شائع

تفسير سورة الأنفال صفحة 181 من الآيات (34 - 40) .. وفوائد الآيات


التفسير 

34–وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ

–لقد ادعي المشركون أنهم أولياء الله وهم ليسوا بأوليائه إنما أولياء الله هم المتقون.

وكيف لا يستحقُّون عذاب الله تعالي - هؤلاء المشركون - وأي شيء يمنع من عذابهم وقد ارتكبوا ما يوجب عذابهم.. فهم الذين يمنعون الناس عن الطواف بالكعبة، وعن الصلاة في المسجد الحرام؟

–وما كان المشركون أولياء الله، فليس أولياءَ الله إلا المتقون الذين يتقون الله تعالي بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ولكن أكثر المشركين لا يعلمون حين ادعوا أنهم أولياؤه، وهم ليسوا بأوليائه، فقد ادَّعَوْا أمرا غيرهم أولى به ..

35–وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ 

–أما هؤلاء المشركون فما كان صلاتهم عند المسجد الحرام إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً أي: صَفِيرًا وتَصْفِيقًا -فعل الجهلة الأغبياء- فبأي شيء كانوا أولى بهذا البيت من المؤمنين الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون ؟! فذوقوا -أيها المشركون- عذاب القتل والأسر يوم "بدر" ; بسبب كفركم بالله، وتكذيبكم لرسوله.

–لذلك أورث اللّه- عباده المؤمنين- بيته الحرام، ومكنهم منه،وقال لهم بعد ما مكن لهم فيه :    ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ).

36–إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ 

يقول تعالى مبينا عداوة المشركين ومكرهم، ومبارزتهم للّه ولرسوله، وسعيهم في إطفاء نوره وإخماد كلمته، بأن وبال مكرهم سيعود عليهم ندامة وحسرة (( وَلَا یَحِیقُ ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّیِّئُ   إِلَّا بِأَهۡلِهِ)).

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ: فيعطونها أمثالهم من المشركين وأهل الضلال, ليصدوا عن سبيل الله ويمنعوا المؤمنين عن الإيمان بالله ورسوله,

فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً فسوف ينفقون أموالهم ولن يتحقق لهم ما أرادوا، ثم تكون عاقبة إنفاقهم لأموالهم ندامة؛ لفواتها وفوات المقصود من إنفاقها.

ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ : ثم يُغْلَبُونَ بانتصار المؤمنين عليهم، والذين كفروا بالله يُسَاقون إلى جهنم يوم القيامة، فيدخلونها خالدين فيها مخلدين. 

37–لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ 

لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ: واللّه تعالى يريد أن يميز الخبيث من الطيب، ويجعل كل واحد في دار تخصه، فيفصل الله فريق المؤمنين الطيب عن فريق الكفار الخبيث.،

وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ: ويجعل الله الخبيث بعضه على بعض، من الأعمال والأموال والأشخاص...

فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ : فَيَرْكُمَهُم الله جَمِيعًا، ومن ثم يَجْعَلَهُم فِي جَهَنَّمَ وبئس المهاد..

 أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ: الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا إن ذلك هو الخسران المبين ..

38–قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ 

وعد الله الكافرين بأن يُغْفَرْ لَهُمْ ذنوبهم إذا تابوا وآمنوا على الرغم من استمرار كفرهم. 

–قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا: قل -أيها الرسول- للذين كفروا بالله وبرسوله ﷺ من قومك : إن يكفُّوا عن الكفر وعداوة النبي ﷺ ويرجعوا إلى الإيمان بالله وحده ، وعدم قتال الرسول ﷺ والمؤمنين.

يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ: يغفر الله لهم ما قد سبق من ذنوبهم، فالإسلام يهدم ما قبله، 

وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ : وإن يعودوا إلى كفرهم، وعنادهم، فقد سبقت منا طريقة الأولين، وهي أنهم إذا كذبوا واستمروا على عنادهم أننا نعاجلهم بالعذاب والعقوبة.

39–وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ 

–أمر الله تعالي عباده المؤمنين بمعاملة الكافرين فقال تعالي:-

–وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ: وقاتلوا المشركين -يأيها المؤمنون- حتى لا يكون شِرْكٌ ، وصدٌّ عن سبيل الله في الأرض

–وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ: فيكون الدين والطاعة والعبادة كلها لله خالصة دون غيره، ولا يُعْبَدَ إلا الله وحده في الأرض فيرتفع البلاء عن عباد الله 

–فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ : فإن انتهى الكفار عما كانوا عليه من الشرك والصد عن سبيل الله -فاتركوهم- فإن الله مطلع على أعمالهم، لا تخفى عليه خافية، وسوف يجازيهم عليها.

40–وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ 

وإن أعرض هؤلاء المشركون عمَّا دعوتموهم إليه -أيها المؤمنون- من التوحيد، والإيمان بالله ورسوله  وترك قتالكم، وأبَوْا إلا الإصرار على الكفر وقتالكم، فَأَيْقِنُوا -أيها المؤمنون- أن الله معينكم وناصركم عليهم. نِعْمَ المعين والناصر لكم ولأوليائه على أعدائكم.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–الصد عن المسجد الحرام جريمة عظيمة يستحق فاعلوه عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة.

–عمارة المسجد الحرام وولايته شرف لا يستحقه إلّا أولياء الله المتقون.

–إن الكافرين لا يحصلون من إنفاقهم علي الباطل من طائل وستصيبهم الحسرة والندامة

–دعوة الله تعالى للكافرين للتوبة والإيمان دعوة مفتوحة لهم على الرغم من استمرار عنادهم.

–من كان الله مولاه وناصره فلا خوف عليه، ومن كان الله عدوًّا له فلا عِزَّ له.

–نعم المولى الله لمن والاه، ونعم الناصر لمن استنصره، ومن كان الله عدوًّا له فلا ناصر له. 







حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-