8–عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً
–في هذه الآية، تحذير لهذه الأمة من العمل بالمعاصي؛ لئلا يصيبها مثل ما أصاب بني إسرائيل، فسنن الله واحدة لا تتبدل ولا تتغير.
–عسى ربكم - يا بني إسرائيل - أن يرحمكم بعد هذا الانتقام الشديد لكم ذلك - إن تبتم إلي ربكم وأحسنتم أعمالكم .. أما إن رجعتم إلى الإفساد مرة أخري رجعنا إلى الانتقام منكم .. ولقد جعلنا جهنم لكم وللكافرين عامة سجنًا - لا خروج منه أبدا - ..
–وقد عادوا بتكذيب رسوله محمد ﷺ فانتقم الله منهم بقتل .. قريظة، ونفي بني النضير، وضرب الجزية وحروبهم .. وهذا جزاء الدنيا وما عند الله من النكال أعظم وأشنع..
–ومن نظر إلى تسليط الكفرة .. على المسلمين عرف أن ذلك من أجل ذنوبهم عقوبة لهم وأنهم إذا أقاموا كتاب الله وسنة رسوله ﷺ لمكن لهم في الأرض ونصرهم على أعدائهم.
9–إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً
– يخبر تعالى عن شرف القرآن وجلالته، فيقول سبحانه إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ :-
–يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ: ففيه أعدل، وأعلى العقائد ، والأعمال ، والأخلاق، فمن اهتدى بما يدعو إليه القرآن كان أكمل الناس ، وأقومهم وأهداهم في جميع أموره.
–وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ من العبادت والواجبات والسنن، أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا : في الدنيا : بالعيش الرغد .. وفي الآخرة: بالجنة التي أعدها الله لهم ، بما لا يعلم وصفه إلا هو.
10–وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
–ويخبر تعالي: الذين لا يؤمنون بيوم القيامة بما يسوؤهم، وهو أنَّا أعددنا لهم يوم القيامة عذابًا موجعًا.
11–وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً
–ويدعو الإنسان - عند الغضب - على نفسه، أو ولده، أو ماله بالشر، مثل دعائه لنفسه بالخير، وهذا من جهل الإنسان وعجلته..
–ومن رحمة الله أنه يستجيب له في دعائه بالخير دون الشر؛ فلو استجاب دعاءه - بالشر - لهلك وهلك ماله وولده، وكان الإنسان بطبعه عجولا.
12–وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً
–ولقد خلقنا الليل والنهار.. وجعلناهما علامتين دالتين على وحدانية الله وقدرته؛ لما فيهما من الاختلاف في الطول والقصر والحرارة والبرودة ولقد جعلنا الليل مظلمًا للراحة والنوم، وجعلنا النهار مضيئًا يبصر فيه الناس .. فيسعون فيه إلي معاشهم وأرزاقهم ..
–لتعلموا - أيها الناس- بتعاقبهما عدد السنين والشهور والأيام والساعات .. وكل شيء بيَّناه تبيينًا لتتميز الأشياء، ويتضح الحق من الباطل.
13–وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً
–وهذا إخبار عن كمال عدله تعالي، أن كل إنسان يلزمه الله طائره في عنقه..
–أي أن كل إنسان عمله الصادر عنه .. ملازمًا له مثل - ملازمة القلادة للعنق- لا ينفصل عنه حتى يُحاسَب عليه..
–ونخرج له يوم القيامة -كتابه- فيه جميع أعماله من -خير وشر -يجده أمامه مفتوحًا مبسوطًا. فلا يحاسب بعمل غيره ولا يحاسب غيره بعمله.
14–اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً
–ونقول للعبد يوم القيامة: اقرأ -كتاب أعمالك- وما فيه من - خير، وشر - وتولّ حسابك بنفسك وكفى بنفسك محصية عليك ومحاسبًا لها وإن هذا لمن أعظم العدل والإنصاف.
15–مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً
–من اهتدى إلى الإيمان فثواب هدايته له ، ومن ضل فعقاب ضلاله عليه، ولا تتحمل نفس ذنب نفس أخرى .. ولا يعذب الله أحدًا إلا بعد إقامة الحجة عليه .. بإرسال الرسل وإنزال الكتب..
16–وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً
–يخبر تعالى أنه إذا أراد أن يهلك قرية من القرى الظالمة ويستأصلها بالعذاب أمر مترفيها رؤوسائها ، وكبرائها - أمرا قدريا ففسقوا فيها واشتد طغيانهم، ( فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ ) أي: كلمة العذاب التي لا مرد لها ( فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا )
–يخبر الله أنه إذا أراد أن يهلك .. قرية من القرى الظالمة - ويستأصلها بالعذاب - أمر مترفيها رؤوسائها ، وكبرائها - أمرا قدريا ففسقوا فيها واشتد طغيانهم (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ) أي : كلمة العذاب التي لا مرد لها (فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا).
17–وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً
–وهذا إخبار من الله تعالي عن كثرة المكذبين لرسله
–وما أكثَرَ الأممَ المكذبة التي أهلكناها من بعد نوح مثل عاد وثمود ولوط! وغيرهم ممن عاقبهم الله لما كثر بغيهم واشتد كفرهم أنزل الله بهم عقابه العظيم.
–وكفي بربك - أيها الرسول - بذنوب عباده خبيرًا بصيرًا، لا يخفى عليه شيء في الأرض .. ولا في السماء، وسوف يجازيهم علي أعمالهم .. في الدنيا والآخرة.
♦♦♦
مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
–تقرر الآيات مبدأ المسؤولية الشخصية" وكفي بنفسك اليوم عليك حسيبا" عدلًا من الله ورحمة
–من اهتدى بهدي القرآن كان أكمل الناس وأقومهم وأهداهم في جميع أموره.
–التحذير من الدعوة على النفس والأولاد بالشر.
–اختلاف الليل والنهار دليل على وحدانية الله ووجوده وكمال علمه وقدرته.
.