة الله ..
–وما صدر من كل منهما، من الأقوال والأفعال، وما حدث لهما من العقاب والثواب ؛ ليعتبروا بحالهما ويتعظوا بما حدث لهما !

–ولقد جعلنا للكافر جنتين: حديقتين من أعناب وأحطناهما بنخل كثير، وأنبتنا وسطهما زروعًا مختلفة نافعة ليقتات به.

33–كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً 

–كلتا الجنتين : أثمرت كل حديقة منهما ثمارها من تمر وعنب وزرع، ولم تنقص منه شيئًا، ولم تتعرض لهما آفة أو نقص، وفي هذا غاية منتهى زينة الدنيا، فأعطته وافيًا كاملًا، وأجرينا بينهما نهرًا يجري لسقيهما بسهولة ويسر.

34–وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً 

–وكان لصاحب الحديقتين أموالا ، وأولادا ، وثمار أخرى .. بينما صاحبه المؤمن لم يكن لديه شيئاً، فقال الكافر لصاحبه المؤمن وهو يتحاور معه في الحديث ، والغرور يملؤه: أنا أكثر منك أموالًا وأعز منك أنصارًا وأقوى عشيرة .. وقد نسي آخرته.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–فضيلة صحبة الأخيار، ومجاهدة النفس على صحبتهم ومخالطتهم وإن كانوا فقراء؛ فإن في صحبتهم من الفوائد ما لا يُحْصَى.

–كثرة الذكر مع حضور القلب سبب للبركة في الأعمار والأوقات.

–إن الإيمان مع العمل الصالح؛ لقد رتب الله عليهما الثواب في الدنيا والآخرة.


 






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-