27– ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
–نزلت الآية بعد غزوة حنين وانتهاء الأمر بالنصر للمسلمين .. وعذَّب الله الذين كفروا بما حصل لهم من القتل ، والأسر ، وأخذ الأموال ، وسبي الذراري: النساء.
–ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ: ومن رجع عن كفره بعد ذلك ودخل الإسلام فإن الله تعالي يقبل توبته وقد تاب الله على كثير من بعد ذلك التعذيب أتوا إلى النبي ﷺ مسلمين تائبين، فرد عليهم نساءهم، وأولادهم.
–وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ: ذو مغفرة واسعة حيث يقبل التوبة بعد الكفر وارتكاب المعاصي، ويرحمهم بتوفيقهم للتوبة والطاعة.
28–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
–أمر الله عباده المؤمنين بعدم دخول المشركين المسجد الحرام بعد عام 9 هجريا
–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ؛ لما فيهم من الكفر والظلم والأخلاق الذميمة والعادات السيئة؛
–فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا فلا يدخلوا الحرم المكي ومن ضمنه المسجد الحرام ولو كانوا حُجاجًا أو معتمرين أو غيره .. بعد هذا العام الذي هو سنة 9 للهجرة،
–وعام 9 هجريا: هو يوم الحج الأكبر حين حج أبو بكر الصديق بالناس، وبعث النبي ﷺ ابن عمه علي بن أبي طالب، أن يؤذن بـ ( براءة ) فنادى أن لا يحج بعد هذا العام مشرك.
–وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ وإن خفتم -أيها المؤمنون- عَيْلَةً: فقرًا بسبب انقطاع ما كانوا يجلبونه من .. الأطعمة والتجارات المختلفة ، فإن الله تعالي سيغنيكم من فضله ..
–وقد أنجز اللّه وعده، فأغنى المسلمين وبسط لهم من الأرزاق والفتوحات والجزية وغيرها..ما كانوا به من أكبر الأغنياء والملوك.
–إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ : إن الله عليم بحالكم التي أنتم عليها، حكيم في تدبير شؤونكم.
29–قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ
–قَاتِلُوا: -أيها المؤمنون- الكافرين الذين :-
1–الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ : الذين لا يؤمنون بالله إلهًا واحدا لا شريك له، ولا يؤمنون بيوم القيامة.
2–وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ: ولا يجتنبون ما حرمه الله ورسوله عليهم من الميتة ولحم الخنزير والخمر والربا
3–وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ : ولا يلتزمون أحكام شريعة الإسلام من اليهود والنصارى.
–فأمر الله بقتال هؤلاء وحث علي قتالهم والذي يغنيهم عن القتال دفع الجزية كالتالي:-
–حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ: حتي يدفعوا للمسلمين مالا لترك قتالهم، ويؤخذ منهم كل عام، كلٌّ على حسب حاله، من غني وفقير ومتوسط كما فعل ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وغيره من أمراء المؤمنين.
–عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ: ويعطونها بأيديهم، فلا يرسلون بها خادما ولا غيره ، مما ينفي عزهم وتكبرهم ، ويوجب ذلهم وصغارهم.
30–وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
–إن كلًّا من اليهود والنصارى مشركون لأنهم:-
–وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ: إن سبب ادعائهم في ( عزير ) أنه ابن اللّه، عندما سلط الله تعالي الملوك على بني إسرائيل ومزقوهم كل ممزق، وقتلوا حَمَلَةَ التوراة، وجدوا عزيرا بعد ذلك حافظا لها أو لأكثرها، فأملي التوراة عليهم من حفظه ، ثم استنسخوها، وادعوا عليه هذه الدعوى الباطلة
–وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ: والسبب في ذلك أنه ولد من غير أب مع وجود الأدلة القاطعة على براءة أمه عليها السلام. منها:-
–كلامه في المهد لتبرئة أمه عليها السلام، وهل الأطفال يتكلمون في المهد!
–فإن الله خلق ( آدم ) من غير أب ولا أم، وخلق ( حواء ) من غير أم، فما العجب أن يخلق عيسى من غير أب!
–وأما تسميته ( كلمة الله ) فالمعنى أنه خلق وتَكوَّن بكلمة الله بقوله "كن" فكان، فما العجب من ذلك!
–وتسميته ( روح منه ) فهو روح من الأرواح التي خلقها، وأضافه إلى نفسه تشريفاً وتكريماً، كما نقول: بيت الله، وناقة الله.. فما العجب من ذلك!
–ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ: ذلك القول الذي افتروه علي الله تعالي -كذبا - قد قالوه بأفواههم دون إقامة برهان عليه أو حجة.
–يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ: وهم يشابهون في هذا القول قول المشركين الباطل من قبلهم الذين قالوا: إن الملائكة بناتُ الله.
–قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ: قَاتَلَ الله المشركين جميعًا بكذبهم كيف ينصرفون عن الحق الواضح إلى الباطل؟
31–اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
–اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ : اتخذ اليهود علماءهم، والنصارى عُبَّادهم؛ أربابًا من دون الله، يُشَرِّعون لهم الأحكام، فيلتزمون بها ويتركون شرائع الله، فيحلون لهم ما حرمه الله عليهم، ويحرمون عليهم ما أحله الله لهم،
–وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ: واتخذ النصارى المسيح عيسى ابن مريم إلهًا فعبدوه ..
–وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ : وما أمر الله - جميع خلقه - من علماء اليهود ، وعُبَّاد النصارى ، وما أمر عزيرًا ، وما أمر عيسى بن مريم .. إلا أن يعبدوه وحده، ولا يشركوا به شيئًا،
–سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ: فهو سبحانه إله واحد، لا معبود بحق سواه، تنزه سبحانه، وتقدس أن يكون له شريك كما يقول هؤلاء المشركون وغيرهم.
♦♦♦
مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
–في الآيات دليل على أن تعلق القلب بأسباب الرزق جائز، ولا ينافي التوكل.
–في الآيات دليل على أن الرزق ليس بالاجتهاد، وإنما هو فضل من الله تعالى تولى قسمته.
–الجزية واحد من خيارات ثلاثة يعرضها الإسلام وهي دخول الإسلام، دفع الجزية، القتال
–الجزية، يقصد منها أن يكون الأمر كله للمسلمين وبنزع شوكة الكافرين.
–في اليهود من الخبث والشر ما أوصلهم إلى أن تجرؤوا على الله، وتنقَّصوا من عظمته سبحانه.