شائع

تفسير سورة الأنعام صفحة 135 من الآيات ( 60 - 68) .. وفوائد الآيات

التفسير 

60–وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ 

–فأخبر تعالي: أنه وحده، المتفرد بتدبير عباده، في يقظتهم ومنامهم، وأن الله يتوفاهم بالليل -وفاة النوم المؤقتة- فتهدأ حركاتهم، وتستريح أبدانهم، ثم -يبعثهم في اليقظة- من نومهم ، لكي يتصرفوا في -مصالحهم الدينية والدنيوية - ويعلم ما اكتسبتم في النهار من أعمالكم 

–ثم لا يزال تعالى يتصرف فيهم، حتى يستوفوا أجل مسمى وهو -أجل الحياة- وأجل آخر فيما بعد ذلك وهو -البعث بعد الموتثم إليه وحده رجوعكم بالبعث يوم القيامة، ثم يخبركم بما كنتم تعملونه في حياتكم الدنيا من خير أو شر ويجازيكم عليه.

61–وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ 

–وَهُوَ تعالى الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ينفذ فيهم إرادته الشاملة، ومشيئته العامة، فليسوا يملكون من الأمر شيئا، ولا يتحركون ولا يسكنون إلا بإذنه، ويرسل عليكم -ملائكة كرامًا- تُحصي أعمالكم  ويحفظونها حتى إذا نزل الموت بأحدهم قبض روحَه مَلكُ الموت وأعوانه، وَهُمْ لا يُقَصِّرون فيما أمِرُوا به فلا يزيدون ساعة مما قدره الله وقضاه ولا ينقصون ساعة ولا ينفذون إلا ما أمرهم الله.

62–ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمْ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ 

–ثُمَّ بعد الموت والحياة البرزخية وما فيها من الخير والشر  يرجعون إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ، ليتولى الحكم فيهم فيثيبهم على ما عملوا من الخيرات ويعاقبهم على المعاصي والسيئات، ألا إن لله تعالي القضاء والفصل يوم القيامة بين عباده وهو أسرع الحاسبين -لكمال علمه- بأعمال عباده، فأني للمشركين العدول عن من وصفه -بالكمال- إلي عبادة غيره؟!

–فلو علموا حلم الله عليهم وعفوه ورحمته بهم وهم يبارزونه بالشرك والكفران وهو يعافيهم ويرزقهم لذهلت عقولهم في حبه تعالي ولمقتوا أنفسهم أشد المقت حيث انقادوا  للشيطان الموجب للهلاك والنار ولكنهم قوم لا يعقلون ..

63–قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ 

–استفهام تقريري: المقصود به المشركون دون المؤمنين ليقروا بوحدانية الله

قل -أيها الرسول- للمشركين بالله، الداعين معه آلهة أخرى، -ملزما لهم- على ما أنكروا من توحيد الله، من ينقذكم من مخاوف ظلمات البر والبحر؟ أليس هو الله تعالى الذي تدعونه في الشدائد متذللين له جهرًا وسرًّا؟ تقولون: لئن أنجانا ربنا تعالي من هذه المخاوف لنكونن من الشاكرين المؤمنين بعبادته وحده لا شريك له.

64–قُلْ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ 

قل لهم -أيها الرسول- : الله تعالي وحده هو الذي ينقذكم من هذه - الشدة الخاصة - ومن جميع - الكروب العامة ثم إنكم أنتم بعد ذلك تشركون مع الله إله غيره في العبادة وتنسون نعمه عليكم .. فأي برهان أوضح من هذا على بطلان الشرك وصحة التوحيد بالله ؟! وأي ظلم هذا الذي تقومون به؟!

65–قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ 

–قل -أيها الرسول لهولاء المشركين : إن الله تعالي هو القادر وحده على إرسال العذاب إليكم -من كل جهة- مِنْ فوقكم: كالطوفان والصواعق والحجارة، أَوْ تحت أرجلكم: كالزلازل والخسف، أَوْ يلبسكم شِيَعاً: يخلط أمركم عليكم في الفتنة، فتكونوا فرقًا متناحرة يقتل بعضكم بعضًا، فهو قادر على ذلك كله، فاحذروا من الإقامة على معاصيه.

–تأمل -أيها الرسول- كيف ننوع الأدلة والبراهين ونبينها لهم لعلهم يفهمون أن ما جئْتَ به حق، وأن ما عندهم باطل لعلهم يفهمون فيعتبروا ويؤمنوا ؟!

66–وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ 

ولقد كذَّب -أيها الرسول- بهذا القرآن الكفارُ مِن قومك، وهو -الكتاب الصادقالذي لا مرية فيه ولا شك يعتريه، قل لهم: أنا لست عليكم بوكيل أحفظ أعمالكم، وأجازيكم عليها ، وإنما أنا رسول الله إليكم أبلغكم ما أرسلت لكم به ، ومنذر لكم بين يدي عذاب شديد ..

67–لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ 

لكل خبر قرار يستقر عنده ، ونهاية ينتهي إليها ، ومن ذلك -خبر مآلكم وعاقبتكم- عندما تبعثون يوم القيامة. فيتبيَّن لكم -أيها الكفار- الحق من الباطل وسوف ستعلمون حينئذ عاقبة أمركم عند حلول عذاب الله بكم.

68–وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ 

–يأمرنا الله بعدم جواز الجلوس في مجالس أهل الباطل واللغو، -ومفارقتهم- وعدم العودة لهم -إلا في حال- إقلاعهم عن ذلك، فيقول تعالي:-

وإذا رأيت -أيها الرسول- المشركين يتكلمون في آيات القرآن بالباطل والاستهزاء، -فابتعد عنهم- حتى يدخلوا في حديث آخر غيره خال من السخرية والاستهزاء بآياتنا..

–وإن أنساك الشيطان– بأن  جلست معهم علي وجه النسيان والغفلة، ثم تذكرت هذا الأمر فغادر مجلسهم ولا تجلس مع هؤلاء القوم المعتدين .. الذين تكلموا في آيات الله بالباطل.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

إثبات أن النومَ موتٌ مؤقت، وأن الأرواح تُقْبض فيه، ثم تُرَد عند الاستيقاظ.

–يرسل الله الملائكة تحصي أعمال العباد وتقبض أرواحهم وهم لا يقصرون فيما يؤمرون

–إن الله حليم رؤوف بعباده يجيب دعاء المضطر إذا دعاه ولو كان كافرا لعله يرجع ويتوب 

–نوع الله في حججه وآياته وأتي بها على أوجه كثيرة لعل المشركين يتعظون، فيومنوا

 –انقلاب فطرة المشركين إذ يستغيثون بالله عند الشدة، ويشركون به حين ينجيهم منها.

–عدم الجلوس في مجالس أهل الباطل واللغو، وعدم العودة إلا في حال إقلاعهم عن ذلك








حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-