شائع

تفسير سورة الأعراف صفحة 158 من الآيات (58 - 67) .. وفوائد الآيات

التفسير 

58–وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ

–ينوع الله في الآيات ويضرب بها الأمثال لقوم يشكرون اللّه علي نعمه، فيؤمنون ولا يكفرون

–الأرض الطببة إذا نزل عليها المطر تُخْرج نباتًا طيبًا ميسرًا فيه النفع -بإذن الله ومشيئته- مثل ذلك كحال المؤمن إذا نزلت عليه آيات الله انتفع بها وأثمرت فيه حياة صالحة، يعمها الفلاح في الدنيا والآخرة..

–أما الأرض السَّبِخة الرديئة فإنها لا تُخرج النبات إلا عسرًا رديئا لا خير فيه، ولا تُخرج منها نباتًا طيبًا أبدا، ومثل ذلك كحال الكافر لا ينتفع بآيات الله فلا تثمر عنده حياة صالحة، ولا عملًا صالحًا ينتفع به في الدنيا والآخرة.

–مثل ذلك التنويع البديع في البيان نُنوِّع الحجج والبراهين لإثبات الحق .. لأناس يشكرون نعم الله عليهم ويطيعونه، فيؤمنون.

59–لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ 

كانت أمة نوح عليه السلام أول الأمم المشركة على الأرض وكان هو أول رسول بعثه الله تعالي إلى الأرض بعد نسل آدم عليه السلام. وكانت فترة دعوته هي الأطول بين جميع الأنبياء ، حيث بلغت (٩٥٠) سنة..

–لقد بعثنا نوحًا عليه السلام إلى قومه; يدعوهم إلى توحيد الله، وترك عبادة الأوثان فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده، ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره، واتركوا عبادة الأوثان وغيره، فإن لم تفعلوا وبقيتم علي الكفر فإني أخاف عليكم عذابَ يوم عظيم وهو -يوم القيامة- في حال إن أصررتم على الكفر.. وهذا من نصحه واشفاقه عليهم

60–قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ 

قال له سادة قومه وكبراؤهمالذين قد جرت العادة باستكبارهم على الحق، وعدم انقيادهم للرسل، إنا لنراك في ضلال مبين، وقدحوا فيه أعظم قدح، ونسبوه إلى الضلال، ولم يكتفوا بمجرد الضلال حتى جعلوه ضلالا مبينا واضحا 

61–قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ 

–فرد نوحا عليه السلام علي قومه .. وترقق لهم لعلهم ينقادون له فقال: لست ضالًّا كما زعمتم وإنما أنا على هدى من ربي فأنا رسول الله إليكم أرسلني الله ربي وربكم ورب الخلق أجمعين.

62–أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ 

–عندما أبلغ نوحا عليه السلام قومه أنه رسول من عند الله، أبلغهم ما أُرسله به ربه قائلا:-

–وظيفتي تبليغكم -رسالات ربي- ببيان توحيده وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه..

–وأنصح لكم محذرًا لكم من عذاب الله - النار - ومبشرًا بثوابه - جنته -.

–وأعلم من شريعته ما لا تعلمون فأطيعوني وانقادوا لأمري إن كنتم تعلمون.

63–أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 

–كيف تعجبون من حالة : لا ينبغي منها العجب وهو أن جاءتكم الرسالة والموعظة على لسان رجل منكم تعرفون نسبه وصدقه; ليخوفكم من عقاب الله إن كذبتم وعصيتم، ولتتقوا الله تعالي بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ورجاء أن تُرحموا إن آمنتم به ؟! فهذه الحال من عناية اللّه تعالي بكم وإحسانه الذي يتلقى بالقبول والشكر .. لا بالكفر والعناد

–فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِينَ 

أمر اللّه تعالي نبيه نوحا عليه السلام بصنع السفينة وقد أوحى إليه تعالي أن يحمل من كل صنف زوجين اثنين من  الحيوانات وأهله، ومن آمن معه، حتي إذا جاء أمر الله بالطوفان نجاهم اللّه بها.

وعندما كذب قوم نوحًا نبيهم أنجاه الله تعالي ومَن آمن معه في السفينة, وأغرق الكفار الذين كذبوا بحجج الله تعالي الواضحة فقد كانوا قوما عمين عن الهدي أبصروا الحق والآيات ولكنهم لم يؤمنوا بها. 

65–وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ 

–كان الطوفان العظيم أوّل عقوبة نزلت وعمّت البشر، ثم إنّ أول قبيلة كفرت بعده كانت (قوم عاد) كانوا يعيشون في منطقة تدعي (الأحقاف) تقع في حضرموت بين اليمن وعُمان ولكنهم لم يتعضوا بما حدث لقوم نوح واستمروا في عبادة الأصنام والأوثان .. فأرسل الله لهم نبياً كريماً هود عليه السلام..

ولقد أرسلنا إلى قبيلة عاد رسولا منهم وهو هود عليه السلام حين عبدوا الأوثان .. من دون الله، فقال لهم: اعبدوا الله وحده, ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جل وعلا فأخلصوا له العبادة أفلا تتقون الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه لتسلموا من عذابه؟!

66–قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنْ الْكَاذِبِينَ 

–قال الكبراء والسادة من قومه الذين كفروا بالله وكذبوا رسوله: إنا لنعلم أنك -يا هود- في خفة عقل وطيش حين تدعوننا إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام ، وإنا لنعتقد جازمين أنك من الكاذبين فيما تدعيه من أنك رسول من عند الله. 

67–قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ 

–قال هود عليه السلام ردًّا على قومه : يا قوم ليس بي خفة عقل وطيش، بل إني رسول من ربِّ العالمين.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–الأرض الطيبة مثال للقلوب الطيبة حين ينزل عليها القرآن تنتفع به، فيثمر لها الخير والبركة

–الأرض الحبيثة مثال للقلوب الخبيثة حين ينزل عليها القرآن لاتنتفع به، فينقلب عليها حسرة 

–الأنبياء والمرسلون يشفقون على الخلق أعظم من شفقة آبائهم وأمهاتهم.

–من سُنَّة الله إرسال كل رسول من قومه وبلسانهم؛ تأليفًا للقلوب، وتيسيرًا على البشر.

–من أعظم السفهاء من قابل الحق بالرد والإنكار، وتكبر عن الانقياد للعلماء والنصحاء

 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-