شائع

تفسير سورة الأنفال صفحة 185 من الآيات (62 - 69) .. وفوائد الآيات

التفسير

62–وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ 

–وإن أرادوا - أيها الرسول - بميلهم للصلح المكر بك والخديعة ليجهزوا لقتالك، فإن الله تعالي حسبك وكافيك مكرهم وخداعهم -فقد سبق لك- من كفايته لك ونصره ما يطمئن به قلبك فهو الذي قَوَّاك بنصره ومدده، وقَوَّاك بنصر المؤمنين لك من المهاجرين ، والأنصار.

63–وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 

–واذكر - أيها الرسول- من نعم الله تعالي عليكم أنه جمع بين قلوب المؤمنين الذين نصرك بهم من -المهاجرين والأنصار- بعد التفرق، لو أنفقت مال الدنيا على جمع قلوبهم ما استطعت، ولكن الله جمع بينهم على الإيمان، فاجتمعوا وائتلفوا وازدادت قوتهم ثم - قَوَّاك بهم - إن الله عزيز في مُلْكه، حكيم في أمره وتدبيره.

64–يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ

–وإن كان هذا الخطاب موجه للنبي  فإنه موجه لعموم الأمة من بعده.

يا أيها النبي- إن الله كافيك ، وكافي أتباعك من المؤمنين شرَّ ومكر أعدائكم -وهذا وعد من اللّه- لعباده المؤمنين المتبعين لرسوله  بالكفاية والنصرة على الأعداء ، فثق بالله واعتمد عليه ..

65–يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ 

–يا أيها النبي- حُثَّ المؤمنين على قتال الأعداء، وشجعهم  بما يقوي عزائمهم وينشط الهمم.. 

-يأيها المؤمنون:- 

فإن يكن منكم -عشرون صابرون- على مقاتلة الكفار يغلبوا -مائتين- من الكافرين، أي الفرد يغلب عشرة.

–وإن تكن منكم -مئة صابرة- علي مقاتلة الكفار يغلبوا -ألفًا- من الكافرين، أي الفرد يغلب عشرة.

–ذلك بأن الكافرين قوم يقاتلون من أجل العلو في الدنيا والفساد، ولا يفهمون سُنَّة الله بنصر أوليائه، ودَحْر أعدائه، ولا يدركون المقصود من القتال، وما أعدَّه الله للمجاهدين في سبيله من جنات، ونعيم، وما أعده للكافرين من العذاب

–والمقصود بتقييد ذلك بالصابرين، أنه حث على الصبر، وأنه ينبغي منكم أن تصبروا [ فإذا فعلوا ذلك ] صارت الأسباب الإيمانية والمادية مبشرة بحصول ما أخبر اللّه به [ من النصر لهذا العدد القليل ] ..

66–الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ

–الآن خفف الله عنكم -أيها المؤمنون- لما علمه من ضعفكم، فخفف عنكم لطفًا منه بكم.. 

–فأوجب على الواحد منكم أن يثبت أمام اثنين من الكفار بدل عشرة منهم..

–فإن يكن منكم -مائة صابرة- على قتال الكفار يغلبوا -مائتين- من الكفار.

–وإن يكن منكم -ألف صابرون- يغلبوا -ألفين-   من الكفار بإذن الله

وأيقنوا أن الله مع الصابرين من المؤمنين بالتأييد والنصر.

67–مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 

–هذه معاتبة من اللّه لرسوله ﷺ وللمؤمنين يوم ( بدر ) إذ أسروا المشركين وأبقوهم لأجل الفداء.. فقال تعالي:-

–مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ: ما ينبغي لنبي أن يكون له أسرى من الكفار حتى يُثْخِنَ: يُكْثِر من القتل فيهم؛ ليدخل الرعب في قلوبهم حتى لا يعودوا إلى قتاله مرة أخري، ويوطد دعائم الدين..

–تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا : تريدون -أيها المؤمنون- بأخذكم الفداء من أسرى "بدر" متاع الحياة الدنيا..

وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ: لكم التي تُنَال بنصر الدين واعزازه،  ونصر أوايائه في الدنيا والآخرة..

وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ: كامل العزة، ولو شاء أن ينتصر من الكفار من دون قتال لفعل، لكنه حكيم، يبتلي بعضكم ببعض.

68–لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ 

–لولا كتاب من الله سبق به - القضاء والقدر - بإباحة الغنيمة،  وفداء الأسرى .. لهذه الأمة - لأصابكم عذاب شديد من الله بسبب ما أخذتم من الغنيمة والفداء من الأسرى قبل نزول وحي من الله بإباحة ذلك.

69–فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 

فكلوا -أيها المؤمنون- مما أخذتم من الكفار من الغنائم وفداء الأسرى فهو حلال طيب, واتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه .. وحافظوا علي أحكام دين الله وتشريعاته .. إن الله غفور لعباده المؤمنين، رحيم بهم.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–في الآيات وَعْدٌ من الله لعباده المؤمنين بالكفاية والنصرة على الأعداء.

 –الثبات أمام العدو فرض على المسلمين لا اختيار لهم فيه،  ما لم يُرَخِّص لهم بخلاف ذلك.

–إن الله يحب لعباده معالي الأمور، ولذلك حثهم على  الجهاد لطلب أعالي منازل الجنة.

–مفاداة الأسرى أو إطلاق سراحهم لا يكون إلا بعد الغلبة والسلطان على الأعداء، وإظهار هيبة الدولة 


  




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-