شائع

تفسير سورة الأنعام صفحة 132 من الآيات (36 - 44) .. وفوائد الآيات

التفسير 
36–إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ 

–هذه الآية متضمنة الترغيب في الاستجابة لله ورسوله، والترهيب من عدم ذلك

–يقول تعالى: إنما يجيبك -أيها الرسول- إلى ما دعوت إليه من الهدى، وينقاد لأمرك ونهيك، هم أحياء القلوب الذين يسمعون كلام الله سماع قبول ويستجيبون له ، أما أموات القلوب وهم الكفار فإنهم لا يستجيبون لدعوتك ولا ينقادون لأمرك ونهيك هؤلاء موعدهم يوم القيامة يوم يبعث الله تعالي الموتي ويخرجون من قبورهم أحياء ثم يردون إليه ليوفيهم حسابهم وجزاءهم

37–وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ 

–وقال المشركون -تعنتًا واستكبارًا: هلَّا أنزِل على محمد -آية خارقة- كالناقة والعصا والمائدة ..تكون برهانًا من ربه على صدقه فيما جاء به؟ قل -أيها الرسول-: إن الله تعالي قادر على أن ينزل عليهم آية, ولكن أكثرهم لا يعلمون .. أن إنزال الآيات، يكون -وَفْق حكمته تعالى- وليس وفق أهواءهم وأن نزولها سيكون بلاء عليهم لوجوب هلاكهم إن لم يؤمنوا بها - وهذه سنة الله التي لا تبديل لها-

38–وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ 

–جميع الحيوانات، الأرضية والهوائية، من حيوان يتحرك فوق الأرض، أو طائر يطير بجناحيه في السماء كلها أمم متجانسة الخلق مثلكم يا بني آدم في تدبير خلقها ورزقها وأحوالهم..ما تركنا في اللوح المحفوظ شيئًا إلا أثبتناه ، بل جميع الأشياء صغيرها وكبيرها ، موجودة ومثبتة في اللوح المحفوظ فتقع جميع الحوادث وغيرها .. طبق ما جرى به القلم وهذا هو -القضاء والقدر- والجميع علمهم عند الله تعالي، ويوم القيامة يرجعون إلي ربهم ليفصل بينهم ويجازي كلًّا..    بما عمل ويستحق ..

39–وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأْ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ 

هذا بيان لحال المكذبين بآيات الله، المكذبين لرسله، أنهم قد سدوا على أنفسهم باب الهدي والصلاح .. فهم صمٌّ لا يسمعون ما ينفعهم بُكْمٌ عن النطق بالحق، في الظلمات هم حائرون لم يختاروا طريقة الاستقامة، فأنى لمن حاله هكذا أن يهتدي ؟! من يشأ الله إضلاله يضلله، ومن يشأ هدايته يجعله على صراط مستقيم لا اعوجاج فيه .. 

40–قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمْ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ 

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أخبروني إن جاءكم عذاب من الله في الدنيا، أو جاءتكم الساعة التي وُعِدتُّم أنها آتية؛ أتطلبون أحدا غير الله ليكشف ما ينزل بكم من البلاء والشدة ؟! فيكون الجواب: ( لا ) لذلك إن كنتم صادقين في ادعاء أن معبوداتكم تجلب لكم نفعًا أو تدفع عنكم ضرًّا فادعوهم ليكشفوا عنكم ما حل بكم ..

41–بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ 

–الحق أنكم لا تدعون غير الله تعالي الذي خلقكم، فيصرف عنكم البلاء، ويرفع عنكم الضر، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وأما معبوداتكم التي تشركون بها مع الله فأنتم تنسوها ولا تدعونها -لعلمكم- أن هؤلاء لا يملكون لكم ضرا ولا نفعا، ولا موتا، ولا حياة، ولا نشورا وتخلصون لله وحده الدعاء  -لعلمكم- أنه هو النافع الضار، المجيب لدعوة المضطر .

42–وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ 

–ولقد بعثنا إلى أمم من قبلك -أيها الرسول- رسلًا يدعونهم إلى الله فكذبوهم، وأعرضوا عما جاؤوهم به فعاقبناهم بالبأساء: شدة الفقر ، والضراءما يضرّ أبدانهم كالمرض.. رحمة منا بهم، من أجل أن يخضعوا لربهم، ويتذللوا له ويلجأون عند الشدة إلينا فيتوبوا ويؤمنوا ..

43–فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ 

–فلو جاء هذه الأمم المكذبة، -بلاؤنا- لجئوا إلي الله وتذللوا له ليكشف عنهم البلاء، لرحمناهم -لكنهم لم يفعلوا ذلك- بل قست قلوبهم، فلم يعتبروا، ولم يتعظوا، وحَسَّنَ لهم الشيطان ما كانوا يرتكبون من الكفر والمعاصي..فاستمروا على ما كانوا عليه..

44–فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ 

–فلما تركوا العمل بأوامر الله تعالى معرضين عنها, فتحنا عليهم أبواب كل شيء من الرزق فأبدلناهم بالبأساء رخاءً في العيش, وبالضراء صحة في الأجسام; استدراجا منا لهم، حتى إذا بطروا، وأعجبوا بما أعطيناهم من خير ونعمة أخذناهم بالعذاب فجأة، فإذا هم منقطعون من كل خير وهذا -أشد العذاب- أن يؤخذوا على غفلة وطمأنينة، ليكون أشد لمصيبتهم وعقوبتهم..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–تشبيه الكفار بالموتى؛ لأن الحياة الحقيقية لا تكون إلا  بقَبول الحق واتباع طريق الهداية.

–حكمة الله في إنزال البلاء على المخالفين من أجل تليين قلوبهم وردِّهم إلى ربهم.

–ما من حيوان ولا طائر .. إلا أجناس مثل البشر يتولاها الله في الخلق والرزق والتدبير.

–حال المكذبين بآيات الله أنهم صم، وبكم منغمسون في ظلمات الكفر فم لا يؤمنون

–وجود النعم لأهل الضلال لا يدل على محبة الله لهم، وإنما هو استدراج وابتلاء لهم ولغيرهم.
  



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-