شائع

تفسير سورة المائدة صفحة 126 من الآيات (109 - 113) .. وفوائد الآيات

التفسير 

109–يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ 

–يخبر تعالى عن يوم القيامة وما فيه من الأهوال العظام، وأن الله تعالي يجمع فيه جميع الرسل ثم يسألهم توبيخا لقومهم فيقول: ماذا أجابتكم أممكم ..حين دعوتموهم إلي - التوحيد والإيمان - بالله ورسله؟!

فيجيبون الرسل: مُفوِّضين الجواب إلى الله: لا علم لنا، فنحن لا نعلم ما في صدور الناس, ولا نعلم ما أحدثوا بعدنا ، وإنما العلم لك -ربنا- إنك أنت علام الغيوب تعلم الأمور الغائبة والحاضرة

110–إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ 

–هذه مِنَنٌ امتَنَّ الله بها على رسوله عيسى ابن مريم ودعاه إلى شكرها والقيام بها فقام بها عليه السلام أتم القيام وصبر كما صبر إخوانه من أولي العزم ..إذ قال عز وجل:-

اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ: إذ خلقتك من غير أب..

وَعَلى وَالِدَتِكَ: واذكر نعمتي على أمك مريم -عليها السلام-  حيث اصطفيتها على نساء العالمين وبرأتها مما نُسِب إليها..

إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً ، واذكر حين قَوَّيتك بجبريل عليه السلام، تُكلِّم الناس -وأنت رضيع- بدعوتهم إلى الله .. وتكلمهم في -كهولتك- بما أرسلتك به إليهم من التوحيد ، (وكهلا) يفيد نزوله قبل الساعة لأنه رفع قبل الكهولة كما سبق في آل عمران.

وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَوأن الله قد علَّمه الكتابة والخط بدون معلم، ووهبه قوة الفهم والإدراك 

وَالْحِكْمَةَ: علَّمه الله تعالي الشرع ، وأحكامه ، وحسن الدعوة إليه..

وَالتَّوْرَاةَ: وأن الله تعالى عَلَّمه التوراة، وكان من أعلم أنبياء بني إسرائيل بها - بعد موسى عليه السلام - لأن الإنجيل جاء متمما لها ..

وَالإِنجِيلَ: وأن الله تعالى آتاه الإنجيل الذي أنزل عليه هداية للناس .. بعد اغراق بني اسرائل في الكفر والشرك بعد موسي عليه السلام..

وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي: وأنك تخلق من الطين كصورة الطير، فيكون -طيرا مصورا لا روح فيه- فتنفخ في تلك الهيئة فيكون طيرا بإذن الله .. 

–كما أيده بآيات بيِّنَات ومعجزات باهرات يعجز عنها الأطباء وغيرهم وقوى بها دعوته وهي ابراء الأكمه والأبرص واحياء الموتي بإذن الله :-

وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ: وأنه يشفي الذي وُلِد أعمى فيبصر ، بإذن الله  

وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي: وأنه يشفي الأبرص، فيعود جلده سليمًا بإذن الله ..

 –وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي: وتحي الموتى بدعائك الله لهم أن يحييهم .. فيقومون من قبورهم أحياء بإذن الله ..

–وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ: وإذ دفعت عنك بني إسرائيل لَما هَموا بقتلك حين جئتهم بالمعجزات ، فكفَّفت أيديهم عنك، وحفظتك منهم، وعصمتك، ورفعتك إلي.

–فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ، وكل هذه المعجزات كانت بإرادة الله وإذنه، وهي معجزات باهرة تؤكد نبوة عيسي عليه السلام، فما كان منهم إلا أن كفروا بها .. وقالوا: إنَّ ما جاء به عيسى من البينات سحر ظاهر وواضح..

111–وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ 

–واذكر نعمتي عليك إذ جعلت لك:- الحواريون: جماعة من خلصائك ليكونوا أتباعا وأعوانا لك، وإذ ألهمتُهم وألقيتُ في قلوبهم أن يصدقوا ويؤمنوا بي وبنبوتك، فانقادوا لذلك واستجابوا، وقالوا: آمنا، واشهد -يا ربنا- بأننا مسلمون لك منقادون لأمرك.

–والحواريون هم: الأنصار ، كما قال تعالي:" فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"

112–إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ 

واذكر حين قال الحواريون: هل يستطيع ربك إذا دعوتَه أن يُنَزِّلَ مائدة من السماء أي: مائدة فيها طعام؛ فأجابهم عيسى -عليه السلام- بأنْ أمرهم بتقوى الله وترك طلب ما سألوا، إذ لعل فيه فتنة لهم، وقال لهم: توكلوا على ربكم في طلب الرزق إن كنتم مؤمنين.

113–قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنْ الشَّاهِدِينَ 

 قال الحواريون لعيسى عليه السلام: أن لهم مقاصد صالحة من ذلك:-

نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا: نحن نريد أن نأكل من هذه المائدة  وهذا دليل على أنهم محتاجون لها..

وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا: وتطمئن قلوبنا لرؤيتها وندرك كمال قدرة الله، وبأنك رسوله .. فيكون الإيمان عين اليقين، كما سأل الخليل عليه السلام ربه أن يريه كيف يحيي الموتى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي.

وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَاونعلم يقينا صدقك في نبوتك وفيما جئت به من عند الله أنه حق وصدق 

وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنْ الشَّاهِدِينَونكون عليها من الشاهدين لمن لم يحضرها من الناس ، وتكون حجة أنزلها الله علينا في توحيده وقدرته ، وحجة لك على صدقك في نبوتك.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–إثبات جمع الله للرسل والخلق يوم القيامة وسوف بسئل كل منهم عن اجابته لرسوله.. 

المراد بالتكليم هنا لعيسي عليه السلام، غير التكليم المعهود..وإنما التكليم الذي ينتفع به وهو الدعوة إلى الله.

–إثبات بشرية ونبوة المسيح عليه السلام ، وأن ما جاء به لاثبات نبوته وليس ألوهيته ...

–إثبات معجزات نبي الله عيسي من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص التي أجراها الله على يديه

–بيان أن معجزات الأنبياء ليست من تلقاء أنفسهم، بل تأتي بإذن الله تعالى.

–كفر وتكذيب بني اسرائيل للرسل بالرغم مما جاؤهم به من البينات الموجبة للإيمان بهم







حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-