شائع

تفسير سورة التوبة صفحة 202 من الآيات (94 - 99) .. وفوائد الآيات

التفسير 

94–يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ 

لما ذكر الله تعالي تخلف المنافقين الأغنياء عن الجهاد في سبيل الله - وأنهم لا عذر لهم - أخبر الله نبيه  أنهم سـيأتون يعتذرون إليكم بعد رجوعكم من غزوة تبوك بالأعذار الكاذبة ..

–قل لهم - أيها الرسول- لا تعتذروا لن نصدقكم فيما تقولون، قد نبأنا الله تعالي من أمركم ومما في نفوسكم ، وبكذب اعتذاركم.

وفي الدنيا: سيرى الله عملكم ورسوله ﷺ هل ستتوبون، فيقبل الله توبتكم، أم تستمرون على نفاقكم فيُظهر للناس أعمالكم ونفاقكم.. وفي الآخرة: ترجعون إلى الله وحده الذي لا تخفى عليه بواطن أموركم وظواهرها .. فيخبركم بأعمالكم كلها ، ويجازيكم عليها، فبادروا بالتوبة إلي الله والعمل الصالح.

95–سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ 

–سيحلف بالله لكم المنافقون المتخلفون عن الجهاد -كاذبين معتذرين- إذا رجعتم إليهم -أيها المؤمنون- من الغزو; كي تتركوهم دون مساءلة وتوبيخ، فاجتنبوهم وأعرضوا عنهم فإنهم رجس ، إنهم خبثاء البواطن ، ومكانهم الذي يأوون إليه في الآخرة نار جهنم; جزاء بما كانوا يكسبون من الآثام والخطايا.

96–يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنْ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ 

–يحلف لكم - أيها المؤمنون - هؤلاء المنافقون المتخلفون عن الجهاد -كذبًا- لتتركوا مساءلتهم ولومهم، وتقبلوا عذرهم وترضوا عنهم، كأنهم ما فعلوا شيئا .. فإن ترضوا عنهم -فقد خالفتم ربكم- فإن الله لا يرضى عليهم، لوجود المانع من رضاه، وهو فسقهم وخروجهم عن ما يرضيه من الشرك، والنفاق -فاحذروا -أيها المسلمون- أن ترضوا عمن لا يرضي الله عنه.

97–الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ 

 –«الأعراب» سكان البادية «أشد كفرا ونفاقا» من «الأعراب» الذين يسكنون الحضر والمدن .وذلك، لأن:-

1–ظروف حياتهم البدوية، وما يصاحبها من عزلة وكر وفر في الصحراء، وخشونة في الحياة .. كل ذلك جعلهم أقسى قلوبا ، وأجفى قولا ، وأغلظ طبعا ، وأبعد عن سماع ما يهدى نفوسهم إلى الخير عن غيرهم سكان المدن.

2–وهم كذلك أحق وأخلق من أهل الحضر بأن لا يعلموا حدود ما أنزل الله تعالي على رسوله ﷺ وذلك بسبب ابتعادهم عن مجالس رسول الله ﷺ .. وعدم مشاهدتهم لما ينزل عليه ﷺ من شرائع، وآداب، وأحكام .. وبُعدهم  عن مجالس الوعظ والذكر التي تعدل وتقوم سلوكهم ..

–وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ: عليم بأحوال عباده الظاهرة والباطنة لا يخفى عليه شيء منها، وحكيم في صنعه بهم، وفي حكمه عليهم، وفيما يشرعه لهم من أحكام، وفيما يجازيهم به من ثواب أو عقاب ..

98–وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمْ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 

–انقسم الأعراب إلي قسمين، قسم غير مؤمن بالله لم يسلم من الكفر والنفاق فيبذل المال وهو كاره ، وقسم مؤمن بالله ، فينفق بمقتضي الإيمان.

–القسم الأول:-

–ومن «الأعراب» المنافقين من يعتقد أن ما ينفقه من مال في سبيل الله خسران وغرامة؛ لتوهمه أنَّه لا يؤجر إن أنفق، ولا يعاقبه الله إن أمسك،  بل ينفقه خوفاً ورياءً لا يحتسب فيه اللّه .. مثل بنو أسد وغطفان .

–ومن عداوة «الأعراب» للمؤمنين وبغضهم لهم، أنهم يودون أن ينزل عليهم الشر ودوائر الدهر، وفجائع الزمان -فيتخلصون منهم- بل جعل الله ما يتمنونه -واقعًا عليهم هم- لا على المؤمنين، والله سميع لما يقولونه، عليم بما يضمرونه ..

99–وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 

–القسم الثاني

–ومن الأعراب مَن يؤمن بالله ويقرُّ بوحدانيته وبالبعث والحساب بعد الموت وهو يحتسب ما ينفقه من نفقة في جهاد المشركين قاصدًا بها رضا الله ومحبته, بل ويجعلها وسيلة إلى دعاء الرسول ﷺ له بالمغفرة والثواب- هذه الأعمال تقربهم إلى الله تعالى، فسوف يدخلهم الله في رحمته الواسعة التي تشمل مغفرته وجنته، إن الله غفور لمن تاب من عباده، رحيم بهم.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–ميدان العمل والتكاليف خير شاهد على إظهار كذب المنافقين من صدقهم.

–أهل البادية إن كفروا فهم أشد كفرًا ونفاقًا من أهل الحضر؛ لتأثير البيئة.

–الحض على النفقة في سبيل الله مع إخلاص النية، وعظم أجر من فعل ذلك.

–فضيلة العلم، وأن فاقده أقرب إلى الخطأ.





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-