شائع

تفسير سورة التوبة صفحة 205 من الآيات (112 - 117) .. وفوائد الآيات


التفسير

112–التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ 

بين الله صفات المؤمنين الذين لهم البشارة بدخول الجنات، أولئك هم :-

1–التَّائِبُونَ : الراجعون عما كرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه الملازمون للتوبة في جميع الأوقات عن جميع السيئات.
2–الْعَابِدُونَ : الذين أخلصوا العبادة لله وحده واجتهدوا في أداء الواجبات والمستحبات، في كل وقت.
3–الْحَامِدُونَ : الحامدون لربهم على كل حال من خير أو شر
4–السَّائِحُونَ : وهم عدة منهم : الصائمون، الغزاة المجاهدون، والسفر في القربات، كالحج، والعمرة، والجهاد، وطلب العلم، وصلة الأقارب، ونحو ذلك.
5–الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ : المصلون، المشتملة على الركوع والسجود. 
6–الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ: الآمرون باتباع ما أمر الله به ورسوله ﷺ.
7–وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ : الناهون باجتناب ما نهى الله عنه ورسوله 
8–وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ: الحافظون لأوامر الله وأحكامه بالاتباع، ولنواهيه بالاجتناب.

–وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ: وبشر المؤمنين المتصفين بهذه الصفات -أيها النبي- بما يسرهم في الدنيا ، وفي الآخرة برضوان الله وجنته.

113–مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ 

– مَا كَانَ  لِلنَّبِيِّ  وَالَّذِينَ  آمَنُوا  أَنْ  يَسْتَغْفِرُوا  لِلْمُشْرِكِينَ : ما ينبغي للنبي محمد ﷺ والذين آمنوا معه أن يدعوا للمشركين بالمغفرة.

–وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى : ولو كانوا ذوي قرابة لهم إذا ماتوا على شركهم بالله، ونزلت في استغفار النبي ﷺ لعمه أبي طالب ، وأيضا في استغفار بعض الصحابة لأبويهم المشركين..

–مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ : لأنهم إذا ماتوا علي الشرك فقد تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم، وأوجب الله عليهم الخلود في النار، فلم تنفع فيهم شفاعة الشافعين، ولا استغفار المستغفرين، كما قال تعالى: (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) وكما قال سبحانه: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ).

114–وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ 

وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُوهي قوله تعالي: "سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا".

فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ : فلما تبيَّن لإبراهيم أن أباه المشرك ( آزر ) عدو لله ولم ينفع فيه الوعظ والتذكير, وأنه سيموت كافرًا, تركه وترك الاستغفار له, وتبرأ منه.

–إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ : إن إبراهيم عليه السلام أَوَّاهٌ : كثير الرجوع والتضرع والإنابة إلي الله، كثير الذكر ، والدعاء ، والاستغفار ، حَلِيمٌ : ذو رحمة بالخلق ، وكثير الصفح عما يصدر من قومه من الزلات.

– لذا وجب علي المؤمنين، أن يوافقوا ربهم في رضاه وغضبه، فيوالوا من والاه اللّه، ويعادوا من عاداه اللّه، والاستغفار منهم لمن تبين أنه من أصحاب النار مناقض لذلك.

115–وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 

–وما كان الله ليضلَّ قومًا بعد أن مَنَّ عليهم بالهداية والتوفيق حتى يبيِّن لهم ما يتقونه به من الأوامر والأحكام التي يمتثلون لها، والنواهي والمحرمات التي يجب اجتنابها .. ويبيَّن لهم ما ينتفعون به في أمور دينهم ودنياهم..

فلا يتركهم الله ضالين، جاهلين بأمور دينهم، -فإن ارتكبوا ما حرمه الله بعد بيان تحريمه حكم عليهم بالضلال وأقام عليهم الحجة إن الله بكل شيء عليم, فقد علَّمكم ما لم تكونوا تعلمون.

116–إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِ وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ 

–إن الله تعالي له ملك السماوات وملك الأرض، لا شريك له فيهما، له الخلق والتدبير والعبادة والتشريع ، لا يخفى عنه فيهما خافية، يُحْيِي من شاء إحياءه ، ويميت من شاء إماتته .. وليس لكم -أيها الناس- غير الله من ولي يتولى أموركم، وما لكم من نصير يدفع عنكم السوء، وينصركم على عدوكم.

117–لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ 

–لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ: إذ أذن للمنافقين في التخلف عن غزوة تبوك، لقوله تعالي:" عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ...".

–وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ : وتقبل الله توبة المهاجرين والأنصار الذين مالوا إلي التخلف عن الجهاد مع النبي ﷺ في غزوة تبوك.

–الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ: لقد تاب الله علي الذين اتبعوه في غزوة ( تبوك ) مع شدة الحر ، وضيق من الزاد ، والظَّهْر ، وقوة الأعداء ، بعدما كادت تميل قلوب طائفة منهم ، إلى الدَّعة والسكون، وهَمُّوا بترك الغزو؛ لما هم فيه من الشدة العظيمة. 

ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ : ثم وفقهم الله للثبات والخروج إلى الغزو، وتاب عليهم، إنه سبحانه رؤوف بهم رحيم، ومن رحمته توفيقهم للتوبة وقبولها منهم.

وتسمي غزوة تبوك: بغزوة العسرة .. كما أن الجيش الذي اشترك في الغزوة يسمى بجيش العسرة، وذلك لأن المؤمنين خرجوا إلي الغزوة في سنة مجدبة ، وحر شديد ، وفقر في الزاد ، والماء ، والراحلة.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–بطلان الاحتجاج على جواز الاستغفار للمشركين بفعل إبراهيم عليه السلام.

–أن الذنوب والمعاصي هي سبب المصائب والخذلان وعدم التوفيق.

–أن الله هو مالك الملك، وهو ولينا، ولا ولي ولا نصير لنا من دونه.

–بيان فضل أصحاب النبي  على سائر الناس.





 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-