شائع

تفسير سورة الأعراف صفحة 162 من الآيات (88 - 95) .. وفوائد الآيات

التفسير 

88–قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ 

–قال الكبراء والرؤساء من -قبيلة مدين- الذين تكبروا عن الإيمان بالله واتباع رسوله، لنبيهم: لنخرجنك -يا شعيب- من قريتنا هذه أنت والذين آمنوا معك ،أو لترجعنّ إلى ديننا وملتنا..

 قال عليه السلام منكرًا ومتعجبًا: هل نتابعكم على دينكم وملتكم الباطلة، حتي ولو كنا كارهين لها لعلمنا ببطلانها ؟! فإنما يدعى إليها من له رغبة فيها ، أما من ينهي عنها ، وعن اتباعها ، فكيف يدعي إليها ؟!

89–قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ 

وقال شعيب عليه السلام لقومه مستدركًا:-

–اشهدوا علينا .. أننا كاذبون مفترون على اللّه الكذب إن عدنا إلي ملتكم هذه بعد أن نجانا اللّه منها وأنقذنا من شرها.

–وأنه يمتنع على مثلنا أن نعود في ملتكم ، فإن هذا من المحال ، إلا أن يشاء الله ربنا ، لخضوع الجميع لمشيئته سبحانه.

–لقد أحاط ربنا بعلم كل شيء لا يخفى عليه منه شيء علي الله وحده اعتمدنا ليثبتنا على الحق والصراط المستقيم ويعصمنا من الطرق التي تؤدي إلي الجحيم.

–يا ربنا- احكم بيننا وبين قومنا الكافرين بالحق ، فانصر صاحب الحق المظلوم على الظالم الكافر المعاند فأنت -يا ربنا- خير الحاكمين.

90–وَقَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنْ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ 

وقال الكبراء والرؤساء الكافرون من قومه الرافضون لدعوة التوحيد مُحذِّرين من شعيب ودينه: لئن دخلتم -يا قومنا- في دين شعيب، وتركتم دينكم ودين آبائكم إنكم بذلك لهالكون.

–وهذا ما سولت لهم أنفسهم .. أن الخسارة والشقاء في اتباع الرشد والهدى، ولم يدروا أن الخسارة كل الخسارة في لزوم ما هم عليه من الضلال والإضلال .. وقد علموا ذلك حين وقع بهم العذاب.

91–فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ 

–وبدأ العذاب فأخذَتْ قومَ شعيب عليه السلام الزلزلةُ الشديدة ..  فأصبحوا صرعي في ديارهم ، منكبّين على ركبهم ووجوههم، هالكين..

 92–الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَانُوا هُمْ الْخَاسِرِينَ 

الذين كذَّبوا شعيبًا قد -هلكوا جميعًا- كأنهم لم يقيموا في ديارهم ، ولم يتمتعوا فيها ، حيث قد استؤصلوا فلم يبق لهم أثر وأصابهم الخسران والهلاك في الدنيا والآخرة .. ولم يكن المؤمنون من قومه هم الخاسرين كما ادعى عليهم هؤلاء الكافرون المكذبون.

93–فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ 

فأعرض شعيب عليه السلام عنهم حينما أيقن بحلول العذاب بهم، وقال: يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي، ونصحت لكم بالدخول في دين الله والإقلاع عما أنتم عليه، فلم تقبلوا نصحي، ولم تنقادوا لإرشادي، فكيف أحزن على قوم كافرين بالله كذبوا رسوله .. مصرِّين على كفرهم؟!

94–وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ 

–يقول تعالى: وما أرسلنا في قرية من نبي من أنبياء الله يدعوهم إلى عبادة اللّه وينهاهم عن ما هم فيه من الشرك والضلال ، فكذَّبه قومه ولم ينقادوا له: إلا ابتلاهم الله بالفقر والمرض وأنواع البلايا .. رجاء إذا أصابتهم الإبتلاءات أن يتذللوا لله تعالي ويتركوا ما هم عليه من الكفر والاستكبار ويرجعوا إلى الحق.

95–ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ 

–ثُمَّ إذا لم يفد فيهم، واستمر استكبارهم، وازداد طغيانهم.

–فإن الله يبدَّل الحالة الطيبة الأولى مكان الحالة السيئة بعد الأخذ بالبؤس والمرض خيرًا وسعة وأمنًا حتى كثرت أعدادهم ونمت أموالهم وقالوا: إن ما أصابنا من الشر والخير هو عادة مُطَّرِدة ، قد أصابت أسلافنا من قبل ولم يدركوا أن الذي أصابهم من نِقَم يُراد به الاعتبار .  وما أصابهم من نعم يُراد به الاستدراج .. ثم نأخذهم فجأة بالعذاب وهم لا يشعرون بالعذاب ولا يترقبونه.

 ♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–أكرم الله عباده الصالحين بأن فتح لهم باب رحمته بنجاة المؤمنين، وعقاب الكافرين.

–من سُنَّة الله في عباده الإمهال؛ لكي يتعظوا بالأحداث، ويُقْلِعوا عن المعاصي والموبقات.

 –الابتلاء بالشدة قد يصبر عليه الكثيرون، ويحتمل مشقاته الكثيرون..

–والابتلاء بالرخاء فالذين يصبرون عليه قليلون، فالرخاء والأموال تحمل علي ارتكاب المعاصي   





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-