شائع

تفسير سورة المائدة صفحة 124 من الآيات (96 - 103) .. وفوائد الآيات

التفسير

96–أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ 

–أحل الله لكم صيد البحر - أيها المسلمون - في حال احرامكم، وصيد البحر: وهو ما يصاد من البحر حيًّا من الحيوانات المائية، وطعامه : وهو ما يصاد منه ميتا ; من أجل انتفاعكم به فتزودوا به إن كنتم مقيمين أو مسافرين  –وحرم عليكم صيد البَرِّ ما دمتم محرمين -بحج أو عمرة-

–وَاتَّقُوا اللَّهَ: بفعل ما أمركم به ، وترك ما نهاكم عنه،  واستعينوا على تقواه بعلمكم أنكم إليه تحشرون. فيجازيكم، هل قمتم بتقواه فيثيبكم الثواب الجزيل، أم لم تقوموا بها فيعاقبكم به؟ 

97–جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 

–امتنَّ الله على عباده بأن:-

–جعل الكعبة البيت الحرام، قيامًا للناس، به تقوم مصالحهم الدينية : من الصلاة ، والحج والعمرة وبه تقوم مصالحهم الدنيوية: بالأمن في الحرم ، وجباية ثمرات كل شيء إليه..  

 –وحرم الله تعالي علي عباده أولئك :-

العدوان والقتال في الأشهر الحرم (وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب) فلا يعتدي فيها أحد على أحد..

والاعتداء بهيمة الأنعام: الذي يُهدَى إلى الحرم 

والاعتداء على القلائد: وهي ما قُلِّد إشعارًا بأنه بقصد به النسك.

–ذلك لتعلموا أن الله تعالي يعلم جميع ما في السموات وما في الأرض، ومن ذلك ما شرعه لحماية خلقه بعضهم من بعض ودفع المضار عنكم قبل حصولها ولجلب المصالح لكم ، وأن الله بكل شيء عليم، فلا تخفى عليه خافية.

98–اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

–اعلموا -أيها الناس- هذان العلمان وليكونا موجودين في قلوبكم على وجه الجزم واليقين   أن الله شديد العقاب: لمن عصاه .. وأن الله غفور رحيم: لمن تاب وأناب إليه..

–فيثمران لكما هذان العلمُان الخوفَ من عقابه، والرجاءَ لمغفرته وثوابه، فتعملون علي مرضاته وتجنب معصيته.

99–مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ 

–ليس على الرسولﷺ إلا تبليغ ما أمره الله بتبليغه -وقد بلَّغ ﷺ كما أُمِر وقام بوظيفته - فليس عليه توفيق الناس إلى الهداية -فذلك بيد الله وحده- وإن الله يعلم ما تظهرونه وما تخفونه من الهداية أو الضلال .. وسيجازيكم الله على ذلك.

100–قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 

–قل -أيها الرسول-: محذرا عن الشر ومرغبا في الخير.. أنه لا يستوي الخبيث والطيب من كل شيء, فالكافر لا يساوي المؤمن, والعاصي لا يساوي المطيع, والجاهل لا يساوي العالم, والمبتدع لا يساوي المتبع, والمال الحرام لا يساوي المال الحلال..

–ولو أعجبك -أيها الإنسان- كثرة الخبيث وعدد أهله، فإنه لا ينفع صاحبه شيئا، بل يضره في دينه ودنياه فاتقوا الله تعالي يا أصحاب العقول الراجحة باجتناب الخبائث وفعل الطيبات ; ثم أخبر تعالي: أن الفلاح متوقف على -التقوى- التي هي موافقة الله في أمره ونهيه ، لتفلحوا بنيل المقصود الأعظم، وهو رضا الله تعالى والفوز بالجنة..

101–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ 

–يا أيها الذين آمنوا، لا تسألوا رسولكم ﷺ عن أشياء من أمور الدين لم يأمركم الله ورسولهﷺ بها .. كالسؤال عن الأمور غير الواقعة ، أو التي يترتب عليها تشديدات في الشرع .. فإنكم إن كُلِّفتم بها لشقَّتْ عليكم ولعجزتم عن الاتيان بها.

–وإن تسألوا عنها في حياة رسول الله ﷺ -تُبيَّن لكم- حين نزول القرآن عليه ﷺ وقد تُكلَّفونها فتعجزون عنها -تركها الله معافيًا لعباده منها- والله غفور: لعباده إذا تابوا، والله حليم: عليهم فلا يعاقبهم وقد أنابوا إليه.

102–قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ

إن مثل تلك الأسئلة -أيها المؤمنون- قد سأل قومٌ مِن قبلكم أنبياءهم مثلها ، فلما أُمِروا بها ، لم ينفذوها فأصبحوا كافرين بسببها فاحذروا أن تكونوا مثلهم، لذا قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: « ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم

103–مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ 

–هذا ذم للمشركين الذين شرعوا في الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما أحله الله .. وقد أحل الله الأنعام، فلم يُحَرِّمْ منها شيء .. فجعلوا بآرائهم الفاسدة ما ابتدعوه في بهيمة الأنعام مِن تَرْك الانتفاع ببعضها وجعلها للأصنام..

البَحِيرة: وهي الناقة التي تُقْطَعُ أذنها إذا أنجبت عددا معينًا من البطون .. 

والسائبة: وهي الناقة التي إذا بلغت سِنًا معينة تتْرَكُ للأصنام.

والوصِيلة: وهي الناقة التي تتصل ولادتها بأنثى بعد أنثى.

والحامي: وهو الذكر من الإبل ، إذا وُلد من صلبه عدد من الإبل..

–لكن الكفار زعموا - كذبًا وبهتانًاأن الله حرم المذكورات، ونسبوا ذلك إلى الله افتراء عليه، وأكثر الكافرين لا يميزون لا يميزون بين الحق والباطل ، والحلال والحرام.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

 –أحل الله لكم صيد البحر في احرامكم، وحرم عليكم صيد البَرِّ ما دمتم محرمين

–جاءت شعائر الله لتحقيق مصالح العباد الدنيوية والأخروية، ودفع المضار عنهم.

عدم الإعجاب بالكثرة، فإن كثرة الشيء ليست دليلًا على حلاله أو طِيبه.. 





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-