15–وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
–ومن نعمة ربكم عليكم - أيها الناس - أنه جعل لكم في الأرض :-
–جبالًا .. لتُثَبتِّها ، حتى لا تضطرب بكم وتميل.
–وأنهارًا .. لتشربوا منها ، وتسقوا أنعامكم ، وزروعكم.
-وطرقًا .. تسلكونها فتصلون إلى مقاصدكم دون أن تضلوا.
16–وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ
–ومن نعمة ربكم عليكم -أيها الناس- أيضاً أنه جعل لكم:-
–في الأرض معالم ظاهرة .. كالجبال ، والبحار .. تستدلُّون بها على الطرق نهارًا ..
–والنجوم .. للاهتداء بضوئها الخافت ليلا .
17–أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ
–لما ذكر تعالى ما أنعم به علي عباده، ذكر أنه لا يشبهه أحد ولا كفء له ولا ند له.
–أتجعلون عبادة الله الواحد الذي يخلق كل هذه الأشياء ، وغيرها .. كتلك الآلهة المزعومة التي لا تخلق شيئًا ؟ أفلا تعقلون .
–أفلا تتذكرون: فتعرفون أن المنفرد بالخلق أحق بالعبادة كلها .. فكما أنه واحد في خلقه وتدبيره فإنه واحد في ألوهيته وعبادته .. فتفردوه وحده بالعبادة ولا تشركوا به ما لا يخلق شيئا؟
18–وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
–وإن تحاولوا - أيها الناس - عَدَّ نعم الله الكثيرة عليكم وحَصْرها لن تستطيعوا .. وذلك لكثرتها وتنوعها إن الله لغفور حيث لم يؤاخذكم بالغفلة عن شكرها، رحيم حيث لم يقطعها عنكم بسبب المعاصي والتقصير في شكره ..
19–وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ
–والله سبحانه يعلم ما تخفون -أيها العباد- من أعمالكم، ويعلم ما تظهرون منها .. إنه لا يخفى عليه شيء منها وسيجازيكم عليها.
20–وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ
–والآلهة التي يعبدها المشركون هي - عاجزة - لا تخلق شيئًا وإن صَغُر ، فهي مخلوقات صنعها الكفار بأيديهم ، فكيف يعبدون من دون الله ما يصنعونه بأيديهم من الأصنام ؟!
21–أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
–هؤلاء الآلهة هم جميعًا جمادات لا حياة فيهم فهم لا يسمعون ولا يبصرون ولا يعقلون شيئا، ولا يشعرون بالوقت الذي يبعثون مع عابديهم فيه ليُلقى بهم جميعًا في النار يوم القيامة ..
–أفتتخذون هذه آلهة من دون رب العالمين، فتبا لعقول المشركين ما أضلها وأفسدها !
22–إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ
–فإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ - وهو الله - تبارك وتعالى فهو الإله المستحق وحده للعبادة فالذين لا يؤمنون بالله فإن صفاتهم أن :-
–قلوبهم جاحدة لوحدانية الله لعدم خوفهم فهم لا يؤمنون بحساب ولا عقاب ..
–وهم متكبرون لا يقبلون الحق، ولا يخضعون له.
23–لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ
–حقًّا إن الله يعلم ما يسره هؤلاء المستكبرين عن عبادته من العقائد ، والأعمال ، والأقوال .. ويعلم ما يظهرونه منها - لا يخفى عليه شيء - وسيجازيهم عليها..
–فالله لا يحب المستكبرين عن عبادته والخضوع له بل يبغضهم أشد البغض.. وسيجازيهم علي ذلك قال تعالي" إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ"
24–وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ
–يقول تعالى - مخبرا عن شدة تكذيب المشركين بآيات الله " القرآن الكريم "
–وإذا سُئِل هؤلاء الذين ينكرون وحدانية الخالق، ويكذبون بالبعث: ماذا أنزل الله على محمد ﷺ؟ قالوا: لم ينزل عليه شيئًا .. وأنكروا القرآن!
–وقالوا : إنما جاء ﷺ من نفسه بقصص الأولين وأكاذيبهم .. التي يتناقلها الناس جيلا بعد جيل منها الصدق ومنها الكذب ، فقالوا هذه المقالة، ودعوا أتباعهم إليها ، وقد حملوا وزرهم ووزر من انقاد لهم إلى يوم القيامة ..
25–لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ
–ليكون مآل هؤلاء المكذبين أن يحملوا آثامهم دون نقص، ويحملوا من آثام الذين أضلوهم عن الإسلام جهلًا وتقليدًا، فما أشد قبح ما يحملونه من آثامهم وآثام أتباعهم!
26–قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ
–لا تهتم- أيها الرسول- بما يقوله المستكبرون من قومك في شأن القرآن الكريم لكي يصرفوا الناس عن الدخول في الإسلام، فقد مكر الذين من قبلهم بأنبيائهم ..
–وبنوا من مكرهم قصورا هائلة ليتحصنوا بها من العذاب فهدم الله تعالي عليهم أبنيتهم من أسسها وسقطت فوقهم وجاءهم العذاب من حيث لا يتوقعون .. فإنهم كانوا يتوقعون أن ما شيدوه سيحميهم من المهالك. فكان "مقبزة لهم".
–قال تعالي :"فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ"وقال تعالي:"فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ".
♦♦♦
مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
–في الآيات من نعم الله ما هو مجمل ومفصل، مما يدعونا للقيام بشكره وذكره ودعائه.
–طبيعة الإنسان كَفَّار لنعم الله والتقصير في حق ربه، لا يشكرها إلا من هداه الله.
–أَخْذ الله للمجرمين فجأة أشد نكاية؛ لما يصحبه من الرعب الشديد، بخلاف الشيء الوارد تدريجيًّا.