شائع

تفسير سورة الأنعام صفحة 133 من الآيات (45 - 52) .. وفوائد الآيات

التفسير 

45–فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 

فاستؤصل هؤلاء القوم وأُهلكوا إذ كفروا بالله وكذَّبوا رسله، وتقطعت بهم الأسباب، فلم يبق منهم أحد، والشكر والثناء لله تعالى -خالق كل شيء ومالكهعلى نصرة أوليائه وهلاك أعدائه، -فإنه بذلك- تتجلي قدرة الله تعالي، وصدق ما جاء به المرسلون. 

46–قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ 

–كما أن الله هو المتفرد بخلق الأشياء وتدبيرها، فإنه المنفرد بالوحدانية والإلهية فقال تعالي:-

–قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أخبروني إن أذهب الله تعالي أسماعكم فأصمَّكم، وذهب بأبصاركم فأعماكم، وطبع على قلوبكم ، فبقيتم بلا سمع ولا بصر ولا عقل، أي إله غير الله يقدر على ردِّهم إليكم ؟! انظر -أيها الرسول - كيف أننا ننوِّع لهم الحجج، ثم هم بعد ذلك يعرضون عن التذكر والاعتبار ؟! وهذا من أدلة التوحيد وبطلان الشرك

47–قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ

–قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أخبروني إن نزل بكم عقاب اللة -فجأة- وأنتم لا تشعرون، أو -ظاهرًا عِيانًا- ظهر  أمامكم مقدمات تعلمون بها وقوعه، فهل يُهلك إلا القوم الظالمون .. الذين كانوا سببا لوقوع العذاب بهم لإشراكهم بالله وتكذيبهم رسله ؟! فاحذروا -الظلم- فإنه الهلاك الأبدي 

48–وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ 

–يذكر تعالى: أنه أرسل المرسلين؛ إما مبشرين: لأهل الطاعة بالنعيم المقيم، وإما منذرين أهل المعصية بالعذاب الأليم .. وانقسم الناس - بحسب إجابتهم للدعوة أو عدم إجابتهم- إلى قسمين:- 

– الفسم الأولفَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ: أي آمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وأصلح إيمانه ، وأعماله ، ونيته - فأولئك - لا يخافون عند لقاء ربهم ، ولا يحزنون على شيء فاتهم من حظوظ الدنيا.

49–وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمْ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ 

والذين كذَّبوا بآياتنا من القرآن والمعجزات فأولئك يصيبهم العذاب يوم القيامة, بسبب كفرهم وخروجهم عن طاعة الله تعالى.

–القسم الثاني: وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ: أي: إن الذين كذَّبوا بآياتنا من القرآن والمعجزات - فأولئك - يصيبهم العذاب يوم القيامة, بسبب كفرهم وخروجهم عن طاعة الله تعالى.

50–قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ 

–قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: لا أقول لكم: أني أملك عندي خزائن الله تعالي من الرزق فأتصرف فيها بما شئت .. ولا أقول لكم : إني أعلم الغيب إلا ما أطلعني الله عليه من الوحي، ولا أقول لكم: إني ملك من الملائكة، وإنما أنا رسول من عند الله، لا أتبع إلا ما يُوحِي إلي، وأبلِّغ وحيه إلى الناس..

–ولا أدّعي ما ليس لي- قل -أيها الرسول- لهم: هل يستوي الكافر الذي عَمِي عن آيات الله تعالى فلم يؤمن بها، والمؤمن الذي أبصر بآيات الله فآمن بها؟  وهذا لبيان الفرق، بين من استجاب لدعوة النبيﷺ وبين من لم يكن كذلك .. أفلا تتفكرون بعقولكم في آيات الله; لتبصروا الحق فتؤمنوا به؟!

51–وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ 

هذا القرآن هو نذير للخلق كلهم ، وخوِّف -أيها الرسول- بهذا القرآن الذين يعلمون أنهم إلي ربهم يحشرون ويحاسبون يوم القيامة ، لأنهم مصدِّقون بوعد الله ووعيده فليس لهم ولي غير الله يجلب لهم النفع، ولا شفيع يكشف عنهم الضر، لعلهم يتقون الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فهؤلاء هم الذين ينتفعون بالقرآن.

52–وَلا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ 

–ولا تُبْعد -أيها النبي- عن مجالستك لضعفاء المسلمين الذين يعبدون ربهم أول النهار وآخره ، الذين يريدون بأعمالهم الصالحة وجه الله ، ما عليك من حساب هؤلاء الفقراء من شيء ، إنما حسابهم على الله تعالي وليس عليهم شيء من حسابك، أي: كلٌّ له حسابه، وله عمله الحسن، وعمله القبيح، فإن أبعدتهم عنك فإنك تكون من المتجاوزين حدود الله، الذين يضعون الشيء في غير موضعه.

–وقد امتثل النبيﷺ أشد امتثال، فكان إذا جلس مع فقراء المؤمنين صبر نفسَه معهم ، وأحسن معاملتهم ، وألان لهم جانبه ، وقد حسن خلقَه معهم ، وقربهم منه ، بل كان فقراء المؤمنين هم أكثر أهل مجلسه رضي الله عنهم.

–وسبب نزول الآية: أن مشركي قريش، قالوا للنبي ﷺ إن أردت أن نؤمن لك ونتبعك، فاطرد الفقراء وهم - أناسا من فقراء الصحابة -، فإنا نستحيي من أن ترانا العرب جالسين مع هؤلاء الفقراء، فحمله حبه لإسلامهم، واتباعهم له، علي أن تحدثته نفسه بذلك ، فعاتبه الله بهذه الآية الكريمة.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

الرسل مهمتهم التبليغ، ليس لهم من خصائص الربوبية، وإن جرت علي أيديهم المعجزات فهي من الله

الأنبياء بشر لا يملكون خزائن الرزق ولا يعلمون الغيب ولا هم من الملائكة..

–اهتمام الداعية باتباعه الضعفاء ، فعليه أن يقربهم، ولا يبعدهم لإرضاء للكفار.

تأمل -أيها الرسول- كيف نبين لهم الحجج، وننوع البراهين، ثم هم يعرضون عنها!

 –إشارة الآية إلى أهمية العبادات التي تقع أول النهار وآخره.

–من أدلة التوحيد وبطلان الشرك، : ننويعها ومع ذلك المشركون يعرضون عن الإيمان الله





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-