شائع

تفسير سورة الأنفال صفحة 183 من الآيات (46 - 52) .. وفوائد الآيات


التفسير 

46–وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ 

التنازع والاختلاف من أسباب انقسام الأمة، وإنذار بالهزيمة والتراجع، وذهاب القوة والنصر.

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ: والزموا طاعة الله تعالي وطاعة رسوله  في أقوالكم وأفعالكم وجميع أحوالكم ..

وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ: ولا تتنازعوا - أيها المؤمنون- في أمور حياتكم ودينكم تنازعا يفرق القلوب ويمزق الوحدة فتضعفوا وتفشلوا ومن ثم يذهب نصركم وقوتكم وتأتيكم الهزيمة 

وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ: واصبروا عند لقاء عدوكم، إن الله مع الصابرين بنصره وعونه وتأييده - ولن يخذلهمومن كان الله معه فهو الغالب والمنتصر لا محالة.

47–وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ 

–ولا تبغوا -أيها المؤمنون- في عملكم الرياء والسمعة، وترك إخلاص العمل لله، واحتساب الأجر فيه, مثل جيش  المشركين الذين خرجوا من بلدهم .. بطرًا: كبرًا، ورياءً: ومراءاة للناس بزّيهم وأموالهم وكثرة عددهم وشدة بطانتهم -وعادت في آخر اليوم- بالذل والخيبة والهزيمة.

–لأنهم كانوا يمنعون الناس من الدخول في دين الله وذلك بقتالهم إياهم .. وتعذيب من قدروا عليه من أهل الإيمان بالله .. والله بما يعملون من الرياء، والصدِّ عن سبيل الله .. وغير ذلك " محيط": عالم بجميع ذلك، لا يخفى عليه شيء من أعمالهم وسيجازيهم عليها.

48–وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ 

–وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ: واذكروا -أيها المؤمنون- من نعم الله تعالي عليكم أن -حسَّن الشيطان- للمشركين أعمالهم، فشجعهم على ملاقاة المسلمين وقتالهم.. 

–وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ: فإنكم في عَدَدٍ وعُدَدٍ وهيئة لا يقاومكم فيها محمد  ومن معه.
–وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ: وقال الشيطان للمشركين: وإني ناصركم  ومُجِيركم من عدوكم - محمد  ومن معه-.
–فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ: فلما التقى الفريفان فريق المؤمنين معهم الملائكة ينصرونهم، وفريق المشركِين معهم الشيطان الذي سيخذلهم؛ ولَّى الشيطان هاربًا.

–وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ: وقال الشيطان للمشركين: إني بريء منكم، , إني أرى ما لا ترون من الملائكة الذين جاؤوا مددًا لنصرة المسلمين ، إني أخاف أن يهلكني الله، والله شديد العقاب، فلا يقدر على تحمل عقابه أحد.

49–إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 

–واذكروا -يوم بدر- إذ يقول المنافقون ومرضى القلوب: لقد خدع هؤلاء المسلمين دينُهُم الذي يعدهم فيه بالنصر على أعدائهم بالرغم من قلة العدد والعتاد .. وكثرة عدد أعدائهم وعتادهم ، ولم يُدْرِكْ هؤلاء المنافقون .. أنه من يتوكل على الله ويثق بوعده فإن الله تعالي لن يخذله مهما كان ضعفه ، فإن الله عزيز لا يغالبه أحد ، حكيم في قدره وشرعه.

50–وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ 

وإن كان هذا السياق سببه وقعة "بدر" لكنه عام في حق كلِّ كافر.

ولو تشاهد -أيها الرسول- حال قبض الملائكة أرواح الكفار وانتزاعها، وهم يضربون وجوههم في حال إقبالهم .. ويضربون ظهورهم في حال فرارهم، بمقامع من حديد ويقولون لهم : ذوقوا العذاب المحرق  لرأيت أمرًا عظيمًا، 

51–ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ 

–ذلك العذاب المؤلم عند قبض أرواحكم -أيها الكفار-، والعذاب المحرق في قبوركم وفي الآخرة ، بسبب ما كسبت أيديكم في الدنيا، وأفعالكم ومعاصيكم التي فعلتموها إن الله لا يظلم أحدًا من خَلْقه مثقال ذرة، وإنما يحكم بينهم بالعدل فهو الحَكَم العدل.

52–كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ 

–إنَّ هذا العذاب النازل -بهؤلاء الكافرين- ليس خاصًّا بهم، بل هي- سُنَّة الله - في عقاب الطغاة من الأمم السابقة، فقد أصاب آل فرعون والأمم السابقة من قبلهم حين كفروا بآيات الله تعالي، فعاقبهم الله وأخذهم بسبب ذنوبهم أخذ عزيز مقتدر فأنزل بهم عقابه ، إن الله قَوِيٌّ لا يُقْهر ، شَدِيدُ الْعِقَابِ ، لمن عصاه ولم يتب من ذنبه.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–البَطَر مرض خطير ينْخَرُ في تكوين شخصية الإنسان، ويُعَجِّل في تدمير كيان صاحبه.

–للصبر منفعة إلهية، وهي إعانة الله لمن صبر امتثالًا لأمره، وهذا مشاهد في تصرفات الحياة.

–التنازع والاختلاف من أسباب انقسام الأمة، وإنذار بالهزيمة، وذهاب القوة والنصر والدولة.

–الإيمان يوجب لصاحبه الإقدام على الأمور الهائلة التي لا يُقْدِم عليها الجيوش العظام.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-