شائع

تفسير سورة المائدة صفحة 123 من الآيات (90 - 95) .. وفوائد الآيات


التفسير 

90–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 

–يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا بشرعه ، اجتنبوا هذه المحرمات الأربعة:-

1– الخمر: وهي كل مسكر يغطي العقل ويذهبه مما يجعل شارب الخمر يفعل ما لايدركه..مما يسبب للعداوة والبغضاء والتشاحن..

2– والميسر: وهو القمار .. ويشمل المراهنات ونحوها.. مما فيه عوض من الجانبين ، وغلبة أحدهما للآخر ، وأخذ ماله الكثير في غير مقابلة مما يسبب للعداوة والبغضاء والتشاحن..

3– والأنصاب: وهي الحجارة التي كان المشركون يذبحون عندها تعظيمًا لها، وما ينصب للعبادة تقربًا إليه -وهي شرك- من أعمال الجاهلية..

4– والأزلام: وهي القِداح التي يستقسم بها الكفار قبل الإقدام على الشيء ، أو الإحجام عنه - وهي شرك - من أعمال الجاهلية 

–إن ذلك كله إثمٌ مِن تزيين الشيطان فابتعدوا عن هذه الآثام الموجبة للعداوة والبغضاء .. فالشيطان حريص على بثها بينكم، ولا يمكن الفلاح للعبد إلا باجتنابها لعلكم تفوزون بالجنة.

91–إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ 

إنما يريد الشيطان بتزيين الآثام لكم أن يوقع العداوة والبغضاء بين الناس ، والصرف عن ذكر الله وعن الصلاة فهل فوق هذه المفاسد شيء أكبر؟! 

فشرب الخمر: يصرف عن الصلاة ، وذكر الله.. وذلك بغياب العقل وذهابه في شرب الخمر ..

–ولعب الميسريصرف عن الصلاة ، وذكر الله.. وذلك  بالاشتغال باللهو في لعب الميسر ، فانتهوا عن ذلك ..

–ولهذا عرض تعالى على العقول السليمة النهي عنها، بقوله: ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) لأن العاقل - إذا نظر إلى بعض تلك المفاسد - انزجر عنها وكفت نفسه عنها ، فلا يحتاج إلى وعظ ولا زجر.

92–وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ 

–وامتثلوا -أيها المسلمون- طاعة الله وطاعة رسوله محمد  في كل ما تفعلون وتتركون ، واتقوا الله وراقبوه في ذلك ، فإن أعرضتم عن الامتثال فعملتم ما نهيتم عنه ، فاعلموا أنما على رسولنا محمد  البلاغ المبين.وقد بَلغَ، فإن اهتديتم فلأنفسكم، وإن أساتم فعليها، والله سوف يحاسبكم علي أعمالكم..

93–لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 

لما نزل تحريم الخمر والنهي الأكيد والتشديد فيه، تمنى أناس من المؤمنين أن يعلموا حال إخوانهم الذين ماتوا على الإسلام قبل تحريم الخمر وهم يشربونها.

–فنزلت الآية التالية:- أنه ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ ) أي: حرج وإثم ( فِيمَا طَعِمُوا ) من الخمر والميسر قبل تحريمهما :-

–فليس على المؤمنين الذين شربوا الخمر قبل تحريمها إثم في ذلك في حال :- 

إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا : إذا تركوا المحرمات واتقوا سخط الله وآمنوا به وبرسوله ص 

وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ : وقدَّموا الأعمال الصالحة التي تدل على إيمانهم ورغبتهم في رضوان الله عنهم، وعملوا بشرعه..

 –ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثبتوا على التقوى والإيمان.. 

ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا: ازدادوا مراقبة لله وإيمانا به حتى أصبحوا مِن يقينهم بالله يعبدونه وكأنهم يرونه وهذا هو الإحسان..

وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ: والله تعالي يحب الذين بلغوا درجة الإحسان حتى أصبح إيمانهم بالغيب كالمشاهدة، فيثيبهم عليه أفضل الجزاء.. 

94–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ 

–يا أيها الذين آمنوا، لبختبرنَّكم الله تعالي بشيء يقترب منكم على غير المعتاد من الصيد البري وأنتم مُحْرِمون .. حيث تستطيعون أَخْذَ صغاره بغير سلاح، وأخذ كباره بالسلاح; ليعلم الله من يخافه بالغيب ..

–ليعلم الله علمًا ظاهرًا للخلق: الذين يخافون ربهم بالغيب - لكمال إيمانهم بالله- فيمسك عن الصيد خوفًا من خالقه الذي لا يخفى عليه عمله، فمن تجاوز حَدَّه بعد هذا البيان واصطاد وهو -مُحْرِم بحج أو عمرة- فله عذاب موجع يوم القيامة؛ لِمَا ارتكبه من مخالفة ما نهى الله عنه..

وكان ذلك بالحديبية : - وهم محرمون - فكانت الوحش والطير تغشاهم في رحالهم ليعلم الله علم الظهور من يخافه بالغيب فيجتنب الصيد ، فمن اعتدى بعد النهي عنه فاصطاده فله عذاب أليم.

95–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ

يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا صيد البر ، وأنتم محرمون بحج أو عمرة , أو كنتم داخل الحرم ، ومَن قتل أيَّ نوعٍ من صيد البرِّ متعمدًا فجزاء ذلك:- 

عليه جزاء مماثل لِمَا قتله من الصيد من الإبل أو البقر أو الغنم، يحكم بهذا رجلان متصفان بالعدالة بين المسلمين، وما حكما به يُفْعَلُ به ما يُفْعَلُ بالهدي من الإرسال إلى مكة  وذبحه في الحرم ..

أو يشتري بقيمة ما قتله من الصيد .. طعاما تُدْفع لفقراء الحرم ، لكل فقير نصف صاع .

أو صيام يوم .. مقابل كل نصف صاع من الطعام .

–فَرَضَ الله عليه هذا الجزاء; ليلقى بإيجاب الجزاء المذكور عاقبة فِعْله .. والذين وقعوا في شيء من ذلك - قبل التحريم - فإن الله قد عفا عنهم، ومَن عاد إلى المخالفة متعمدًا - بعد التحريم - فإنه مُعَرَّض لانتقام الله منه. والله  عزيز قويٌّ منيع في سلطانه، ومِن عزته أنه ينتقم ممن عصاه إذا أراد، لا يمنعه من ذلك مانع.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–يقصد الشيطان من تَزْيِين المسكر والقمار إيقاع العداوة والبغضاء بين الناس

–ما على الرسول إلا البلاغ لِمَا أمره الله به، وقد بَلغَ، فمن اهتدي فلنفسه ومن ضل فعليها 

–عدم مؤاخذة الشخص بما لم يُحَرم أو لم يبلغه تحريمه.

–تحريم الصيد على المحرِم بالحج أو العمرة، وبيان كفارة قتله للصيد..

–من حكمة الله في التحريم: ابتلاء عباده، وتمحيصهم، وفي الكفارة: الردع والزجر.






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-