شائع

تفسير سورة الأنعام صفحة 131 من الآيات ( 28 - 35 ) .. وفوائد الآيات

التفسير 

28–بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ 

–ليس الأمر كما قال هؤلاء المشركون من أنهم لو رُدُّوا إلي الحياة الدنيا لآمنوا .. بل ظهر لهم  حقيقة ما كانوا يخفون من قولهم الكذب: (والله ما كنا مشركين) حيث شهدت عليهم جوارحهم بكذبهم، ولو فرض أنهم أعيدوا إلى الحياة الدنيا -فأمهلوا فيها- لرجعوا إلى ما كانوا عليه سابقا من الكفر والتكذيب -وإنهم لكاذبون- في وعدهم بالإيمان إذا رجعوا.

29–وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ 

–وقال هؤلاء المشركون المنكرون للبعثما الحياة إلا -هذه الحياة الدنيا- التي نحن نعيش ونحيا فيها، وما نحن بمبعوثين بعد موتنا، فلا يوجد بعث أو حساب بعد الموت.. 

30–وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ 

–ولو ترى -أيها الرسول- منكري البعث إذ حُبسوا بين يدي الله تعالى لقضائه فيهم يوم القيامة, لرأيت -أسوأ حال- إذ يقول الله تعالي أليس هذا بالحق..أليس هذا البعث الذي كنتم تنكرونه في الدنيا حقًّا اليوم لاشك فيه؟ قالوا: بلى وربنا إنه لحق لا شك فيه، قال تعالىفذوقوا العذاب بما كنتم تكذبون بيوم البعث في الحياة الدنيا وبما كنتم تكفرون بالله ورسوله ﷺ. 

31–قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ 

–قد خاب وخسر، وحرم الخير كله، من كذب بلقاء الله، فقد خسر الكفار الذين أنكروا البعث بعد الموت، حتى إذا  جاءتهم الساعة فجأة من غير سابق علم ، وفوجئوا بسوء المصير، قالوا من شدة الندم: يا لحسرتنا وخيبة أملنا لِمَا قَصَّرْنَا في جنب الله من الكفر به وعدم الاستعداد لهذا اليوم ، وهم يحملون سيئاتهم فوق ظهورهم، فما أسوأ تلك الأحمال الثقيلة التي يحملونها؟!

32–وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ 

–هذه حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة، فأما حقيقة الدنيا: التي تركنون إليها فما هي إلا لعبًا ولهوا أي: فناء لمن لا يعمل فيها بما يرضي الله، وأما الآخرة: فإنها خير للذين يتقون ربهم في ذاتها وصفاتها، وبقائها ودوامها ونعيمها .. ولكنها ليست لأي أحد، وإنما هي -للمتقين- الذين يتقون الله بفعل ما أمر به من الإيمان والطاعة، وترك ما نهى عنه من الشرك والمعصية أفلا تعقلون -أيها المشركون ذلك؟! وتدركون أيّ الدارين أحق بالإيثار .. فتؤمنوا بالله وتعملوا الصالحات..

33–قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ 

نحن نعلم أنك -أيها الرسول- يحزنك ويسؤءك الذي يقوله المكديون فيك،  ونحن لم نأمرك بما أمرناك به من الصبر والإحتمال إلا لتحصل لك المنازل العالية والأحوال الغالية. فلا تظن أن قولهم صادر عن اشتباه في أمرك، وشك فيك - فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ- لأنهم يعرفون صدقك جيدا ومدخلك ومخرجك، وجميع أحوالك، حتى إنهم كانوا يسمونك - قبل البعثة الصادق الأمين - وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ، بتكذيبهم لآيات الله التي جعلها الله على يديك..

34–وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ 

– يقول الله تعالي مسليا رسوله  ومصبرا له وواعدا له بالنصر ،ولا تحسب -أيها الرسول- أن هذا التكذيب هو خاص بما جئت به، فقد كُذبَتْ رسل من قبلك، وآذاهم أقوامهم، فواجهوا ذلك بالصبر، حتى جاءهم النصر من عند الله،  فاصبر كما صبروا، تظفر كما ظفروا بالنصر -فلا مُبدِّل لما كتبه الله من النصر- ووعد به رسله..

–ولقد جاءك -أيها الرسول- ما يثبت به فؤادك، ويطمئن قلبك..من أخبار من قبلك من الرسل وما تحقق لهم من نصر الله تعالي وما جرى على مكذبيهم من -هلاك وخزي- فلك فيمن تقدم من الرسل أسوة وقدوة. وفي هذا تسلية للنبي ﷺ.

35–وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْجَاهِلِينَ 

–وإن كان شق عليك -أيها الرسول- صدود هؤلاء المشركين وانصرافهم عن الاستجابة لدعوتك، فإن استطعت -كما اقترحوا لك- أن تتخذ نفقًا في الأرض, أو تتخذ مصعدًا تصعد فيه للسماء، فتأتيهم بعلامة وبرهان على -صحة نبوتك- غير الذي أيدناك به -فأفعلفإنه لن يفيد شيئا..  

فليس في مقدورك، أن تهدي من لم يرد الله هدايته، ولو شاء الله لَجَمعهم على الهدى الذي أنتم عليه ووفَّقهم للإيمان، ولكن لم يشأ ذلك فلم يؤمنوا -لحكمة يعلمها سبحانه- فلا تكونن -أيها الرسول- من الجاهلين الذين اشتد حزنهم، وتحسَّروا حتى أوصلهم ذلك إلى الجزع الشديد

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–من عدل الله أنه يجمع العابد والمعبود والتابع والمتبوع يوم القيامة ليشهدوا علي بعضهم.

–ليس كل من يسمع القرآن ينتفع به، فربما يوجد حائل كختم القلب أو الصَّمَم أو غيره..

–إن المشركين وإن كانوا يكذبون في الظاهر فهم يستيقنون في باطنهم بصدق النبي  

–تسلية النبي عليه  ومواساته للصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل كي يظفر بالنصر..

–لا مبدل لكلمات الله بالنصر علي الأعداء ، إن الله لا يخلف وعده ولو بعد حين .. 

–يخبر الله نبيه  بأن هذا التكذيب لم يقع له وحده، بل هي طريقة تكذيب المشركين للرسل.


 






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-