شائع

تفسير سورة الأنعام صفحة 128 من الآيات (1 - 8) .. وفوائد الآيات

التفسير 
1–الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ 

–هذا إخبار للثناء على نعم الله تعالي الظاهرة والباطنة ،الدينية والدنيوية والثناء عليه بصفات الكمال ، والعظمة والجلال -عموما- ، وعلى هذه المذكورات -خصوصا-: 

–فحمد الله تعالي نفسه على خلقه السماوات والأرض ، الدال على كمال قدرته ، وسعة علمه ورحمته وعموم حكمته وانفراده بالخلق والتدبير

–والثناء علي خلق الظلمات والنور..شامل دليله الحسي كالليل والنهار والشمس والقمر ودليله المعنوي.. كظلمات الجهل ، والشك ، والشرك ، والمعصية ، والغفلة ، ونور العلم والإيمان .. واليقين والطاعة.

–وهذا يدل دلالة قاطعة أن الله هو المستحق للعبادة وإخلاص الدين كله له ، ومع هذا الدليل ووضوح البرهان يعدلون به سواه، يسوونهم به في العبادة والتعظيم، ويشركون به؟! مع أنهم لم يساووا الله مع غبره في شيء من الكمال؟! وهذا دليل علي أنهم لا يعقلون ناقصون من كل وجه ...

2–هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ 

هو الذي خلق أباكم آدم من طين وأنتم سلالة منه، ثم:-
–كتب لكم  أجلا في الدنيا : أي كتب مدة بقائكم في هذه الحياة الدنيا..
–وكتب أجلا ليوم القيامة: وهو أجلا آخر محدَّدًا لا يعلمه إلا هو جل وعلا.. 
–ثم أنتم بعد هذا تشكُّون في قدرة الله تعالى على البعث بعد الموت.

3–وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ

–والله سبحانه هو الإله المعبود في السموات والأرض. ومن دلائل ألوهيته:- 
أنه يعلم -أيها الناس- ما تخفونه وما تعلنونه
–ويعلم أعمالكم جميعا من خير أو شر..
–ولهذا فإنه -جلَّ وعلا- وحده هو الإله المستحق للعبادة.

4–وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ 

–هذا إخبار من الله تعالى عن إعراض المشركين وشدة تكذيبهم وعداوتهم، وأنهم لا تنفع فيهم الآيات .. فما تأتي المشركين من حجة من عند ربهم إلا تركوها غير مبالين بها ، فقد جاءتهم:-
البراهين الجلية الدالة علي - توحيد الله تعالي- والحجج الواضحة التي أنزلها علي رسله ..
والآيات الدالة على - صِدْقِ رسوله محمد ﷺ - في نبوته .. 
ومع ذلك .. أعرضوا عن قبولها ، ولم يؤمنوا بها.
 
5–فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون 

–لقد جحد هؤلاء الكفار الحقَّ الذي جاء به محمد ﷺ وهو -القرآن الكريم- وسخروا من دعائه; جهلا منهم بالله واغترارا بإمهال الله إياهم .. فسوف يعرفون -يوم القيامة- أن ما كانوا يستهزئون به هو -الحق والصدق- حين يرون العذاب ويبين الله للمكذبين كذبهم وافتراءهم, ويجازيهم عليه.

6–أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ 

ألم يعلم هؤلاء الكافرون سُنَّة الله في إهلاك الأمم الظالمة  المكذبة -وما حلَّ بهم من هلاك وتدمير-؟! وقد مكنَّهم الله في الأرض وأعطاهم من أسباب القوة والبقاء في الأرض ما لم يعط هؤلاء الكافرين، وأنعم عليهم بإنزال الأمطار وجريان الأنهار من تحت مساكنهم ؛ استدراجًا وإملاءً لهم ؟! فعصوا الله، وكفروا بأنعم الله وكذبوا الرسل، فأهلكهم الله بسبب ذنونهم، وأنشأ من بعدهم أممًا أخرى خلفوهم في عمارة الأرض؟   

7–وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ 

–هذا إخبار من الله تعالي لرسوله  عن شدة عناد الكافرين فقال تعالي:- ولو نزَّلنا عليك -أيها الرسول- كتابًا من السماء في أوراق، وشاهدوه بأعينهم، ولمسوه بأيديهم ،لَمَا آمنوا به جحودًا منهم وتَعَنًّتًا، ولقالوا ظلما وعلوا: إنَّ ما جئت به -أيها الرسول- سحر واضح-..ولن نؤمن به.. فأي بينة أعظم من هذه البينة، وهذا قولهم الشنيع فيها ؟!

8–وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ 

–وقال هؤلاء المشركون: لو أنزل الله تعالي مع محمدﷺ  مَلَكًا من السماء; يكلمنا ويشهد أنه رسول من عند الله لآمنَّا به ، ولو أنزلنا ملكا من السماء إجابة لطلبهم - ولم يؤمنوا - لقضي الله الأمر بإهلاكهم، ثم لا يمهلون لتوبة أو معذرة  بعدها إذا نَزَلَ عليهم - وهذه سنة الله تعالي - فيمن قبلهم من إهلاكهم فيمن طلب الآيات المقترحة ولم يؤمن بها..وقد سبق في علم الله أنهم لا يؤمنون..

–فإرسال الرسول البشري إلي أقوامهم بالآيات البينات التي يعلم الله أنها أصلح للعباد وأرفق بهم ، مع إمهال الله للكافرين والمكذبين التوبة والإنابة خير لهم وأنفع مما يقترحونه ؟!

 –ومع ذلك فطلبُهم لإنزال الملك هو شر لهم لو كانوا يعلمون ذلك .. فالملك لو أنزل عليهم، وأرسل لهم، لم يطيقوا التلقي عنه، ولا احتملوا ذلك..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–شدة عناد الكافرين، وإصرارهم على الكفر على الرغم من قيام الحجة عليهم بالأدلة الحسية.

–التأمل في سنن الله تعالى في السابقين لمعرفة أسباب هلاكهم والحذر منها.

اثبات خلق الإنسان من طين، مثلما خلق أباكم آدم عليه السلام منه وأنتم سلالة منه.

–من رحمة الله بعباده أن لم ينزل لهم رسولًا من الملائكة لأنهم لا يمهلون للتوبة إذا نزل.

سنة الله، فيمن طلب الآيات المقترحة ولم يؤمن أن يقضي الأمر بإهلاكهم وعدم إمهالهم، 












حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-