شائع

تفسير سورة يونس صفحة 209 من الآيات ( 7 - 14) .. وفوائد الآيات

التفسير 

7–إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ 

إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا : إن الكافرين الذين لا يتوقعون لقاء الله بالبعث والحساب فيخافوه ويتقوه، بل أعرضوا عن ذلك ، وكذبوا به ..

–وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا : وارتضوا بالحياة الدنيا الفانية .. بدلًا من الحياة الأخروية الباقية، وسكنت أنفسهم فرحة بها فأقبلوا على لذاتها وشهواتها، فكأنهم خلقوا للبقاء فيها، وكأنها ليست دار ممر للآخرة.

وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ: والذين عن آياتنا الكونية والشرعية ودلائل وحدانيتنا .. غافلون: ساهون تاركون النظر فيها، فلا ينتفعون بها.

8–أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ 

أولئك المتصفون بهذه الصفاتمن الكفر، والتكذيب بيوم القيامة) مقرهم الَّذي يأوون إليه هو النار؛ جزاء بما كانوا يكسبون .. في دنياهم من الآثام والخطايا.

9–إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ 

–إن الذين آمنوا بالله وعملوا الأعمال الصالحات المشتملة على أعمال القلوب وأعمال الجوارح يثيبهم الله أعظم الثواب .. وهو الهداية للعمل الصالح الموصل إلى رضاه؛ بسبب إيمانهم، ثم يدخلهم الله يوم القيامة في جنات النعيم الدائم، تجري من تحتهم الأنهار.

10–دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 

عبادتهم لله في الجنة أولها تسبيح لله وتنزيه له، وآخرها تحميد لله تعالي.

–دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ : إن دعاءهم في الجنّة هو تسبيح الله تعالي وتقديسه (سبحانك اللهم).

–وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ : وتحية الله عز وجل لهم، والملائكة لهم، وتحية بعضهم بعضًا في الجنة (سلام).

–وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ : وخاتمة دعائهم في الجنة هي قولهم: "الحمد لله رب العالمين" بالثناء والشكر على الله تعالي رب المخلوقات كلها .

وقد قيل في تفسير الآية، أن أهل الجنة - إذا احتاجوا إلى الطعام والشراب ونحوهما- قالوا ( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ )، فأحضر لهم ما طلبوه للتو، فإذا فرغوا قالوا: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين )

11–وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ 

وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ : ولو يُعَجِّل الله استجابة دعاء الناس على أنفسهم وأولادهم وأموالهم بالشر عند الغضب .. مثل ما يستجيب لهم في دعائهم بالخير -لهلكواوهذا من لطف الله بهم وإحسانه بعباده ..

–فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ: فيترك الله الذين لا يخافون عقابه ولا يوقنون بالآخرة والبعث والحساب في تمرُّدهم وعتوِّهم.. يترددون حائرون لا يهتدون السبيل ولا يوفقهم الله للهداية وذلك عقوبة لهم على كفرهم بآيات الله تعالي ورسله.

12–وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ 

وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً: وإذا أصاب الإنسانَ الشدةُ كالمرض والفقر، وغيره .. استغاث بالله في كشف الضر عنه مضطجعًا لجنبه ، أو قاعدًا ، أو قائمًا، على حسب الحال التي يكون بها عند نزول ذلك الضرِّ به ..

فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ: فلما استجاب الله لدعاءه .. وكشف عنه الشدة التي أصابته استمرَّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر .. ونسي ما قد كان فيه من الشدة والبلاء، وترك الشكر لربه الذي فرَّج عنه ما كان قد نزل به من البلاء ..

–كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ: كذلك زين للذين أسرفوا في الكذب والتجاوز على الله وعلى أنبيائه ، ما كانوا يعملون من معاصي الله والشرك به.

13–وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ 

يخبر تعالى أنه أهلك الأمم الماضية بسبب ظلمهم وكفرهم بالله ورسله.

–وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ: ولقد أهلك الله الأمم من قبلكم -أيها المشركون- .. بسبب تكذيبهم برسل الله وارتكابهم المعاصي .. ولقد جاءتهم رسلهم بالبراهين الواضحة الدالة على صدقهم فيما جاؤوا به من عند ربهم.

وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ فلم ينقادوا لرسلهم ولم يؤمنوا بالله - فاستحقوا الهلاك فأحل بهم عقابه الذي لا يرد عن كل مجرم، وبمثل ذلك الإهلاك نجزي كل مجرم متجاوز لحدود الله.

14–ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ 

ثم جعلناكم -أيها الناس- خَلَفًا في الأرض لتلك الأمم المكذبة التي أهلكناها، فإن أنتم اعتبرتم واتعظتم بمن قبلكم واتبعتم آيات الله وصدقتم رسله، فقد نجوتم في الدنيا والآخرة، وإن فعلتم كفعل الظالمين من قبلكم أحل بكم ما أحل بهم من الهلاك ..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–لطف الله عز وجل بعباده في عدم إجابة دعائهم على أنفسهم وأولادهم بالشر.

–بيان حال الإنسان بالدعاء في الضراء والإعراض عند الرخاء والتحذير من عمل ذلك.

–هلاك الأمم السابقة كان سببه ارتكابهم المعاصي والظلم.





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-