شائع

تفسير سورة النحل صفحة 280 من الآيات (111 - 118) .. وفوائد الآيات

التفسير 

111–يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ 

–وذكر قومك - أيها الرسول - بيوم القيامة يوم تأتي كل نفس - تحاجّ عن نفسها - لا عن غيرها وتعتذر بكل المعاذير عما قدمت في حياتها.. 

ولكن الله يوفي كل نفس جزاء ما عَمِلَتْ من خير وشر من غير ظلم لها، فلا يزيدهم في العقاب، ولا ينقصهم من الثواب ..قال تعالي: "فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون

 112–وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ 

وضرب الله مثلا بلدة "مكة" فقد كانت:-

– بلدة ليس فيها زرع ولا شجر، ولكن الله يسر لها رزقها يأتيها من كل مكان هنيئًا سهلا بدون جهد أو عناء .

–وأمنها من كل الاعتداءات لا تهاج (مطمئنة)، لا يحتاج أهلها إلى الانتقال عنها لضيق أو خوف .. 

–فكفروا بربهم وكذبوا برسوله  فأذاقهم الله ضد ما كانوا فيه، وألبسهم لباس الجوع بدلا من الرغد ، والخوف بدلا من الأمن من سرايا رسول الله  وجيوشه، التي كانت تخيفهم ..

وذلك بسبب كفرهم وصنيعهم الباطل. وعدم شكرهم " وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ "

113–وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ 

ولقد أرسل الله إلى أهل " مكة " رسولا منهم، وهو النبي محمد  فهم يعرفون نسبه وصدقه وأمانته ولكنهم لم يقبلوا بما جاءهم به - القرآن الكريم - ولم يصدقوه ..  

–فأخذهم العذاب من الشدائد والجوع ، والخوف .. وقَتْل عظمائهم في " بدر " فهم كانوا ظالمين لأنفسهم بالشرك بالله، والصدِّ عن سبيله.

114–فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ 

يأمر تعالى عباده بأكل ما رزقهم من الحيوانات والحبوب والثمار وغيرها التي أحلها الله لهم ولا يأكلون مما حرمه الله عليهم ، فتمتعوا به عباد الله -حَلالا طَيِّبًابدون إسراف ولا تَعَدٍّ ..

-وَاشْكُرُوا نِعْمَت اللَّهِ بالاعتراف بها وصرفها في طاعة الله. إن كنتم حقًّا مخلصين لله ، تعبدونه وحده لا شريك له. 

115–إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 

إنما حَرَّم الله عليكم هذه المأكولات ويكون هذا التحريم في حالة الاختيار.

–الميتة من الحيوان .. ويستثنى من ذلك الجراد والسمك.

–والدم المَسْفوح .. المسال عند الذبح ، وأما ما يبقى في العروق واللحم فلا يضر.

–والخنزير .. لقذارته ، وخبثه ، وهو شامل للحمه وشحمه وجميع أجزائه.

–وما ذبح قربانًا لغير الله .. كالذي يذبح للأصنام والقبور ونحوها لأنه مقصود به الشرك.

–فمن ألجاته الضرورة إلى أكل المذكورات، فأكل منها غير راغب في المحرم لذاته، ولا متجاوز لحد الحاجة؛ فلا إثم عليه - فإن الله غفور - يغفر له ما أكل ، رحيم به حين أباح له ذلك عند الضرورة.

116–وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ 

–ولا تقولوا -أيها المشركون- بألسنتكم إن هذا الشيء حلال .. وهذا الشيء حرام ؛ كذبا وافتراء علي الله؛ بتحريم ما لم يحرمه .. أو تحليل ما لم يحلل إن الذين يختلقون على الله الكذب، فإنهم لا يفوزون بأي خير في الدنيا ولا في الآخرة.

117–مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 

–إن الذين يفترون على الله الكذب ، متاعهم في الدنيا ضئيل وزائل؛ لأنهم اتبعوا أهواءهم في الدنيا، ولهم يوم القيامة عذاب موجع.

118–وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ 

–ولما ذكر الله ما حرمه من المأكولات على هذه الأمة ذكر ما حرمه على اليهود فقال تعالي:-

–وحرَّمنا على اليهود ما لم تتفرَّق أصابعه كالإبل والنعام 
–وحرمنا عليهم شحوم البقر والغنم إلا ما يأتي:-
إلا ما عَلِق من الشحم بظهورها أو أمعائها، أو اختلط بعظم الألْية والجنب ونحو ذلك .. فإنه قد أحل لهم.

–ذلك التحريم على اليهود علي ظلمهم وتعديهم في حقوق الله ، وحقوق عباده ، وما ظلمهم الله تعالي بتحريم ذلك عليهم .. ولكن كانوا ظالمين لأنفسهم بالكفر والبغي .. فاستحقوا التحريم عقوبة لهم.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–الجزاء من جنس العمل؛ فإن أهل القرية لما بطروا نعمة الله بدلهم الله بنقيضها ..

–وجوب الإيمان بالله ورسله، وعبادة الله وحده، وشكره على نعمه وآلائه الكثيرة..

–أن العذاب الإلهي لاحق بكل من كفر بالله وعصاه، وجحد نعمة الله عليه.

–الله تعالى لم يحرم علينا إلا الخبائث تفضلًا منه، وصيانة عن كل مُسْتَقْذَر.





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-