شائع

تفسير سورة يونس صفحة 214 من الآيات (43 - 53) .. وفوائد الآيات

التفسير 

43–وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ 

–ومن المشركين من ينظر إليك -أيها الرسول- ببصره الظاهر فقط - لا ببصيرته - فيستبصر ويهتدي أفأنت تستطيع -أيها الرسول- أن تخلق أبصار للعمي؟! إنك لن تستطيع ذلك، كذلك أنت لا تستطيع أن تهدي فاقد البصيرة، وإنما ذلك كلُّه لله وحده ..

والبصيرة: هي الإيمان بالله والتوحيد فهي نور يقذفه الله في قلب العبد .. يفرّق به بين الحق والباطل، الخير والشر .. فالأعمي ليس من لا يبصر بعينيه ولكن الأعمى هو من جهل حق الله عليه فعصاه وأشرك به كما قال تعالى: { فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.

44–إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ 

–إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً : فهو لا يظلمهم مثقال ذرة، .. بزيادة في سيئاتهم ، أو نقص من حسناتهم.

–وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ : بإيرادها موارد الهلاك بالكفر ، والمعصية ، ومخالفة أمر الله ونهيه ..

45–وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ 

يضرب الله لنا مثلا عن سرعة انقضاء مدة الحياة الدنيا  كأنها ساعة واحدة ..

–ويوم يحشر الله الناس يوم القيامة لحسابهم، كأنهم قبل ذلك لم يمكثوا في الحياة الدنيا إلا قدر ساعة من نهار لا أَزْيدَ .. وكأنه ما مر عليهم فيها من نعيم ولا بؤس ..

–يتعارفون بينهم كحالهم في الدنيا، ثم تنقطع معرفتهم لشدة ما شاهدوا من أهوال القيامة قد خسر الذين يكذبون بلقاء ربهم يوم البعث ، والحساب .. وما كانوا مؤمنين في الحياة الدنيا بيوم القيامة حتَّى يسلموا من الخسران ..

46–وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ 

لا تحزن أيها الرسول على هؤلاء المكذبين، ولا تستعجل لهم، فإنهم لابد أن يصيبهم الذي نعدهم من العذاب .. 

1–إما في الدنيافي حياتك نريك بعض الذي نَعِدُهم من العقاب .. فتراه بعينك، وتقر به نفسك. 

2–وإما في الآخرة : بعد وفاتك تري عذابهم يوم القيامة

فإن مرجعهم إلى الله وحده في كلتا الحالتين ثم الله شهيد على أفعالهم التي كانوا يفعلونها في الحياة الدنيا لا يخفى عليه شيء منها .. وسوف يجازيهم عليها ..

47–وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ 

–ولكل أمة من الأمم الماضية رسول أرسله الله إليهم يدعوهم إلى توحيد الله ودينه، فإذا بلغهم ما أمر بتبليغه .. صدقه بعضهم ، وكذبه آخرون فيحكم الله تعالي بينهم بالقسط بنجاة المؤمنين بفضله وإهلاك المكذبين بعدله وهم لا يظلمون من جزاء أعمالهم شيئًا.

48–وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ 

–ويقول المشركون من قومك -أيها الرسول- معاندين ومتَحَدِّين: متى قيام الساعة إن كنت أنت ومَن اتبعك من الصادقين فيما تَعِدوننا به من العذاب ؟! 

–وهذا ظلم منهم، فليس علي رسول الله  إلا البلاغ المبين أما إنزال العذاب عليهم فمن الله تعالي فإذا جاء ذلك الوقت لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، فليحذر المكذبون من استعجال العذاب بهم والذي إذا نزل لا يرد بأسه عن القوم المجرمين

49–قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلا نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ 

–قل لهم -أيها الرسول-: لا أستطيع أن أدفع عن نفسي ضرًا, ولا أجلب لها نفعًا, إلا ما شاء الله أن يدفع عني مِن ضرٍّ أو يجلب لي من نفع ، فكيف أملك لكم حلول العذاب ؟! لكل أمة مدة معلومة لهلاكهم فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون عنه ساعة فيُمْهلون عنه .. ولا يتقدم أجلهم عن الوقت المعلوم .

50–قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ 

–قل - أيها الرسول - للمستعجلين من العذاب : أخبروني إن جاءكم عذاب الله وقت نومكم بالليل، أَوْ نَهَارًا في وقت عملكم، فأي بشارة استعجلتم بها ؟! وأي عقاب تنتظروه ؟! فإنكم مستعجلون بعذاب الله الذي إذا نزل لا يرد بأسه عن القوم المجرمين ..

51–أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ أَالآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ

–أبعدما وقع عذاب الله بكم -أيها المشركون- آمنتم في وقت لا ينفعكم فيه الإيمان؟ فإنه لا ينفع الإيمان حين حلول عذاب الله، وقيل توبيخًا لهم : الآن تؤمنون بالله في حال العذاب ؟! وقد كنتم من قبل تستعجلون بعذاب الله على وجه التكذيب به ؟!

52–ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ 

–وبعد أن يدخل الظالمون في العذاب ، إذا بهم يتذللون للخروج منه، فيقال لهمتجرَّعوا عذاب الله الدائم لكم أبدًا, فهل تُعاقَبون إلا بما كنتم تعملون في حياتكم من معاصي الله؟! 

53–وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ 

–ويستخبرك -أيها الرسول- المشركون: أهذا العذاب الَّذي وُعِدْنا به حق؟ قل لهم: نعم، إنه -والله- لحق، ولستم بمُفْلِتين منه.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–الإنسان هو الَّذي يورد نفسه موارد الهلاك، فالله مُنَزَّه عن الظلم.

–مهمة الرسول هي التبليغ، والله يتولى حسابهم وعقابهم

 –قد يعجل الله بحكمته العذاب في حياة الرسول أو يؤخره لبعد وفاته.

–النفع والضر بيد الله، فلا أحد من الخلق يملك لنفسه أو لغيره ضرًّا ولا نفعًا.

–لا ينفع الإيمان صاحبه عند معاينة الموت.


 





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-