شائع

تفسير سورة المائدة صفحة 117 من الآيات (51 -57) .. وفوائد الآيات

التفسير 
51–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ 

يرشد تعالى عباده المؤمنين حين بيَّن لهم أحوال اليهود والنصارى وصفاتهم غير الحسنة، أن لا يتخذوهم أولياء.

يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى حلفاءَ وأنصارًا على أهل الإيمان; ذلك لأنهم:-

–لا يُوادُّون المؤمنين ، فاليهود إنما يوالون أهل ملَّتهم والنصاري إنما يوالون أهل ملتهم ، وهم يتناصرون فيما بينهم ويكونون معا يدا على من سواهم ، فإنهم الأعداء على الحقيقة ولا يبالون بضركم، بل لا يدخرون من مجهودهم شيئا على إضلالكم .. وكِلا الفريقين تجمعهم معاداتكم 

–وأنتم -أيها المؤمنون- أجدرُ بأن ينصر بعضُكم بعضًا. ويوالي بعضكم البعض، فلا يتولاهم إلا من هو مثلهم، لأن التولي التام يوجب الانتقال إلى دينهم. والتولي القليل يدعو إلى التدرج شيئا فشيئا، حتى يكون العبد منهم ..فاحذروهم ومن يتولهم منكم فإنه يصير من جملتهم، وحكمه هو حكمهم ، إن الله لا يوفق الظالمين الذين يتولون الكافرين.

52–فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ 

–يخبر الله تعالى عن جماعة من المنافقين أنهم كانوا يبادرون في موادة اليهود لما في قلوبهم من الشكِّ والنفاق: يقولون: إنا نخاف أن يظفر هؤلاء بالمسلمين وتكون لهم الدائرة: الدولة، فيصيبونا معهم وينالنا منهم الأذي والمكروه فإن تولينا إياهم للحاجة ..

–قال الله تعالى ذكره :-
–فعسى الله أن يأتي بالفتح: فتح "مكة" وينصر نبيه محمد ﷺ وينصر الإسلام والمسلمين على الكفار.
–أو يجعل تعالي من الأمور .. ما يذهب به قوة وبأس اليهود والنَّصارى، فيخضعوا للمسلمين.
–فحينئذٍ يندم المنافقون.. على ما أضمروه في أنفسهم من موالاتهم.

53–وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ 

–وحينئذ يقول المؤمنين لبعضهم مُتعجِّبين من حال المنافقين -إذ انكشف أمرهم-: أهؤلاء الذين أقسموا بأغلظ الأيمان إنهم لَمَعَنا في الإيمان والنصرة والموالاة..؟! ظهر ما أضمروه، وتبين ما أسروه، وصار كيدهم الذي كادوه لنا، وظنهم الذي ظنوه بالإسلام وأهله - باطلا فبطل كيدهم وبطلت أعمالهم التي عملوها في الدنيا فأصبح لا ثواب لهم عليها; لأنهم عملوها على غير إيمان .. فخسروا الدنيا والآخرة.

54–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ 

–يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله ﷺ من يرتد منكم عن دينه -الإسلام- ويستبدل به اليهودية أو النصرانية أو غير ذلك..فلن يضرُّوا الله شيئًا -إن الله غني عن العالمين- فسوف يأتي الله بقوم خير منهم- يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُمن صفاتهم:- 

–أذلة علي المؤمنين: رحماء لهم: من محبتهم لهم، ونصحهم لهم، ولينهم ورفقهم ورأفتهم، ولين جانبهم ..

–أعزة علي الكافرين: أشدَّاء على الكافرين بالله المعاندين لآياته، المكذبين رسله..قد اجتمعت هممهم وعزائمهم على معاداتهم ..وعلي نصرة دينهم قولا وعملا..

–يجاهدون في سبيل الله : أعداء الله من الكفار والمشركين بأموالهم وأنفسهم .. وبأقوالهم وأفعالهم ، ويبذلون كل ما هو غالي ونفيس في سبيل النصر . 

–لا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ: -كما يخاف المنافقون وشاكلتهم لوم الكفار- بل يقدمون رضا ربهم والخوف منه على لوم المخلوقين، - لا يخافون في ذات الله أحدًا- وهذا يدل على قوة هممهم وعزائمهم..

–ذلك العطاء والفضل: من الله تعالي يعطيه من يشاء من عباده والله واسع الفضل والمنة والإحسان، عليم بمن يستحق فضله فيمنحه إياه..ومن لا يستحقه فيحرمه

55–إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ 

–ولما نهى الله عن موالاة اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار، أخبر بمن يَتَعيَّن على المؤمنين موالاتهم، فقال تعالي:

–إنما ناصركم -أيُّها المؤمنون- الله ورسولهﷺ والمؤمنون- الذين يحافظون على إقامة الصلاة المفروضة, ويؤدون الزكاة عن رضا نفس, وهم خاضعون خاشعون لله -وليس غيرهم أولياؤكم- من اليهود ولا النصارى ولا غيرهم من الكفار.. 

56–وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ 

–ومن وثق بالله تعالي -وتولَّى الله ورسولهﷺ والمؤمنين- بالنصرة ، فهو من حزب الله ، وإن حزب الله -هم الغالبون- الذين لهم العاقبة في الدنيا والآخرة ، لأن الله ناصرهم..

–وهذه بشارة عظيمة، لمن قام بأمر الله وصار من حزبه وجنده، أن له الغلبة، وإن أديل عليه في بعض الأحيان لحكمة يريدها الله تعالى، فآخر أمره الغلبة والانتصار، ومن أصدق من الله قيلا.

57–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ 

–يا أيها الذين آمنوا- لا تتخذوا الذين يسخرون من دينكم، ويتلاعبون به من الذين أعْطُوا الكتاب من قبلكم .. من اليهود والنصارى والمشركين أولياء وأصفياء، واتقوا الله باجتناب ما نهاكم عنه من موالاتهم .. إن كنتم مؤمنين به، وبما شرعه وأنزله عليكم.

–وهذه الآية: - نهي للمؤمنين - عن اتخاذ أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن سائر الكفار أولياء يحبونهم ويتولونهم .. وأن ما معهم من الإيمان يوجب عليهم ترك موالاتهم، 

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–التنبيه علي عقيدة الولاء والبراء التي تتلخص في الموالاة والمحبة لله ورسوله والمؤمنين، وبغض أهل الكفر وتجنب محبتهم.

–من صفات أهل النفاق: موالاة أعداء الله تعالى.

التخاذل والتقصير في نصرة الدين قد ينتج عنه استبدال المُقَصِّر والإتيان بغيره، ونزع شرف نصرة الدين عنه.

 –التحذير من الساخرين بدين الله تعالى من الكفار وأهل النفاق، وموالاتهم.
 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-