شائع

تفسير صفحة 175 من الآيات ( 188 - 195) .. وفوائد الآيات

التفسير

188–قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

–قل يا محمد ﷺ لهؤلاء المشركين المشككين 

–قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ: فأنا لا أقدرُ على جَلْبِ خير لنفسي ولا دفع شر يحل بها، إلا أن يشاء الله بذلك..  

 –وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ: ولو أني كنت أعلم الغيب كما تدعون لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تكثِّر لي الخير والمصالح والمنافع, ولاتَّقيتُ ما يكون من الشر قبل أن يقع؛ لِعِلمي بالأشياء قبل كونها..

–ولكني - لعدم علمي - فإنه قد ينالني ما ينالني من السوء، وقد يفوتني ما يفوتني من مصالح الدنيا ومنافعها، فهذا أدل دليل على أني لا علم لي بالغيب.

–إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ: فأنا لست إلا رسولًا من عند الله، أخَوِّفُ من عقابه الأليم، وأبَشِّرُ بثوابه الكريم قومًا قومًا يصدقون بأني رسول الله، ويُصَدِّقُونَ بما جئت به.

189–هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ

–انتقال من النوع إلي الجنس ففي أول الآية: آدم وزوجه، ثم انتقل إلي الجنس وهي ذريته:-

–هو الذي خلقكم -أيها الناس- من نفس واحدة, وهي آدم عليه السلام وخَلَق منها زوجها، وهي حواء; ليأنس بها ويطمئن إليها لتتحقق الحكمة الإلهية في التناسل.

–فلما جامع زوجٌ زوجته -والمراد جنس الزوجين من ذرية آدم- حملت حملًا خفيفًا لا تشعر به؛ لأنه كان في بدايته، واستمرت على حملها هذا تمضي في حوائجها لا تجد ثقلًا، فلما أثقلت به حين كبر في بطنها دعا الزوجان ربهما قائلين: يا ربنا لئن أعطيتنا بشرًا سويًا صالحًا لنكونن لك شاكرين على ما وهبت لنا من الولد الصالح.

190–فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ 

–فلما استجاب الله دعاءهما، ورزق الله الزوجين ولدًا صالحًا، جعلا لله شركاء في ذلك الولد الذي انفرد الله بخلقه فعبَّداه لغير الله، وسَمَّيَاهُ بعبد غير اللّه كـ « عبد الحارث » فتعالى الله وتنزه عن كل شريك، فهو المنفرد بالربوبية والألوهية.

191–أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ 

–أيجعلون هذه الأصنام وغيرها شركاء لله في العبادة، وهم يعلمون أنها لا تقدر على خَلْق شيء, بل هي مخلوقة، ولا تجلب نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، فكيف يجعلونها شركاء لله .. ويعبدونها؟!

192–وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ 

ولا تستطيع هذه المعبودات أن تنصر عابديها ، أو تدفع عن نفسها سوءًا .. فإذا كانت لا تخلق شيئًا ، بل هي مخلوقة .. ولا تستطيع أن تدفع المكروه عمن يعبدها ، ولا عن نفسها .. فكيف تعبدونها وتتخذونها آلهة ؟! إنْ هذا إلا أظلم الظلم وأسفه السَّفَه.

193–وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ 

وإن تدعوا -أيها المشركون- هذه الأصنام التي تتخذونها آلهة من دون الله تعالي إلى الهدى لا يجيبوكم إلى ما دعوتموهم إليه .. ولا يتبعوكم ، فسواء عندها دعاؤكم لها..أو سكوتكم عنها؛ فإنهم لن يجيبوكم لأنها مجرد جمادات لا تعقل ولا تسمع، ولا تنطق.

194–إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

–إن الذين تعبدونهم -أيها المشركون- من دون الله ..فهم مملوكون لربهم، كما أنكم مملوكون لربكم، فهم أمثالكم في ذلك مع أنكم أفضل حالًا؛ لأنكم أحياء تنطقون وتمشون وتسمعون وتبصرون، وأصنامكم ليست كذلك، فادعوهم وليردوا عليكم الجواب.. إن كنتم صادقين فيما تدَّعونه لهم من أنها تستحق العبادة ..

195–أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلْ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِي فَلا تُنظِرُونِ 

  –أهؤلاء الأصنام الذين اتخذتموهم آلهة:-

 –أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا: فيسعون في قضاء حوائجكم ؟!

–أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا: فيدفعون بها عنكم وينصرونكم على من يريد بكم شرًا ومكروهًا بقوة ؟!

 –أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا: ما قد غاب عنكم فيخبرونكم بما لا ترونه ؟!

–أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا: ما قد خفي عنكم فيخبرونكم بما لم تسمعوه ؟

–قُلْ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِي فَلا تُنظِرُونِ: فإن كانت معطلة من ذلك كله فكيف تعبدونها رجاء جلب نفع أو دفع ضر؟! قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: ادعوا آلهتكم، ثم اجتمعوا على إيقاع السوء والمكروه بي -وعجِّلوا بذلك- فإني لا أبالي بآلهتكم; لاعتمادي على حفظ الله وحده.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–إنما الرسول ما هو إلا نَذِيرٌ: يخوف من عقابه الأليم، وَبَشِيرٌ: ويبَشِّرُ بثوابه الكريم.

–لا أحد يعلم الغيب إلا الله وحده، لا ملك مرسل ولا نبي مقرب.

–جعل الله للرجل زوجه؛ ليألفها ويأنس بها؛ لتتحقق الحكمة الإلهية في التناسل.

–لا يليق بالأفضل وهو الإنسان أن يشتغل بعبادة الأخس والأرذل من الحجارة والخشب.. 

–الواجب على العاقل عبادة الله؛ لأنه يحقق له منافع الدين والدنيا.

 –إن الله بتولّي الصالحين من عباده بحفظه لهم ونصرته إياهم، فلا تضرّهم عداوة من عاداهم. 

 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-