شائع

تفسير سورة المائدة صفحة 113 من الآيات (32 - 36) .. وفوائد الآيات

التفسير

32–مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ 

–بسبب جناية القتل هذه: التي قَتْل فيها قابيل أخاه هابيل شَرَعْنا لبني اسرائيل .. أنه من قتل نفسا بغير سبب من هذه الأسباب :-

القصاص: - 

أوفساد في الأرض: بأي نوع من أنواع الفساد الموجب للقتل..كالشرك والمحاربة ونحوه .. «فكأنما قتل الناس جميعا».

–ومن «أحياها» :أي: امتنع عن قتل نفس بغير حق ، فكأنما أحيا الناس جميعًا لأن صنيعه هذا فيه سلامتهم جميعًا، ولقد جاءت رسلُنا إلي بني إسرائيل بالحجج الواضحة والبراهين الجلية ، ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك.. في الأرض متجاوزون لحدود الله بالكفر والقتل والمعاصي.. ومخالفة رسلهم ..

33–إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ 

المحاربون لله ولرسوله ﷺ: هم الذين بارزوه بالعداوة وأفسدوا في الأرض ، بالقتل ، وانتهاب الأموال ، وقطع الطرق ، وعقوبتهم في الدنيا هي: القتل بلا صلب ، أو مع الصلب ، أو قطع الأطراف من خلاف ، أو بتغريبهم من البلاد؛ وهذا على حسب ما صدر منهم كالآتي :-

أن يُقَتَّلوالمن قتل فقط

 –أو يُصَلَّبوا: مع القتل ، لمن قتل وأخذ المال (والصلب: أن يُشَدَّ الجاني على خشبة)

 –أو القطعلمن أخذ المال ولم يقتل، بأن تُقْطَع يدُ المحارب اليمنى ورجله اليسرى، فإن لم يَتُبْ تُقطعْ يدُه اليسرى ورجلُه اليمنى.

–أو النفيلمن أخاف السبل فقط، بأن يُنفَوا إلى بلد غير بلدهم، ويُحبسوا في سجن ذلك البلد حتى تَظهر توبتُهم. 

–وهذا الجزاء: الذي أعدَّه الله للمحاربين هو ذلّ في الدنيا ، ولهم في الآخرة عذاب شديد وهو النار ، إن لم يتوبوا.

ونزلت الآية: في أحكام الطريق ، في العُرَنِيِّين لما قدموا إلي المدينة وهم مرضى فأذن لهم النبيﷺأن يخرجوا إلى الإبل ويشربوا من ألبانها .. -وأعطوا الأمان- فلما صحُوا قتلوا راعي النبي ﷺ واستاقوا الإبل ..

34–إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 

–إلا الذين تابوا من هؤلاء المحاربين .. وجاء طائعًا نادمًا من قبل قدرتكم  عليهم -يا أولي الأمر- فاعلموا أن الله غفور لهم بعد التوبة، رحيم بهم، ومن رحمته بهم إسقاط العقاب عنهم.

–ويدل مفهوم الآية: أن إذا كانت توبة المحارب -قبل القدرة عليه- فإنها تمنع من إقامة الحد عليه في الحرابة، وإن كانت توبة المحارب- بعد القدرة عليه- فإنها لا تسقط عنه إقامة الحد 

35–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 

–يا أيها الذين آمنوا، اتقوا الله: بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وتَقَرَّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه، والبعد عما نهاكم عنه .. وجاهدوا أعداء الإسلام بأموالكم وأنغسكم؛ لإعلاء دينه ، وابتغاء مرضاته ; كي تفوزوا بجناته. 

36–إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

–يخبر تعالى عن شناعة حال الكافرين .. بالله ورسوله ﷺ يوم القيامة ومآلهم الفظيع وأنهم لو ملكوا جميع ما في الأرض، وملكوا مثله معه .. وأرادوا أن يفتدوا أنفسهم يوم القيامة من عذاب الله بما ملكوا ، ما تَقبَّل الله ذلك منهم، ولهم عذاب مُوجع

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–حرمة النفس البشرية، وأن من صانها وأحياها فكأنما فعل ذلك بجميع البشر،

–وأن من أتلف نفسًا بشرية أو آذاها من غير حق فكأنما فعل ذلك بالناس جميعًا.

إن الكافرين لو معهم ملك الأرض ومثله معه وافتدوا به ما تقُبِلَ منهم ولهم عذاب مُوجع.

–توبة المحاربين وقاطعي الطريق قبل قدرة السلطان عليهم توجب العفو.

–وتوبة المحاربين وقاطعي الطريق بعد قدرة السلطان توجب إقامة حد الحرابة.

ثلاث موجبات للفلاح في الدنيا والآخرة: وهي تقوي الله، العمل الصالح، الجهاد في سبيله.




 

  




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-