87–رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ
–رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ : رضي المنافقون لأنفسهم بالعار, وهو أن يقعدوا في البيوت مع النساء والصبيان وأصحاب الأعذار ..
–وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِم: الله تعالي بسبب نفاقهم وتخلفهم عن الجهاد مع الرسول ﷺ فلا يدخلها الإيمان..
–فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ : ما فيه صلاحهم ورشادهم فلو فقهوا حقيقة الفقه، لم يرضوا لأنفسهم بهذه الحال التي تحطهم عن منازل الرجال.
88–لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ
–إنْ تخلَّف المنافقون عن الجهاد في سييل الله - فبخلافهم المؤمنين- فلقد جاهد رسول الله ﷺ والمؤمنون معه، بأموالهم وأنفسهم .. وأولئك جزاؤهم عند ربهم :-
–في الدنيا: لهم النصر والغنيمة والخيرات..
–وفي الآخرة: لهم الجنة والكرامة وأولئك هم الفائزون.
89–أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
–أعدَّ الله - للمجاهدين في سبيله - يوم القيامة جنات تجري الأنهار من تحت قصورها هم ماكثين فيها أبدًا، لا يلحقهم فناء .. إنما ذلك الجزاء هو الفلاح العظيم الَّذي لا يدانيه فلاح.
90–وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنْ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
–انقسم المعتذرين عن الجهاد إلي قسمين:-
1- القسم الأول: المعتذرين بعذر شرعي.
– وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنْ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ: وجاء جماعة من أحياء العرب حول المدينة يعتذرون إلى رسول الله ﷺ؛ ليأذن لهم في التخلف عن الخروج والجهاد في سبيل الله، ويبينون له ما هم فيه من الضعف وعدم القدرة على الخروج للغزو.
2- القسم الثاني: الذي لم يعتذروا أصلًا
–وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ: سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : وتخلف قوم آخرون لم يعتذروا أصلًا للنبيﷺ؛ عن الخروج للجهاد في سبيل الله .. لعدم تصديقهم للنبي ﷺ ، ولعدم إيمانهم بوعد الله، سينال هؤلاء بسبب كفرهم هذا عذاب مؤلم موجع.
91–لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
–ليس على أهل الأعذار مِن الضعفاء والمرضى والفقراء الذين لا يملكون من المال ما يتجهزون به للخروج إثم في القعود بشرط أن ينصحوا للّه ورسولهﷺ وذلك بأن يفعلوا الذي يقدرون عليه من الحث، والترغيب، والتشجيع، على الجهاد في سبيل الله .. ليس على المحسنين من أصحاب هذه الأعذار طريق للمؤاخذة بهم وإيقاع العقاب عليهم ، إن الله تعالي غفور لذنوب المحسنين، رحيم بهم.
92–وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ
–وكذلك لا إثم علي المتخلفين عنك الذين إن جاؤوك -أيها الرسول- يطلبون منك أن تعينهم بحملهم علي الدواب للجهاد معك قلت لهم: لا أجد ما أحملكم عليه من الدوابِّ فانصرفوا عنك وأعينهم تسيل من الدمع -أسفًا- على ما فاتهم من شرف الجهاد ومن ثوابه; لأنهم لم يجدوا ما ينفقون، وما يحملهم لو خرجوا معك للجهاد في سبيل الله.
93–إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ
–لما بيَّن تعالي أن لا عقوبة لأهل الأعذار ذكر من يستحق العقوبة والمؤاخذة، فقال تعالي:-
–إنما الإثم واللوم على الأغنياء الذين جاءوك -أيها الرسول- يطلبون الإذن بالتخلف ، وهم المنافقون الأغنياء اختاروا لأنفسهم -القعود مع النساء وأهل الأعذار- فختم الله تعالي على قلوبهم بالنفاق .. فلا يدخلها إيمان ولا تتأثر بموعظة فهؤلاء المنافقين لا يعلمون سوء عاقبتهم بتخلفهم عنك وتركهم الجهاد معك.
♦♦♦
مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
–المجاهدون سيحصِّلون الخيرات في الدنيا، وإن فاتهم هذا فلهم الفوز بالجنّة
–الأصل أن المحسن إلى الناس تكرمًا منه لا يؤاخَذ إن وقع منه تقصير.
–أن من نوى الخير، وسَعْيٌ فيما يقدر عليه، ثم لم يقدر- فإنه يُنَزَّل مَنْزِلة الفاعل له.
–الإسلام دين عدل؛ أوجب العقوبة على المنافقين المستأذنين وهم أغنياء قادرين