28–وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً
–وإن أعرضت عن إعطاء .. هؤلاء المذكورين من ذي القربى والمساكين وابن السبيل لعدم وجود كفاية من الرزق لديك فقل لهم قولا لينا سهلا بأن تعدهم بالإعطاء عند مجيء الرزق ، أو تدعو لهم بسعة الرزق ..
–لكي ينقلبوا من عندك وهم مطمئنة خواطرهم كما قال تعالي: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ..
29–وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً
–نهي الله تعالي عن البخل ونقيضه: التبذير، فجاء الإسلام بقوله تعالي "وكذلك جعلناكم أمة وسطا"
–ولا تمسك يدك عن الإنفاق .. في سبيل الخير مضيِّقًا على نفسك، وأهلك، والمحتاجين .. وهذا مثال عن البخيل الذي لا يقدر من إخراج أي شيء من ماله؛ فضرب له مثل - الغل - الذي يمنع من التصرف باليد.
–ولا تسرف في الإنفاق .. فتعطي فوق طاقتك، فتصبح نادمًا على تبذيرك وضياع مالك وإن هذا مثال عن المبذر فإن -بسط اليد- يذهب ما فيها من مال، فتقعد ملومًا يلومك الناس ويذمونك علي ما ضيعت..
30–إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً
–إن ربك يوسِّع الرزق على بعض الناس كما أنه يضيِّقه على بعضهم .. لحكمة بالغة - لا يعلمها إلا هو - إنه كان بعباده خبيرًا بصيرًا لا يخفى عليه شيء منهم، فيصرف أمره فيهم كيف يشاء.
31–وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً
–نهي الإسلام الوالدين عن قتل أولادهم سواء كانوا أجنة في بطون أمهاتهم أم أطفال
–ولا تقتلوا أولادكم خوفًا من الفقر مستقبلًا إذا أنفقتم عليهم فهو تعالي - الله - يتكفل برزقهم ويتكفل أيضاً برزقكم أنتم، إن قتلهم كان إثمًا كبيرًا؛ إذ لا ذنب لهم ولا سبب يستوجب قتلهم.
–وهذا من رحمته بعباده حيث كان أرحم بهم من والديهم، فنهى الوالدين أن يقتلوا أولادهم خوفا من الإملاق: الفقر وتكفل برزق الجميع.
32–وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً
–واحذروا الزنى -وتجنبوا ما يشجع عليه- إنه كان متناهيًا في القبح أي: إثما يستفحش في الشرع والعقل والفطرة
–إنه ساء طريقًا لما فيه من التجري على الحرمة في حق الله وحق المرأة ، وحق أهلها ، أو زوجها ، وافساد للفراش ، واختلاط الأنساب وغيرها من المفاسد الدينية، والأخلاقية، والإجتماعية، ومن عذاب الله ..
33–وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً
–ولا تقتلوا النفس التي حرم الله قَتْلها إلا بالحق الشرعي كالقصاص أو رجم الزاني المحصن وهو المتزوج أو قتل المرتد عن دينه.
–ومن قُتِل بغير حق شرعي فقد جعلنا لولي أمره مِن وارث أو حاكم - حجة - في طلب قَتْل قاتله أو طلب الدية ..
–ولا يصح لولي أمر المقتول أن يجاوز حدَّ الله في القصاص كأن يقتل بالواحد اثنين أو جماعة، أو يُمَثِّل بالقاتل ..
–إن الله معين وليَّ المقتول على القاتل حتى يتمكن مِن قَتْله قصاصًا ، أو الدية.
34–وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً
–ولا تتصرَّفوا في أموال الأطفال اليتامي الذين مات آباؤهم وصاروا في كفالتكم، إلا بالطريقة التي هي أحسن لهم كالاستثمار..أو التجارة أو حفظ ماله حتى يبلغ الطفل اليتيم أشده: سن الحلم ويكتمل عقله، ورشده حتي لا يضيع ماله فإذا بلغ أشده زالت عنه الولاية .. وصار هو ولي نفسه ودفع إليه ماله.
–وأتموا الوفاء بكل ما التزمتم به من عهود تجاه خالقكم أو خلقه – عاهدتم به الله ، أو عاهدتم به الناس – إن الله يسأل صاحب العهد عن عهده يوم القيامة، فيثيبه إذا أتمه ووفَّاه، ويعاقبه إذا خان فيه.
35–وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
–وهذا أمر بالعدل: وأتموا الكيل، ولا تنقصوه إذا كِلْتم لغيركم، وزِنوا بالميزان السوي، إن العدل في الكيل والوزن خير لكم في الدنيا، وأحسن لكم عاقبة عند الله في الآخرة.
–ويؤخذ من عموم المعنى النهي عن كل غش في سلعة، أو مثمن، أو معقود عليه ، والأمر بالنصح والصدق في المعاملة.
36–وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً
–ولا تتبع - يا ابن آدم - ما ليس لك به علم من عورات الناس بل تأكَّد وتثبَّت في كل ما تقوله وتفعله إن الإنسان مسؤول عما استخدم فيه سمعه ، وبصره ، وفؤاده ، فإذا استعمَلها في الخير نال الثواب، وإذا استعملها في الشر نال العقاب.
37–وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً
–ولا تمش في الأرض تكبرًا واختيالًا، فإنك لن تَخْرِق الأرض إذا مشيت عليها متعاليًا .. ولن تصل قامتك إلي الجبال طولًا وارتفاعًا .. إذا مشيت خيلاء ، وتكبرًا ، فعلامَ التكبر ، إذن؟!
38–كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً
–( كُلُّ ذَلِكَ ) المذكور من أوامر ونواهٍ .. من قوله تعالي :( وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ، والنهي عن عقوق الوالدين) حتي هذه الآية ( كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ) أي: كل ذلك ممنوعًا، لا يرضى الله عن مرتكبه، بل يبغضه.
♦♦♦
مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
–الأدب الرفيع رد ذوي القربى بلطف، ووعدهم بالصلة عند اليسر، والاعتذار بما هو مقبول.
–الله أرحم بالأولاد من والديهم؛ فنهى الوالدين أن يقتلوهم خوفًا من الفقر وتكفل برزق الجميع.
–في الآيات دليل على أن الحق في القتل للولي، فلا يُقْتَص إلا بإذنه، وإن عفا سقط القصاص.
–من لطف الله ورحمته باليتيم أن أمر أولياءه بحفظه وحفظ ماله وتنميته حتى يبلغ أشده