شائع

تفسير سورة الأعراف صفحة 152 من الآيات (12 - 22) .. وفوائد الآيات

التفسير 

12–قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ 

–قال تعالى توبيخًا لإبليس علي تَرْكَ السجود: ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك لما خلقت بيدي (فقد شرفه ربه وفضله بهذه الفضيلة، التي لم تكن لغيره ) أفعصيت أمري؟! فقال إبليس معارضا ربه: أنا أفضل منه خلقًا; -برهن على هذه الدعوى الباطلة- فقال: فقد خلقتني من نار .. وخلقته هو من طين ،  والنار أشرف من الطين .. 

13–قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ 

–وعندما حدث من إبليس ما حدث انحط من مرتبته العالية التي كانت مع الملائكة إلى أسفل السافلين.

–قال اللّه لإبليس: فاهبط من الجنة فما يصح لك أن تتكبر فيها، لأنها دار الطيبين الطاهرين، فلا تليق بأخبث خلق اللّه وأشرهم، فاخرج منها فإنك من المهانين الأذلين، جزاء على معصيته وتكبره.

14–قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ 

فلما أعلن أبليس بعداوته آدم ..كذلك قد أعلن عداوته لذريته، فسأل الله النظرة والإمهال إلى يوم البعث، ليتمكن من إغواء ما يقدر عليه من بني آدم.

–فقال إبليس لله تعالي حينما يئس من رحمته: أمهلني إلى يوم البعث; وذلك لأتمكن من إغواء مَن أقدر عليه من بني آدم.

15–قَالَ إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ 

–ولما كانت حكمة اللّه تعالي مقتضية لابتلاء العباد واختبارهم ، ليتبين الصادق من الكاذب ، ومن يطيعه ممن يطيع عدوه، أجابه لما سأل ..

–قال تعالي: إنك -يا إبليس- من المُمْهَلين الذين كتبت عليهم تأخير الأجل حتي يوم النفخة الأولى في الصور حين يموت الخلق جميعهم .. ويبقى الله تعالي خالقهم وحده.

16–قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ 

–قال إبليس لعنه الله - لما أبلس وأيس من رحمة اللّه فبسبب ما أضللتني لأجتهدنَّ في إغواء بني آدم عن طريقك القويم، ولأصدَّنَّهم عن الإسلام الذي فطرتهم عليه، ولأسعى غاية جهدي عن صد الناس عنه، وعدم سلوكهم إياه، 

17–ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ 

ولما علم الخبيث أنهم ضعفاء تغلب الغفلة علي أكثرهم، وكان الملعون جازما ببذل مجهوده على إغوائهم، فقال الملعون: لسوف آتِينَّهم من جميع الجهات من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم .. ويكون ذلك بالترغيب في الدنيا والتزهيد في الآخرة، وإلقاء الشبهات بينهم، وتحسين الشهوات.

–ولا تجد -يا رب- أكثرهم شاكرين لك؛ لما أمليه عليهم من الكفر، فإن القيام بالشكر من سلوك الصراط المستقيم -ولقد نبهنا اللّه تعالي- على ما قال وعزم على فعله لنأخذ منه حذرنا ونستعد لعدونا ونحترز منه، وذلك عندما علمنا بالطرق التي يأتي منها ، ومداخله التي ينفذ منها ، فلله تعالى علينا بذلك أكمل نعمة وفضل ..

18–قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ 

–قال تعالي لإبليس: اخرج من الجنة خروج صغار واحتقار، لا خروج إكرام بل تخرج ممقوتًا مطرودًا مبعدا عن اللّه وعن رحمته وعن كل خير، لأملان جهنم منك وممن تبعك منهم  أجمعين، وهذا -قسم منه تعالى- أن النار دار العصاة، لابد أن يملأها من إبليس وأتباعه من الجن والإنس.

 19–وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ 

أمر اللّه تعالى آدم وزوجته حواء، التي أنعم اللّه بها عليه ليسكن إليها، أن يأكلا من الجنة حيث شاءا ويتمتعا فيها بما أرادا، إلا أنه -عين لهما شجرة، ونهاهما عن أكلها- وقال لهما: فإنكما إن أكلتما من الشجرة بعد نهيي لكما كنتما من الظالمين لحدود الله.

20–فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ 

–فألقى الشيطان لهما كلامًا خفيًّا - وسوسة - لإيقاعهما في معصية الله تعالي بالأكل من تلك الشجرة التي نهاهما الله عنها; لتكون عاقبتهما انكشاف ما سُتر من عوراتهما، وقال لهما في محاولة المكر بهما: إنما نهاكما ربكما عن الأكل مِن ثمر هذه الشجرة مِن أجل أن لا تكونا ملَكين، ومِن أجل أن لا تكونا من الخالدين في الحياة.

21–وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ 

وأقسم الشيطان بالله، لآدم وحواء، إنه لمن الناصحين لهما في مشورته لهما بالأكل من الشجرة، وهو كاذب مضل في ذلك.

22–فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ 

–فَحَطَّهما من المنزلة التي كانا فيها بخداع منه وغرور، فلما أكلا من الشجرة التي نُهِيا عن الأكل منها، ظهرت عورة كل منهما للآخر بعد ما كانت مستورة ولما بدت عوراتهما خَجِلا من أنفسهما وجَعَلا يُلْزِقان على عوراتهما من أوراق ثمر الجنة ليسترا أنفسهما. 

–وناداهما ربهما منكرا معاتبا لهما وهما بتلك الحال قائلً لهما: ألم أنهكما عن الأكل من هذه الشجرة، وأقل لكما محذرًا: إن الشيطان لكما عدو واضح العداوة لكما؟! فلم اقترفتما المنهي عنه، وأطعتما عدوَّكُما؟! وفي هذه الآية دليل أن كشف العورة من عظائم الأمور ، وأنه لم يزل مستهجَنًا في الطباع مستقبَحًا في العقول. 

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–دلَّت الآيات على أن من عصى مولاه فهو ذليل.

–كان سجود إبليس لآدم  سجود آكرام وإظهارا لفضله، وليس عبادة.

–أعلن الشيطان عداوته لبني آدم، وتوعد أن يصدهم عن الصراط المستقيم بكل الوسائل.

–خطورة المعصية وأنها سبب لعقوبات الله الدنيوية والأخروية.



 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-