شائع

تفسير سورة الأنفال صفحة 184 من الآيات (53 -61) .. وفوائد الآيات

التفسير

53–ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

–ذلك العقاب الشديد بسبب أن الله تعالي إذا أنعم على قوم بنعم من عنده في الدين والدنيا، -لم يسلبها- منهم إلا إذا بدلوا أنفسهم .. من حالهم الطيب: من الإيمان والاستقامة وشكر النعم .. إلى الحال السيئة: من الكفر بالله تعالي ومعصيته وكفران نعمه، إن الله سميع: لأقوال عباده سواء من أسر القول ومن جهر به، عليم: بأفعالهم، لا يخفى عليه شيء منها.

54–كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ 

–شأن هؤلاء الكافرين -في كفرهم- كشأن:-

– (آل فرعون)، الذين أهلكهم الله تعالي بالغرق في البحر، بسبب كفرهم وذنوبهم.

–(والأمم المكذبة) من قبلهم، الذين كذبوا بآيات ربهم ، ورسلهم ، فأهلكهم الله تعالي بسبب كفرهم وذنوبهم..

وكل من آل فرعون، والأمم المكذبة من قبلهم، كانوا ظالمين، بسبب كفرهم بالله وشركهم به، فاستوجبوا بذلك عقاب ربهم، فأوقعه عليهم.

55–إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ 

–إن شَرَّ من يَدِبُّ على الأرض - من خلق الله - هم الذين كفروا بالله وبرسله، ولو أنك جئتهم بكل آية؛ -فهم لا يؤمنون- لإصرارهم على الكفر، فقد تعطلت فيهم وسائل الهداية من (عقل، وسمع ، وبصر)

56–الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ 

–من أولئك الأشرار -اليهود- الذين عقدت معهم العهود والمواثيق بأن لا يحاربوك ولا يظاهروا عليك أحدًا، -كبني قريظة ونظرائهم- ثم ينقضون عهدهم المرة تلو المرة -وهم لا يتقون الله- كلما عاهدوك وواثقوك، حاربوك وظاهروا عليك.

–وكان بنو قريظة، نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله ﷺ وأعانوا المشركين بالسلاح على قتال النبي ﷺ وأصحابه .. ثم قالوا : نسينا وأخطأنا .. ثم عاهدهم النبي ﷺ للمرة الثانية ثم نقضوا العهد .. ومالئوا الكفار على الرسول ﷺ في يوم الخندق .. وهم لا يخافون الله تعالى في نقض العهد.

57–فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ 

–فإن قابلت - أيها الرسول - هؤلاء الناقضين لعهودهم في الحرب فنكل بهم أشد تَنْكِيل حتى يسمع بذلك غيرهم، ويدخل الرعب في قلوبهم لعلهم يعتبرون بحالهم، فيهابون قتالك وحربك ومظاهرة أعدائك عليك، ولا يجترئون على مثل الذي أقدم عليه السابقون.

58–وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ 

–وإن كان هذا الخطاب موجه للرسول  فإنه موجه للأمة من بعده.

–وإن خفت - أيها الرسول - من قوم عاهدتهم خيانة، وغشًّا ونقضًا للعهد بإمارة ظهرت لك بوادرها ، فألق إليهم عهدهم  - وأعلمهم بطَرْح عهدهم - كي يكون الطرفان مستويين في العلم بأنه - لا عهد بينكم بعد اليوم - لكي لا يتهموك بالغدر .. 

ولا تباغتهم قبل إعلامهم، فإن مباغتتهم قبل إعلامهم من الخيانة، إن الله لا يحب الخائنين في عهودهم الناقضين للعهد والميثاق ، فاحذر من الخيانة.

59–وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ 

–ولا يظنن الذين كفروا، أنهم فاتوا، ونجَوْا من عقاب الله وأفلتوا منه، وأن الله لا يقدر عليهم، فإنهم لا يعجزونه، ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ فإنهم لن يُفْلِتوا من عذاب الله، ونزلت فيمن أفلت في يوم بدر.

60–وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ 

وأعدُّوا - يا معشر المسلمين - في المعركة لمواجهة أعدائكم:-

–كل ما تقدرون عليه مِن عدد وعدة, لتُدْخلوا بذلك الرهبة في قلوب أعداء الله وأعدائكم المتربصين بكم.

–وتخيفوا آخرين لا تظهر لكم عداوتهم الآن، لكن الله يعلمهم ويعلم ما يضمرونه. 

–وما تبذلوا من مال وغيره .. في سبيل الله قليلا أو كثيرًا يخلفه الله تعالي عليكم في الدنيا، ويدخر لكم ثوابه كاملًا غير منقوص في الآخرة، فبادروا إلى الإنفاق في سبيله.

61–وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 

–وإن مال أعدائك إلى الصلح، وتَرْكِ قتالك ، فَمِلْ -أيها الرسول- وأجبهم إلى ما طلبوا، وعاهدهم، واعتمد على الله، وثق به، - فإن الله لن يخذلك - إنه هو السَّمِيعُ: لأقوالهم، الْعَلِيمُ: بنياتهم وما يضمرون، وبأفعالهم.

–وهذا فإن للسلم فوائد كثيرة، وحذر :-

أن طلب العفو مطلوب كل وقت، فإذا كانوا هم المبتدئين في ذلك، كان أولى لإجابتهم، لعلهم يرجعوا عن ما كانوا عليه.

أن في ذلك إجماعا لقواكم، واستعدادا منكم لقتالهم في وقت آخر، إن احتيج لذلك.

أنكم إذا أصلحتم وأمن بعضكم بعضا، - فإن الإسلام يعلو ، ولا يعلى عليه - فكل من له عقل وبصيرة - فضل الإسلام - على غيره من الأديان، لحسنه في أوامره ونواهيه، وفي معاملته للخلق والعدل فيهم، وأنه لا جور فيه ولا ظلم، فحينئذ يكثر الراغبون فيه والمتبعون له،.

–ولا يحذر من السلم إلا خصلة واحدة، وهي أن يكون الكفار قصدهم بذلك - خداع المسلمين - وانتهاز الفرصة فأخبرهم أن - الله هو حسبهم - وكافيهم خداعهم، وأن ذلك يعود ضرره عليهم.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–من فوائد العقوبات: أنها سبب لزجر من لم يعمل المعاصي، كما أنها زجر لمن عملها ألا يعاودها

–من أخلاق المؤمنين الوفاء بالعهد مع المعاهدين، إلّا إن وُجِدت منهم الخيانة.

–يجب على المسلمين الاستعداد بكل ما يحقق الإرهاب للعدو من الأسلحة والرأي والسياسة.

–جواز السلم مع العدو إذا كان فيه مصلحة للمسلمين.





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-