شائع

تفسير سورة يونس صفحة 217 من الآيات (71 - 78) .. وفوائد الآيات

التفسير

71–وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ 

–واقصص -أيها الرسول- على كفار "مكة" خبر نوح -عليه السلام- مع قومه إذ قال لهم :-

يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي : عَظُم عليكم مكثي بين أظهركم (فقد مكثت فيكم ألف سنة إلا خمسين عامًا)

وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ : لكم ، وشقَّ عليكم وعظي إياكم بعبادة الله وحده .. وعزمتم على قتلي.

فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ : وحده واعتمدت عليه في إحباط ما تكيدون لي .. وفي دفع كل شر يراد بي.

–فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ : كلكم، بحيث لا يتخلف منكم أحد، ولا تدخروا من مجهودكم شيئًا.

–وَأحضروا ( شُرَكَاءَكُمْ ) الذين كنتم تعبدونهم وتوالونهم من دون الله رب العالمين ليساعدوكم.

–ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً :  مشتبهًا خفيًا بل ليكن ذلك ظاهرًا علانية.

–ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ : بالعقوبة والسوء ، الذي في إمكانكم . 

–وَلا تُنْظِرُونِ : لا تمهلوني ساعة من نهار. وهذا برهان قاطع  على صحة رسالته، وصدق ما جاء به .. حيث كان وحده لا عشيرة تحميه ، ولا جنود تؤويه.

72–فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ 

 –فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ : عن ما دعوتكم إليه ، فإنما تتولون عن حق قامت الأدلة على صحته إلى باطل قامت الأدلة على فساده.

–فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ : على دعوتي لكم ، فتقولوا: لقد جاءنا هذا، ليأخذ أموالنا، فتمتنعون من أجل ذلك عن الدخول في دين الله.

–إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ : وحده، فأنا لا أريد الثواب والجزاء إلا من الله سواء آمنتم به أم كفرتم.

–وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ : وأنا أول داخل، وأول فاعل لما أمرتكم به .

73–فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ 

–فَكَذَّبُوهُ : فكذب قوم نوح عليه السلام رسولهم ، ولم يصدقوا به، بعد ما دعاهم ليلا ونهارًا، سرًا وجهارًا، فلم يزدهم دعاؤه إلا فرارًا ..

–فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ : فنجيا نوح عليه السلام ومن آمن معه في السفينة ..

–وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ: وجعلناهم خلائف في الأرض، ذرية يخلف بعضهم بعضا، ونشرهم في أقطار الأرض وجعل ذريته هم الباقين ..

–وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا : بالطوفان العظيم بعد آقامة البرهان والحجة عليهم ..

–فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَمن إهلاك قوم نوح فكذلك نفعل بمن كذب بآياتنا ورسلنا بالهلاك والخزي والنكال .. 

74–ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ 

–ثم بعد مدة من الزمن بعثنا من بعد نوح رسلًا إلى أقوامهم مثل (هودًا وصالحًا وإبراهيم ولوطًا وشعيبًا وغيرَهم) فجاء كل رسول .. بالمعجزات الدالة على صدق رسالته، فما كان من قومه أن يؤمنوا .. بسبب إصرارهم السابق على تكذيب الرسل.

–فختم الله على قلوبهم فلم يؤمنوا وكما ختم الله على قلوب هؤلاء الأقوام فلم يؤمنوا, كذلك يختم الله على قلوب مَن شابههم الذين جاءوا بعدهم عقوبة لهم على معاصيهم لأنهم خالفوا ما دعاهم إليهم رسلهم من عبادة الله وحده لا شريك له وطاعته ..

75– ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ 

–ثم بعد مدة من الزمن بعثنا من بعد قوم نوح، الرسل موسى وأخاه هارون عليهما السلام إلى فرعون ملك مصر وقومه، بعثناهما بالمعجزات الدالة على صدقهما ( اليد والعصا ) فتكبروا عن الإيمان بما جاءا به، وكانوا قومًا مجرمين؛ وذلك لكفرهم بالله وتكذيبهم لرسله.

–هذه الآيات التسع هي دلائل ومعجزات قاطعة على صحة نبوة موسى عليه السلام وبيانها -على أرجح الأقوال- هو كالتالي:-

1- وأعظم هذه الآيات وأكبرها العصا التي كانت تتحول إلى حية عظيمة

2- اليد : كان يدخل يده في جيبه ثم ينزعها، فإذا هي بيضاء من غير سوء، أي: من غير برص، ولا بهق

–وذكر الله سبع آيات في سورة الأعراف:-

3- بالسنين: ما أصابهم من الجدب والقحط، بسبب قلة مياه النيل، وانحباس المطر عن أرض مصر .      

4- نقص الثمرات : ذلك أن الأرض تمنع خيرها، وما يخرج يصاب بالآفات والجوائح.

5- الطوفان : الذي يتلف المزارع ويهدم المدن والقرى.

6- الجراد : الذي لا يدع خضراء ولا يابسة.

7- القمل : وهي حشرة تؤذي الناس في أجسادهم.

8- الضفادع : التي نغصت عليهم عيشتهم لكثرتها

9- الدم : الذي يصيب طعامهم وشرابهم.

76–فَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ 

–فلما جاء فرعون وكبراء قومه الحقُّ الذي جاء به موسى وهارون عليهما السلام كذبوه وقالوا: إن هذا الذي جاء به موسى من الآيات إنما هو سحر واضح، وليس حقًّا.

77–قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ 

قال موسى مستنكرًا عليهم: أتقولون للحق حين جاءكم: إنه سحر؟! كلا، ما هو بسحر، وإني لأعلم أن السّاحر لا يفلح أبدًا .. فكيف لي أن أفعله ؟! والاستفهام في الموضعين للإنكار.

 78–قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ 

قال فرعون وملؤه لموسى: أجئتنا لتصرفنا عما وجدنا عليه آباءنا من عبادة غير الله، ويكون لك أنت وأخيك الملك في أرض "مصر"؟ وما نحن لكما بمقرِّين بأنكما رسولان أرسلكما الله إلينا; لنعبده وحده لا شريك له.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–سلاح المؤمن في مواجهة أعدائه هو التوكل على الله.

–الإصرار على الكفر والتكذيب بالرسل يوجب الختم على القلوب فلا تؤمن أبدًا.

–حال أعداء الرسل واحد، فهم دائمًا يصفون الهدى بالسحر أو الكذب.

–إن الساحر لا يفلح أبدًا.

 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-