–تقص علينا سورة الكهف: خمس قصص من أروع قصص القرآن الكريم ، قال تعالي: ﴿ نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ﴾
1- فتنة الدين : في قصة أصحاب الكهف
2- قصة إبليس : واستكباره وكفره
3–فتنة المال والأولاد: قصّة صاحب الجنّتين
4– فتنة العلم : قصّة سيدنا موسى والخضر
5- فتنة السلطة : في قصة ذي القرنين
♦♦♦♦♦
1–قصة أصحاب الكهف
–في الزمن البعيد كان يوجد قوم يعبدون الأصنام وكان لهم ملك ظالم من لا يطيعه في عبادة الأصنام يعذبه عذاباً شديداً. وكان يوجد فتية من سادة القوم آمنوا بالله وحده ونبذوا عبادة الأصنام ..
–واختاروا كهف الرقيم ليعبدوا الله فيه حتى لا يراهم قومهم ، وبعد فترة علم الملك الظالم بإيمان هؤلاء الفتية وهددهم بالقتل .. إذا لم يتراجعوا وأعطاهم بعض الوقت ليعدلوا عن فكرهم وإيمانهم...
–وكان هذا رحمةً من ربهم .. لأنهم استغلوا هذه الفرصة للفرار بدينهم من المدينة .. إلي الكهف واصطحبوا معهم كلبهم، وسألوا الله كي ينشر عليهم من رحمته في الكهف فلا حياة هناك وهم أبناء الملوك وسادة القوم ..
–فاستجاب لهم ربهم وأنزل عليهم من رحمته ويسر لهم أمرهم في الكهف وجعلهم ينامون ٣٠٩ سنة وأوقف لديهم حاسة السمع حتى لا يسمعون .. شيئا وحافظ علي أجسادهم فأمر الشمس أن تميل عن أجسادهم فلا يتأثروا بها
–وكانوا في فجوة وسط الكهف كي يدخل عليهم الهواء من كل جانب وأعينهم مفتوحة يحسبهم الناظر مستيقظين، وكان يقلب أجسادهم يمينا ويسارا حتى لا تأكل الأرض أجسادهم .. وكلبهم نائم على باب الكهف باسط ذراعيه؛ ليقذف الله في قلب كل من ينظر إليه الرعب؛ حتى لا يعتدي عليهم أحد
–وبعد مرور ٣٠٩ عام: إستيقظ الفتية من نومهم وهم يتساءلون عن المدة التي مكثوا فيها داخل الكهف فالوا ربما لبثنا يوم أو جزء منه .. إن الله أعلم منا ، وأصبحوا وهم جائعون لأنهم قد ناموا كثيراً.. ثم قال قائل منهم: أرسلوا أحد منكم إلى المدينة بهذه النقود الفضية ؛ ليشتري لنا خير الطعام وأطيبه..
–وعليه التلطف في دخول المدينة حتى لا يشعر بكم أحدا فإنهم إن تعرفوا عليكم سوف يقومون بإلقاء الحجارة عليكم ، أو أن يجبروكم علي ترك دينكم كي تدخلوا في ملتهم وإن فعلتم هذا فلن تفلحوا إذاً أبداً ،
–وذهب أحدهم ليحضر لهم الطعام .. فوجد كل شيء قد تغير وتبدل المكان والشوارع والناس ولم يعرف السبب في ذلك! وبعد جهد كبير وجد الشاب مكانا ليشتري منه الطعام ووجد البائع متعجباً من شكله ومن شكل النقود؟ فقال له الشاب: إنه المال الذي نتعامل به وهذه صورة الملك عليه.
–تعجب البائع قائلاً له : إن هذه صورة الملك الظالم ، فقد مات منذ أكثر من ٣٠٠ سنة فتعجب الشاب من كلام البائع .. ثم تجمع الناس حوله وأخذوه إلى الملك الجديد في ذاك الوقت فسأله الملك عن شأنه فأخبره الشاب بما حدث له في تلك الفترة ..
–فتعجب السلطان من قصة الشاب، وقرر أن بذهب معه إلي الكهف ليري بنفسه .. وعندما وصلوا إلي الكهف، استأذن الشاب الملك في أن يدخل هو أولاً كي يخبر أصدقائه بما حدث له والتغيرات التي حدثت ..
–ثم دخل الملك الكهف ورأي الفتية وعانقهم وافتخر بهم جميعًا وبموقفهم من دينهم وأدرك أنه أمام معجزة ثم تركهم ليعودوا إلى مرقدهم علي أن يعود إليهم في الصباح الباكر..
–ولم يلبث الفتية بعد خروج الملك .. أن يموتوا جميعاً في نفس اللحظة ، وعندما علم الملك بذلك الأمر حزن حزنا شديدا ثم أمر الملك ببناء مسجد أعلى هذا الكهف حتى تكون قصة الفتية عبرة علي إظهار قدرة الله على فعل المعجزات
–وأنزل الله تعالي سورة كاملة بقصتهم لتكون تخليدا لذكراهم .. وجعل كل من يقرأها في ليلة الجمعة نورا بين الجمعتين..
♦♦♦♦♦
2–قصة آدم عليه السلام وإبليس
–بدأت هذه القصة بالكبر والحسد ، إذ قال الله تعالي للملائكة: اسجدوا لآدم وكان سجود تحية لا عبادة فسجد الملائكة كلهم امتثالا لأمر الله إلا إبليس أبى واستكبر فكان من الكافرين ..
–لهذا يعاتب الله عباده عن موالاتهم للشيطان وذريته فيقول تعالي: أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو .. بئس للظالمين بدلا ؟! أي: أتطيعونهم من دوني وهم أعداء لكم فكيف تتخذون أعداءكم أولياء لكم ؟!
–إن الله تعالي هو المنفرد بالخلق والتدبير قال تعالي مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا إن هؤلاء المضلين وأعوانهم ، لم يشهدوا خلق السموات والأرض ولم يشهدوا خلق أنفسهم فكيف يكونون خالقين ؟! بل الله خالق الأشياء كلها وهو المتصرف فيها بحكمته، فكيف يجعل له شركاء من الشياطين ؟!
♦♦♦♦♦
3–قصة صاحب الجنتين
–تدور أحداث هذه القصة بين رجلان الرجل الأول: رجل مؤمن وفقير لم يمن عليه الله تعالي بأموال ولا بنين لكن أنعم عليه بنعمة بالإيمان، والرجل الثاني: أعطاه الله أموالا كثيرة وبنين .. وقد رزقه بحديقنين رائعتين مزروعتان بالأعناب والنخيل وتنتجا أجمل أنواع الثمار .
–ومع تلك النعم لم يشكر صاحب الجنتين ربه ولم يحافظ على ما أتاه الله فامتنع عن اخراج الزكاة والصدقة، وكان يظن أن هذهِ النعمة لن تَزول وادعى أنه سيجد أفضل منها عند الله لا إيمانًا بالله بل تكبرًا منه ؛ لأنه كان يظنُ أن له الأفضلية بماله وأولاده على الرجل الفقير ومن مثله ..
–وأخذ صاحب الجنتين يستعرض ما عنده من نعم.. ويتكبر بها علي جاره الفقير الذي لا يملك مثله ، ولكن تمسك الرجل الفقير بإيمانه بربه الراسخ، وقال للغني:-
–إن شكر الله تعالى وتقديم المشيئة عند قدوم الخير أمر واجب ،وأن الصحيح إذا دخل الإنسانُ أملاكاً لهُ أن يقول : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، وإن كنت تظن أنك أغنى مني .. مالًا وولدًا فالله قادر على أن يعطيني خيرًا من جنتك أو يعصف بها فلن تجدها ..
–وأخذ يحذر صاحب الجنتين من غضب الله عليه وبالفعل أتى عقاب الله فأرسل تعالي على جنتيه صاعقةً شديدة دمّرتهما .. وأهلكت الثمار وندم صاحب الجنتين علي ما فعله .. ولكن بعد زوال النعم.
♦♦♦♦♦
4–قصة موسي عليه السلام والخضر
–خرج موسى عليه السلام يوماً في بني إسرائيل يخطب فيهم، فسأله أحدهم عن أي الناس أعلم فأجاب موسى عليه السلام: أنا، فعاتبه الله لأنَّه نسب العلم لنفسه .. ولم يرجعه إلى الله وأوحي إليه أنَّ هناك من هو أعلم منك يا موسى
–أراد موسى عليه السلام .. أن يتعرف إلى العبد الذي هو أعلم منه .. وقد سأل الله أن يدلَّه عليه فأخبره تعالى بعلامة يَعرف بها مكان هذا العبد وهي أن يأخذ حوتاً معه .. فإذا فَقَدَ الحوت يكون هذا هو مكان العبد ..
–وبهذه العلامة عزم موسى عليه السلام على الخروج وأخذ معه فتاه: خادمه ويقال أن اسمه يُوشع وأخذا معهما الحوت، وطلب موسى عليه السلام من خادمه أن يخبره عندما يفقدا الحوت ليتعرف علي من هو أعلم منه! فوافق الفتي.
–لمَّا وصلا إلى صخرة بجانب البحر، نام موسى عليه السلام وفي هذه الأثناء قفز الحوت في الماء وظلَّ في مكانه لا يتحرَّك، ولم يكن يُوشع قد نام بعد، فلم يَرِد أن يوقظ نبي الله وقال أنه سيخبره بعد أن يستيقظ وبعدها نام يُوشع هو الآخر، ونسيَ يُوشع أن يخبر موسى بخبر الحوت
–ولمَّا استيقظا أخذا يسيران يوماً وليلة، وبعد هذا المسير الطويل طلب موسى عليه السلام من خادمه يُوشع أن يحضر لهما الطعام، فتذكَّر يُوشع عندها موضوع الحوت، فأخبره أنَّه نَسَِي أن يخبره بسبب الشيطان، فقال له موسى إنَّ هذا هو المكان الذي نبحث عنه، فرجعا يبحثان عن مكانهما السابق، وعندما وصلا إليه، وجدا رجلا مغطَّى بثوب، وإذ به الخضر.
–عندما التقي موسى عليه السلام بالخضر أخبره بأنَّه جاء ليتعلَّم منه علماً اختصَّه الله تعالي به ولا يعلمه موسى، فردَّ الخضر بأنّه لن يستطيع تحمُّل ذلك؛ لأنَّ ذلك فوق طاقته، ولكن موسى عليه السلام أصرَّ وقال: أنَّه سيكون عند حُسن ظنِّ الخضر ولن يخالفه في أيٍ أمر يأمره به.
–وافق الخضر على مُصاحبة موسى عليه السلام معه وتعليمه إياه شريطة .. أن لا يسأله عن أيِ شيءٍ يَستغربه مما يحدث حتى يخبره هو بنفسه عن تفسيره .. ووافق موسى عليه السلام على هذا الشرط تأدباً مع معلمه ..
–بعد أن انطلق موسى والخضر عليهما السلام وصلا إلى شطِّ البحر، وجاءت سفينة فعرف أصحاب السفينة الخضر، فتوقفت وحملوهما معهما في سفينتهم من غير أن يأخذوا منهما أجراً على ذلك، وبينما هم في وسط البحر، أخذ سيدنا الخضر لوحاً من ألواح السفينة واقتلعه من مكانه.
–فتفاجأ سيدنا موسى وأسرع يضع ثوبه مكان اللّوح كي لا تغرق وقال للخضر: كيف تفعل ذلك لهؤلاء الذين حملونا في سفينتهم من غير أجر؟ أنت ستغرقهم؟ وكان هذا أوّل اختبار لموسي عليه السلام فذكَّره الخضر بالاتفاق الذي حدث بينهما ، فتذكَّر موسى عليه السلام واعتذر له عن النسيان.
–بعد أن نزلوا من السفينة، وأخذا يمشيان وإذا بغلمانٍ يلعبون، فأخذ الخضر أحد هؤلاء الغلمان وقتله، وألقاه على الأرض، وهنا بلغ التعجُّب من موسى عليه السلام مبلغاً كبيراً، فاعترض قائلا: كيف تقتل هذا الغلام الذي لم يقترف إثماً بعد ؟ إنَّ هذا الأمر مُنكر لا يمكن السكوت عنه.
–وإن هذا هو الاختبار الثاني لموسى عليه السلام وهنا أعاد سيدنا الخضر التّذكير لموسى بالاتفاق المُبرم بينهما، وقال لموسى عليه السلام إنَّ هذه آخر فرصةٍ لك؛ فإن خالفت المرَّة القادمة فلا عُذر لك، وكان حقاً للخضر أن يتركه.
–بعد ذلك انطلقا يمشيان حتى وصلا إلى قريةٍ أهلها لا يُطعمون الجائع ولا يُضَيِّفون الضيوف، وبينما هم يمشون، وجدا جداراً مائلاً للسقوط، فأقامه الخضر وأعاد بناؤه، فتعجَّب موسى عليه السلام من ذلك وقال له : لو أنَّك أخذت أجراً على عملك هذا؛ وكانت هذه آخر فرصة لموسى عليه السلام، فرَّد الخضر بأنَّ هذا موعد فراقِنا، لعدم صبرك، وعدم تنفيذك الشرط. وقد فسّر سبب ما حدث له:- وأخبر الخضر موسى أنّ كلّ ما فعله كان بأمرٍ من الله وليس من رأيه.
–قصَّة خرق السفينة: لأنّها لمساكين يعملون عليها وكان هناك مَلكٌ ظالمٌ يستولي على جميع السفن الصالحة التي ليس فيها عيوب، ولذلك أحدث فيها الخرق.
–قصة قتل الغلام: حتى لا يرهق ويعذب والداه لأنّه سيكون كافرًا وأبواه مؤمنين، فلعلَّ الله أن يبدلهما خيراً منه.
–قصة الجدار: كان تحته كنزٌ لطفلين خبّأه أبوهم لهما حتي يكبرا وكان آيلاً للسقوط .. وقد أقامه الخضر حتى لا يضيع مال الطفلين.
♦♦♦♦♦
5–قصة ذو القرنين
–ذُو القَرنَين: كان ملكًا عادلًا بنى السد على يأجوج ومأجوج ليدفع به الأذى .. الذي كان يأتي منهم ولقد سمي بهذا الاسم ليس لوجود قرنين أو ما شابه ذلك بل لأنه ملك الأرض من المشرق إلي المغرب وأعطاه الله من كل أسباب النصر ..
–الرحلة الأولي: إلي الغرب لقد تحرّك ذو القرنين بجيوشه إلى المغرب حتي انتهى إلى عين ماء ورأى عندها قوما ظالمين خيّره الله بين قتالهم أوإمهالهم فقرر أنه سوف يرشدهم إلي طريق الحق وبعد ذلك يمهلهم ..
–وأعلن أنه سيعاقب المعتدين الظالمين في الدنيا بالأعمال الشاقة والضرائب .وفي الآخرة فسوف يرد إلي ربه فيعذبه عذابا شديدا. وأما من آمن، فسيكرمه ويحسن إليه. وحكم فيهم مدة أقام فيها صرح العدل وأرسي فيها قواعد حكمه.
2- الرحلة الثانية: إلي المشرق وصل ذو القرنين بجيشه إلي أرض مكشوفة للشمس ليس بها أشجار ولا مرتفعات تحجب عنهم الشمس ولا يمتلكون مساكن فعلمهم كيف يزرعون أشجارا تظلهم، وكيف يبنون أبنيه ويحتمون بها وأقام فيهم صرح العدل ثم تركهم ..
3– الرحلة الثالثة: بين السدين وهو مكان يقع بين جبلين يسكنه قوم مؤمنين كانوا يتحدثون بلغة غريبة وصعبة وكانت قبيلة يأجوج وماجوج تغير عليهم وتنهب خيراتهم .. فطلبوا من ذي القرنين أن يبني لهم سدا يحميهم من هجومهم وعرضوا عليه المال لكنه رفض وقال إن ما عند الله خير من أموالهم
–وقد بدأ العمل: واستخدم ذو القرنين وسيلة هندسية مميزة لبناء السّد، فقد قام أولا بجمع قطع الحديد ووضعها في الفتحة حتى تساوى الركام مع قمتي الجبلين، ثم بعدها أوقد النار على الحديد، ثم سكب عليه نحاسا مذابا ليلتحم وتشتد صلابته.
–فسدّت الفجوة،وتم بناء سد أملس منيع قوي يصعب كسره أو تسلقه أو نقبه، وبهذا قد سد الطريق على يأجوج ومأجوج ومن ذلك الزمن وهم محبوسين في مكانهم حتي الآن وخروجهم منه سيكون من علامات الساعة الكبري
–وبعد أن انتهى ذو القرنين من هذا العمل الجبار نظر للسّد وحمد الله على نعمته وقد ردّ الفضل والتوفيق في هذا العمل لله سبحانه فلم تأخذه العزة، ولم يسكن الغرور قلبه.
–ورغم الفتوحات التي فتحها ذو القرنين وحكمه الشاسع إلا أنه لم يكن هدفه الجمع المادي؛ بل كانت الدعوة إلى الله ورفع الظلم .. ويظهر ذلك من عدم استغلاله للأشخاص ، والجماعات التي كان يمر بهم ويساعدهم. وهذه القصة يجب أن يتّعظ منها الحكام ، ومن لديه السلطة .. سواء كان في عمله أو في بيته أو مهما كانت سلطته فالرفق والرحمة، والتواضع من صفات الحكام..