21–يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ
–يبشر تعالي عباده المجاهدين بالرحمة الواسعة والرضوان والنعيم المقيم
–يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ: يبشر الله عباده المهاجرين بما يسرهم من الثواب الجزيل ، والنعيم المقيم .. كالآتي ذكره:-
1–بِرَحْمَةٍ مِنْهُ: فيبشرهم برحمته الواسعة بهم في الدنيا والآخرة التي لاشقاء بعدها ولا هم يحزنون.
2–وَرِضْوَانٍ: ومن إحلال رضوانه عليهم الذي هو ما فوق النعيم، فلا يسخط عليهم أبدًا.
3–وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ: وبأن مصيرهم إلى جنات الخلد والنعيم الدائم الذي لا ينقطع أبدًا ولهم فيها من كل ما تشتهيه الأنفس.. وتلذ الأعين مما لا يعلم وصفه ومقداره إلا اللّه
–وقد أعد تعالي للمجاهدين في سبيله مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فلو اجتمع الخلق في -درجة واحدة- منها لوسعتهم.
22–خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
–وهم مقيمين في تلك الجنان إقامة لا نهاية لها متنعمين، ثوابًا لهم علي ما قدَّموه من الطاعات والعمل الصالح في حياتهم الدنيا، إن الله عنده أجر عظيم .. لمن قام بامتثال أوامره ، واجتنباب نواهيه مخلصًا له الدين.
23–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ
–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: اعملوا بمقتضى الإيمان، فلا توالوا من قام بمعاداة الله ورسوله ﷺ.
–لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ: لا تتخذوا أقرباءكم -من الآباء والإخوان وغيرهم- أولياء، تفشون إليهم أسرار المسلمين وتستشيرونهم في أموركم ما داموا على الكفر معادين للإسلام.
–وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ: ومن يتخذ هؤلاء أولياء ويُلْقِ إليهم المودة فقد عصى الله تعالى، وظلم نفسه ظلمًا عظيمًا.
24–قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ
–وجوب محبة اللّه ورسولهﷺ والجهاد في سبيله وتقديمها على محبة كل شيء
–قل -يا أيها الرسول- للمؤمنين: إنكم إن فَضَّلتم آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وأقرباؤكم، وأموالكم التي جمعتموها وتجارتكم التي تحبون رواجها، وتخافون كسادها والبيوت الفارهة التي ترضون المقام فيها.
–إنكم إن فَضَّلتم ذلك كله على: حب الله ورسوله ﷺ والجهاد في سبيله فانتظروا عقاب الله بكم ونكاله ، والله لا يوفق القوم الخارجين عن طاعته بالعمل لما يرضيه
25–لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ
–غزوة حنين وقعت في 13 من شهر شوال، سّنة 8 هجريا، في واد يسمّى حنين بين مكّة والطائف وحدثت بعد فتح مكة واستسلام العديد من القبائل في الجزيرة العربية، إلا بعض القبائل القوية مثل: هوازن وثقيف التي قررت إعلان الحرب علي المسلمين، وكان المسلمين حينئذ، اثني عشر ألفا والكفار أربعة آلاف .. وأعجب المسلمون بكثرتهم وقالوا لن نغلب اليوم من قلّة.
–فلما التقي هم وهوازن، حملوا على المسلمين حملة واحدة، فانهزم المسلمون وفروا، ولم يبق مع رسول اللّه ﷺ إلا نحو مائة رجل، ثبتوا معه، فأمر ﷺ العباس بن عبد المطلب أن ينادي في بقية المسلمين والأنصار فلما سمعوا صوته تشجعوا واستجابوا للنداء وعطفوا عطفة رجل واحد علي المشركين .. وأمدَّهم ربهم بملائكة لم يروها ، فهزم اللّه المشركين هزيمة شنيعة واستولوا على معسكرهم ونسائهم وأموالهم.
–لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ: أنزل الله نَصْرَه عليكم في حروب كثيرة كبدر، وقريظة، والنضير .. عندما أخذتم بالأسباب ، وتوكلتم على الله بالرغم من قلة عددكم وضعف عدتكم.
–وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً: فقد أعجبتكم كثرتكم، فقلتم: "لن نُغْلَب اليوم من قِلَّة".
–فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً: فلم تنفعكم كثرتكم التي أعجبتكم شيئًا ،، ولم تكن سبب لنصركم فتغلّب عليكم عدوكم وانتصر.
–وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ وضاقت عليكم الأرض مع سعتها فلم تجدوا مكانا تطمئنون إليه لشدة ما لحقكم من الخوف، ثم وليتم عن أعدائكم فارين منهزمين.
26–ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ
–ثم بعد فراركم من عدوكم أنزل الله الطمأنينة على رسوله ﷺ وأنزلها على المؤمنين -فثبتوا للقتال- وأنزل ملائكة لم تروهم ، وعذَّب الذين كفروا بما حصل لهم من القتل والأسر وأخذ الأموال وسبي الذراري.. وإن ذلك الجزاء الذي جوزي به هؤلاء.. هو جزاء الكافرين المكذبين لرسولهم المعرضين عما جاء به.
♦♦♦
مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
–مراتب فضل المجاهدين كثيرة، فهم أعظم درجة عند الله من كل ذي درجة
–إن المجاهدين لهم المزية والمرتبة العلية، وهم الفائزون الذين يبشرهم ربهم بالنعيم.
–في الآيات أعظم دليل على وجوب محبة الله ورسوله ﷺ وتقديمها على محبة كل شيء.
–تخصيص يوم حنين بالذكر من بين أيام الحروب؛ لما فيه من العبرة
–يوم حنين حدث النصر عند امتثال المؤمنين لأمر الله ورسوله ﷺ
–يوم حنين حدثت الهزيمة بسبب الغرور وإيثار الحظوظ العاجلة على الامتثال.
–سكينة الرسول ﷺ سكينة اطمئنان على المسلمين الذين معه وثقة بالنصر.
–وسكينة المؤمنين سكينة ثبات وشجاعة بعد الجَزَع والخوف.