19–أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ
–ألم تعلم -أيها الانسان- أن الله خلق السماوات والأرض بالحق - فلم يخلقهما عبثًا- بل خلقهما على الوجه الأكمل الدال على حكمته ، ووحدانيته وكمال قدرته - لتعبدوه وحده - ولا تشركوا به شيئًا ؟
–إن يشأ إذهابكم - أيها الناس - والإتيان بخلق جديد -بدلًا منكم- يعبده ويطيعه، لأذهبكم وجاء بخلق آخر يعبده ويطيعه، فهو أمر سهل يسيرٌ عليه .. ولكن ليميز الخبيث من الطيب.
20–وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ
–يأيها الناس- إن إهلاككم والإتيان بغيركم ليس بعسير على الله - بل هو سهل يسير - فهو على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء. قال تعالي" وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ".
21–وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ
–وخرج الخلائق من قبورهم إلى الله يوم القيامة للحساب ليحكم بينهم فيقول الأتباع لقادتهم : إنَّا كنَّا لكم في الدنيا أتباعًا, نأتمر بأمركم, وننتهي بنهيكم، فهل أنتم -اليوم- دافعون عنا من عذاب الله شيئًا كما كنتم تَعِدوننا؟
–فيقول الرؤساء متبرئين منهم: لو أن هدانا الله إلى الإيمان لأرشدناكم إليه، ولكن الله لم يوفقنا بسبب سوء أعمالنا فضللنا وأضللناكم، فسواء علينا فزعنا من العذاب أو صبرنا عليه، فليس لنا مهرب من عذابه، ولا دافع يدفعه عنا ، ولا ملجأ نلجأ إليه .
22–وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
–وقال الشيطان بعد أن قضى الله تعالي الأمر وحاسب خَلْقه ودخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهلُ النارِ النارَ-: إن الله وعدكم وعدًا حقًا بالبعث والجزاء، فأنجزكم ما وعدكم، ووعدتكم وعدًا باطلا أنه لا بَعْثَ ولا جزاء, فأخلفتكم وعدي..
–وما كان لي من قوة أقهركم بها في الدنيا على الكفر والضلال ، ولكني دعوتكم إلى الكفر بالله، وزينت لكم حب المعاصي، فسارعتم إلى اتباعي - فالذنب ذنبكم - فلا تلوموني على ما حصل لكم من الضلال، ولوموا أنفسكم، فهي أولى باللوم..
–ما أنا بمغيثكم بمغيثكم من الشدة التي أنتم بها وما أنتم بمغيثيَّ من العذاب، إني تبرَّأت مِن جَعْلِكم لي شريكًا مع الله في طاعته في الدنيا. إن الظالمين -في إعراضهم عن الحق واتباعهم الباطل- لهم عذاب مؤلم موجع.
23–وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ
–ولما ذكر الله مصير الكفار ترهيبًا منه، ذكر مصير المؤمنين ترغيبًا فيه، فقال تعالي :-
–وأُدخل الذين آمنوا، وعملوا الأعمال الصالحات جنات تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار لا يخرجون منها أبدًا - بإذن ربهم، وحوله، وقوته - يُحيّي بعضهم بعضًا بالسلام وتحيّيهم الملائكة بالسلام، ويحيّيهم ربهم سبحانه بالسلام.
24–أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ
–ألم تعلم - أيها الرسول - كيف ضرب الله مثلا لكلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) بشجرة عظيمة وهي النخلة, أصلها متمكن في الأرض, وأعلاها مرتفع علوًّا نحو السماء ؟ والشجرة كثيرة النفع دائما، والكلمة الطيبة لها عظيم الأثر والنفع في الدنيا والآخرة..
♦♦♦
مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
–بيان سوء عاقبة التابع والمتبوع إن اجتمعا على الباطل.
–إن الشيطان أكبر عدو للإنسان، وأنه كاذب ضعيف، لا يملك لنفسه ولا لأتباعه شيئًا يوم القيامة.
–اعتراف إبليس أن وعد الله تعالى هو الحق، وأن وعد الشيطان إنما هو محض الكذب.
–تشبيه كلمة التوحيد بالشجرة الطيبة الثمار العالية