شائع

تفسير سورة الأنعام صفحة 139 من الآيات (91 - 94) .. وفوائد الآيات

التفسير 

91–وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ 

–هذا تشنيع على من نفى وأنكر نزول الرسالة من اليهود والمشركين وزعم أن الله ما أنزل على بشر  شيء من وحيه، فمن قال هذا ، فما قدروا الله تعالي حق قدره ، ولا قد عظموه حق عظمته، إن هذا قدح في حكمته، ونفي لأعظم منة، امتن الله بها على عباده، وهي الرسالة، التي لا طريق للعباد إلى نيل السعادة والكرامة والفلاح إلا بها فأي قدح في الله أعظم من هذا؟

–قل لهم -أيها الرسول- مبينا فساد قولهم: إذا كان الأمر كما تزعمون فمن الذي أنزل التوراة علي موسى عليه السلام التي جاء بها إلى قومه نورًا للناس وهداية لهم ؟! وقل : زَاجْرًا لهم بأنهم قد جعلوا التوراة يتناسخونها في دفاتر متفرقة ويتصرفون فيها بما شاؤوا يظهرون منها ما يوافق أهواءهم ويكتمون ما يخالفها كصفة محمد ﷺ ونبوته ؟!

وذكرهم بما من الله علي معشر العرب بالقرآنِ -الذي أنزله عليكم، فيه خبر مَن قبلكم ، وخبر مَن بعدكم وما يكون بعد موتكم- ما لم تعلموه أنتم ولا آباؤكم، قل لهم - أيها الرسول- إن الله هو الذي أنزل القرآن الكريم ثم اتركهم في حديثهم الباطل يخوضون ويلعبون. بما لا فائدة فيه حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون .

92–وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ 

وهذا القرآن كتاب أنزلناه إليك -أيها الرسول- عظيم النفع ، موافق للكتب السابقة، وشاهد لها بالصدق ، لتنذر به أهل مكة وسائر الناس في مشارق الأرض ومغاربها حتى يهتدوا..

–أما الذين يؤمنون بالحياة الآخرة، فهم الذين يصدقون بأن القرآن كلام الله، ويؤمنون به، ويعملون بما فيه وهم  يحافظون على صلاتهم بإقامة أركانها وفروضها كاملة ومستحباتها في أوقاتها المحددة لها شرعًا، لأنهم يؤمنون بالبعث والحساب

93–وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ 

–لا أحد أعظم ظلما، ولا أكبر جرما، ممن كذب علي الله. بأن نسب إلى الله قولا أو حكما وهو تعالى بريء منه ويدخل في ذلك من ادعي: ان الله لم يرسل رسولا من البشر ومن ادعي: أن الله تعالي أوحى إليه النبوة ولم يُوحِ إليه شيئًا كمسيلمة الكذاب والأسود العنسي والمختار، وغيرهم، ومن ادعي: أنه قادر على أن يُنْزل مثل ما أنزل الله من القرآن؟

–ولما ذم الظالمين، ذكر ما أعد لهم من العقوبة في حال الاحتضار، ويوم القيامة فقال تعالي:-

–ولو ترى -أيها الرسول- حين تصيب الظالمين سكرات الموت، والملائكة وهم باسطو أيديهم إليهم بالتعذيب والضرب، يقولون توبيخا لهم: أخرجوا أنفسكم اليوم نقبض أرواحكم، وتجزون عذابًا يهينكم ويذلكم بسبب ما كنتم تقولون على الله من الكذب بادعاء النبوة والوحي وإنزال مثل ما أنزل الله، وبسبب تكبركم عن الإيمان بآياته، لو ترى ذلك لرأيت أمرًا فظيعًا.

94–وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ 

–ولقد جئتمونا للحساب والجزاء فرادى كما أوجدناكم في الدنيا أول مرة حفاةً عراةً وتركتم وراء ظهوركم الذي مكنَّاكم فيه في الأرض مما تتباهون به من أموال ومناصب وزينة ويقال توبيخاً لهم : لما لا نري معكم آلهتكم الذين زعمتم أنهم شفعاءكم وشركاء مع الله في العبادة؟! لقد تشتت جمعكم وزال تَواصُلُكم الذي كان بينكم في الدنيا وذهب عنكم زعمكم وما كنتم تَدَّعونه من دون الله وظهر أنكم أنتم الخاسرون لأنفسكم وأهليكم وأموالكم ..

فإن المشركين يشركون بالله، ويعبدون معه الملائكة، والأنبياء، والصالحين، وغيرهم ..وهم كلهم لله، ولكنهم يجعلون لهذه المخلوقات نصيبا من أنفسهم، وشركة في عبادتهم، وهذا زعم منهم وظلم، فإن الجميع عبيد لله، والله مالكهم، والمستحق لعبادتهم، فتعالي الله عا يشركون..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–هَذَا القرآن مبارك: وَصْفُه تعالي بالبركة، وذلك لكثرة خيراته وأنه مصدقا للكتب السابقة.

–إنزال الكتب على الأنبياء هو سُنَّة الله في المرسلين، والنبي  واحد منهم.

 –أعظم الناس كذبًا وفرية هو الذي يفتري على الله الكذب،  ويقول في حق الله ما ليس بحق.

–كل أحد يبعث يوم القيامة فردًا متجردًا عن المناصب والألقاب، فقيرًا، ويحاسب وحده. 

–الأعمال الصالحة هي التي تنفع أو تضر وما سواها من الأهل والولد أعمال زائلة 





 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-