شائع

تفسير سورة المائدة صفحة 127 من الآيات (114 - 120) .. وفوائد الآيات

التفسير

114–قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِين

–اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا: ربنا أنزل علينا من السماء مائدة طعام، نتخذ يوم نزولها عيدًا لنا ، نعظمه شكرًا لك نحن ومَن بعدنا، وتكون المائدة كافية لأولنا وآخرنا ، ولغنيهم وفقيرهم.

–وَآيَةً مِنْكَ: علامة وبرهان علي وحدانيتك ياالله ، وعلي صدق نبوتي ..

–وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ: واجعلها يا الله لنا رزقًا يعيننا على عبادتك ، وامنحنا من عطائك الجزيل ، وأنت خير الرازقين.

–فسأل عيسى عليه السلام: يوم نزول - مائدة السماء - أن تكون لهاتين المصلحتين، مصلحة الدين: بأن تكون آية باقية وعِيداً لهم، ومصلحة الدنيا: أن يجعلها رزقًا يعينهم على العبادة..

115–قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ 

–فاستجاب الله دعاء عيسى عليه السلام وقال: إني مُنَزِّلٌ مائدة الطعام عليكم، فمن يجحد بعد منكم وحدانيتي ونبوة عيسى عليه السلام بعد نزول المائدة فإني أعذبه عذابًا شديدًا، لا أعذبه أحدًا من العالمين؛ لأنه قد شاهد الآية الباهرة، فكان كفره كفر عناد وقد نزلت المائدة كما وعد الله تعالي ..

116–وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ 

واذكر إذ قال الله يوم القيامة: يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اجعلوني وأمي معبودين من دون الله؟ وهذا توبيخ للنصارى الذين قالوا: إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ.

 –فيتبرأ عيسي عليه السلام -منزِّهًا الله- عما لا يليق به من شريك وغيره، فيقول: سُبْحَانَكَ ما ينبغي لي أن أقول للناس غير الحق. فإنه ليس أحد من المخلوقين .. لا الملائكة المقربون ولا الأنبياء المرسلون ولا غيرهم .. له الحق لمقام الألوهية وإنما الجميع عباد لك وخلق مسخرون 

–وإن كنت قلته فقد علمته: فأنت تعلم بما صدر مني وتعلم ما تضمره نفسي، ولا أعلم أنا ما في نفسك، إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ..

–وهذا من كمال أدب المسيح عليه السلام في خطابه لربه، فلم يقل عليه السلام: « لم أقل شيئا من ذلك » وإنما أخبر أن هذا من الأمور المحالة، ورد العلم إلى عالم الغيب  والشهادة.

117–مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ 

–ما قلت لهم إلا ما أمرتني به وهو أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ أي : فما أمرتهم إلا بعبادة الله وحده لا شريك له، -المتضمن النهي- عن أن يتخذوني أنا وأمي إلهين من دون الله  -وقلت لهم- كما أن الله تعالي ربكم فهو ربي وأنا عبده ورسوله. 

–وكنتُ رَقِيبًا على ما يقولون طيلة وجودي بين أظهرهم أمنعهم مما يقولون ما دمت فيهم فلما أنهيتَ سبحانك مدة بقائي بينهم -برفعي إلى السماء حيًّا- كنتَ أنت الحفيظ لأعمالهم .. وأنت على كل شيءشهيد لايغيب عنك شيء فلا يخفى عليك ما قد قلته لهم..وما قالوه من بعدي.

118–إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 

–إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ تفعل بهم ما تشاء بعدلك -وأنت أعلم بأحوالهم- فلولا أنهم عباد متمردون لما عذبتهم. وَإِنْ تَغْفِرْ برحمتك لمن آمن منهم وأتى بأسباب المغفرة فإنك أنت الْعَزِيزُ الذي لا يغالَبُ، الْحَكِيمُ في تدبيره وأمره ..فمغفرتك صادرة عن تمام عزة وقدرة.. وهذه الآية:- ثناء على الله تعالي بحكمته وعدله، وكمال علمه..

119–قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

–قَالَ اللَّهُ تعالي مبينا حال عباده يوم القيامة: ومَن الفائز منهم ومَن الهالك ، ومَن الشقي ومَن السعيد، 

–قال الله تعالى لعيسى عليه السلام هذا يوم القيامة: يوم الجزاء الذي ينفع  فيه الموحدين توحيدهم لربهم، وانقيادهم لشرعه، وصدقهم في نياتهم وأقوالهم وأعمالهم..إذ يجدون ثمرة ذلك الصدق، وقد أحلهم الله في مقعد صدق عند مليك مقتدر..

–أولئك الصادقون في إيمانهم قولا وعملا: لهم جنات تجري من تحت قصورها الأنهار, ماكثين فيها أبدًا, رضي الله عنهم فتقبل حسناتهم ورضوا عنه بما أعطاهم من جزيل ثوابه ذلك الجزاء والرضا عليهم ذلك هو الفوز العظيم .. 

120–لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 

لله وحده لا شريك له ملك السموات والأرض وما فيهن،  وجميع الأشياء منقادة لمشيئته، ومسخرة بأمره ، وهو -سبحانه- على كل شيء قدير لا يعجزه شيء.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

 –توعد الله تعالى كل من أصرَّ على كفره وعناده بعد قيام الحجة الواضحة عليه.

–تَبْرئة المسيح -عليه السلام- من ادعاء النصارى بأنه أبلغهم أنه الله أو أنه ابن الله أو أنه ادعى الربوبية أو الألوهية.

–أن الله تعالي يسأل يوم القيامة عظماء الناس وأشرافهم من الرسل، فكيف بمن دونهم درجة؟!

–علو منزلة الصدق، وثناء الله تعالى على أهله، وبيان نفع الصدق لأهله يوم القيامة.









حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-