شائع

تفسير سورة يونس صفحة 213 من الآيات (34 - 42) .. وفوائد الآيات

التفسير

34–قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلْ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ 

–يقول تعالى - مبينًا عجز آلهة المشركين، وعدم اتصافها بما يوجب اتخاذها آلهة مع الله- 

–قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ : قل -أيها الرسول- : هل من آلهتكم ومعبوداتكم مَن يبدأ خَلْق أي شيء من غير أصل، ثم يفنيه، ثم يعيده كهيئته الأولي؟ فإنهم لا يقدرون علي ذلك ، لأنهم عاجزون

–قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ : قل لهم - أيها الرسول- إن الله وحده هو الذي ينشئ الخلق ثم يفنيه ثم يعيده ..من غير مشارك ولا معاون له على ذلك ..

–فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ : فكيف تنصرفون وتنحرفون عن عبادة الله الحق المنفرد بالابتداء، والإعادة إلى عبادة الباطل الذي لا يخلق شيئًا وهم يخلقون

35–قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلْ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ 

قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ : قل لهم -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: هل مِن شركائكم مَن يرشد إلى طريق الحق والهداية؟ فإنهم لا يقدرون على ذلك ولا يستطيعون ..

–قُلْ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ : قل لهم: الله وحده هو القادر علي أن يهدي الضال ويرشده إلى طريق الحق والهداية..

–أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَىفهل من يرشد الناس إلى الحق، ويدعوهم إليه أولى بأن يتبع أم معبوداتكم التي لا تهدي أحد ، ولا تهتدي بنفسها إلا أن يهديها غيرها ؟!

–فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ : فأي شيء قد جعلكم تحكمون هذا الحكم الباطل، بعد ظهور الحجة والبرهان فإنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده    لا شريك له

36–وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ 

وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً : وما يتبع أكثر هؤلاء المشركين في جعلهم الأصنام آلهة واعتقادهم بأنها تقرِّب إلى الله إلا كذبا وشكًّا ووهمًا وهذا من تزيين الشيطان للإنسان .. الذي أضله عن عبادة الله .. حتى إعتقد ذلك وألف عليه ، وظنه حقًا، وهو لا شيء.

–إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً : وهذا الشك والتكذيب والوهم الذي اعتادوا عليه لا يغني من اليقين شيئًا ، ولم ولن يقوم مقامه ..

–إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ : إن الله تعالي عليم بما يفعل هؤلاء المشركون من الكفر والتكذيب إنه لا يخفى عليه شيء من أفعالهم .. وسوف يجازيهم عليها.

37–وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

–وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ : وما يصح لهذا القرآن أن يُخْتَلق، ولا يأتي به أحد غير الله لعجز الناس عن الإتيان بمثله .. لأنه لا يقدر على ذلك أحد من الخلق ..

وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ : ولكنَّه نزل مصدقا للكتب التي نزلت من قبله التوراة ، والإنجيل على الأنبياء من قبله ; لأن دين الله واحد وهو التوحيد

–وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ وفي هذا القرآن بيان وتفصيل لما شرعه الله لأمة النبي محمد ﷺ من الأحكام والشرائع .. في دين الإسلام 

لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ : فهو لا شك فيه أنَّه منزل من رب العالمين .... وهو الكتاب الذي لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ، لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا ..

38–أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ 

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ : بل أيقول هؤلاء المشركون : إن محمدًا  اختلق هذا القرآن من تلقاء نفسه ونسبه إلى الله ..فكيف اختلقه وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب ؟!

قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قل لهم - أيها الرسول - فأتوا بسورة واحدة من جنس هذا القرآن في نظمه وهدايته، واستعينوا على ذلك بكل مَن قَدَرْتم عليه من دون الله من إنس وجن، إن كنتم صادقين في دعواكم.

39–بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ 

بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ : بل سارَعوا إلى التكذيب بالقرآن أول ما نزل وسمعوه من قبل أن يتدبروا آياته ، وكفروا بما لم يحيطوا بعلمه من ذكر البعث والجزاء والجنة والنار وغير ذلك ..

وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ : ولم يأت هؤلاء بعدُ حقيقة ما وُعِدوا به في الكتاب من الوعيد وقد اقترب إتيانه .. لقوله تعالي ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ﴾

كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ : وكما كذَّب المشركون بوعيد الله كذَّبت الأمم التي خلت قبلهم ، فانظر - أيها الرسول - كيف كانت عاقبة الظالمين ؟! فقد أهلك الله بعضهم بالخسف ، وأهلك بعضهم بالغرق وأهلك بعضهم بغير ذلك ..

40–وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِين

ومِن قومك -أيها الرسول- مَن يصدِّق بالقرآن وما جاء به، ومنهم من لا يصدِّق به حتى يموت على ذلك ويبعث عليه, وربك أعلم بالمفسدين : وهم الذين لا يؤمنون بالقرآن على وجه الظلم والعناد والفساد، فسيجازيهم على فسادهم بأشد العذاب.

41–وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ 

وَإِنْ كَذَّبُوكَ : فاستمر على دعوتك - أيها النبي - وليس عليك من حسابهم من شيء، 

–فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ : وقل لهم: لي ثواب عملي وأنا أتحمل تبعة عملي، ولكم ثواب عملكم وعليكم عقابه.

–أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ : أنتم بريئون من عقاب ما أعمل، وأنا بريء من عقاب ما تعملون، كما قال تعالى: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ).

42–وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُونَ 

–ومِنَ الكفار مَن يسمعون كلامك الحق وتلاوتك القرآن - أيها النبي - ولكنهم لا يهتدون .. أفأنت تَقْدر على إسماع الصم الذين سلب سمعهم ؟! فكذلك لا تقدر على هداية هؤلاء إلا أن يشاء الله هدايتهم; لأنهم صمٌّ عن سماع الحق .. سماع قبول فهم لا يعقلونه ولا ينتفغون به .

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–الهادي إلى الحق هداية التوفيق هو الله وحده دون ما سواه.

–الحث على تطلب الأدلة والبراهين والهدايات للوصول للعلم والحق وترك الوهم والظن.

–ليس في مقدور أحد أن يأتي ولو بآية مثل القرآن الكريم إلى يوم القيامة.

–سفه المشركين وتكذيبهم بما لم يفهموه ويتدبروه.






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-