شائع

تفسير سورة التوبة صفحة 197 من الآيات (62 - 68) .. وفوائد الآيات

 
التفسير 

62–يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ 

–يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ: يقسم المنافقون بالله لكم -أيها المؤمنون- أنهم لم يقولوا شيئًا يؤذي النبي ﷺ، من سب وقدح وطعن في الدين وهم يتبرأون مما صدر منهم من الأذية وغيرها ليُرضُوا المؤمنين عنهم. 

–وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ : والله ورسوله أحق أن يُرضُوهما بالإيمان بهما وطاعتهما, إن كانوا مؤمنين حقًا، لأن المؤمن لا يقدم شيئا على رضا ربه وطاعة رسوله ﷺ،

63–أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ 

ألم يعلم هؤلاء المنافقون أنهم بعملهم هذا وهو السب والقدح وأذية الرسول  هم يحاربون الله ورسوله  عياذًا بالله، وأن من يعاديهما فمصيره في يوم القيامة نار جهنم ماكثًا فيها أبدًا؟! ذلك هو الهوان والذل الكبير حيث فاتهم النعيم المقيم ، وحصلوا على عذاب الجحيم. 

64–يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ 

–يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ: يخاف المنافقون أن ينزل الله تعالي على رسوله ﷺ سورة تخبر المؤمنين بما تضمره قلوبهم من الكفر، وتفضحهم علانية ويكونوا عبرة لمن يعتبر.

قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ: قل لهم -أيها الرسول-: استمروا -علي ما أنتم عليه من سخريتكم وطعنكم في الدين إن الله مخرج ما تخافون إخراجه من نفاقكم وكفركم، وذلك بإنزال سورة تنبئهم بما كنتم تخفون، أو بإخبار رسوله ، وهذا أمر للتهديد.

–وقد وفَّى الله تعالى بوعده فأنزل هذه السورة الكريمة والتي من أسمائها « الفاضحة » التي بينت أسرار المنافقين ، وفضحتهم ، وهتكت أستارهم .

65–وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ

–وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ : وإذا سألت هؤلاء المنافقين -أيها الرسول- عما قالوه عن استهزائهم بك وبالمؤمنين والقرآن،  بعد إخبار الله لك به.. 

–لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ : ليقولون لقد كنا في حديث نمزح فيه ولم نكن جادين، فقد كنا سائرون في غزوة تبوك وكنا نتبادل مع بعضنا الحديث لنقطع به الطريق ولم نقصد ذلك .. 

قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ؟! قل لهم -أيها الرسول-: ذلك مبينا لهم عدم عذرهم وكذبهم فيما يقولون .. 

66–لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ 

–لا تعتذروا -يا معشر المنافقين- بهذه الأعذار الكاذبة، -فلا جدوى مِن اعتذاركم-، فقد أظهرتم الكفر بعد أن كنتم تضمرونه .. بهذه الأقاويل الباطلة التي استهزأتم بها في الدين ورسوله ﷺ والمؤمنين إن نعف عن جماعة منكم طلبت العفو وأخلصت في توبتها, نعذب جماعة أخرى بسبب اصرارهم على النفاق وعدم توبتهم منه.

67–الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ 

–الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ: هم صنف واحد في إعلانهم الإيمان وبطانهم الكفر، فقد اشتركوا في النفاق، فاشتركوا في تولي بعضهم بعضا، وفي هذا قطع للمؤمنين من ولايتهم.

–ثم ذكر وصف المنافقين العام، الذي لا يخرج منه صغير منهم ولا كبير، فقال تعالي:-

–يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ: يأمرون بالكفر بالله ومعصية رسوله ، والفسوق والعصيان.

–وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ: هم ينهون عن الإيمان والطاعة، والأخلاق الفاضلة، والأعمال الصالحة، والآداب الحسنة. 

–وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ: عن الصدقة وطرق الإحسان فوصفهم البخل.

–نَسُوا اللَّهَ: تركوا طاعة الله، فلا يذكرون الله إلا قليلا رياء ونفاقا..

–فَنَسِيَهُمْ: من لطفه ورحمته، فلا يوفقهم لخير، ولا يدخلهم الجنة، بل يتركهم في الدرك الأسفل من النار، خالدين فيها مخلدين.

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ: إن المنافقين هم الخارجون عن طاعة الله .. إلى معصيته وطريق الضلال ، وأن المؤمنين قد ابتلوا بهم ، إذ كانوا بين أظهرهم ، والاحتراز منهم شديد.   

58–وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمْ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ 

وَعَدَ الله المنافقين والمنافقات والكفار الذين لم يتوبوا بأن مصيرهم .. إلي نار جهنم خالدين فيها أبدًا، هي تكفيهم جزاءً وعقاباً، وطردهم    الله من رحمته، ولهم عذاب دائم مستمر ..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

قبائح المنافقين كثيرة: منها الإقدام على الأيمان الكاذبة، ومعاداة الله ورسوله 

ومنها: الاستهزاء بالقرآن والنبي والمؤمنين، 

ومنها: التخوف من نزول سورة في القرآن تفضح شأنهم، 

ومنها: اعتذارهم بأنهم هازلون لاعبون، وهو إقرار بالذنب، بل هو عذر أقبح من الذنب.

 –لا يُقبل الهزل في الدين وأحكامه، ويعد الخوض بالباطل في كتاب الله ورسله كفرًا.

–النّفاق: مرض عُضَال متأصّل في البشر، وأصحاب ذلك المرض متشابهون في كل عصر وزمان في الأمر بالمنكر والنّهي عن المعروف، وقَبْض أيديهم وإمساكهم عن الإنفاق في سبيل الله للجهاد، وفيما يجب عليهم من حق.

–الجزاء من جنس العمل، فالذي يترك أوامر الله ويأتي نواهيه يطرده الله من رحمته.

 





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-