شائع

تفسير سورة المائدة صفحة 112 من الآيات (24 -31) .. وفوائد الآيات

التفسير 
24–قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ 

–قال قوم موسى له: إنا لن ندخل باب المدينة أبدًا ما دام هؤلاء الجبارون فيها، فاذهب أنت وربك فقاتلاهم، أما نحن فسنبقي مقيمين في مكاننا ها هنا متخلفين عن القتال، وإن هذا يدل علي: إصرارٌ قوم موسي على مخالفة أمر نبيهم وكفرهم وجرأتهم علي رب العالمين

وبهذا وأمثاله يظهر التفاوت بين سائر الأمم، وأمة محمد ﷺ حيث قال الصحابة لرسول الله ﷺ حين شاورهم في القتال يوم بدر مع أنه لم يحتم عليهم: يا رسول الله، لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ولو بلغت بنا برك الغماد ما تخلف عنك أحد..ولا نقول لك كما قال قوم موسى لنبيهم: ( اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ

25–قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ 

–ما أشنع هذا الكلام من قومه ومواجهتهم به لنبيهم! فتوجَّه موسى إلى ربه داعيًا قال: ربي لا سلطان لي على أحد إلا على نفسي وأخي هارون، فافصل بيننا وبين القوم الخارجين عن طاعتك .. وطاعة رسولك، وأن تنزل فيهم من العقوبة ما تقتضيه حكمتك ، وهذا يدل على: أن قولهم وفعلهم من الكبائر العظيمة الموجبة للفسق.

26–قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ 

–قال الله لنبيه موسى عليه السلام: إن الله حرَّم دخول الأرض المقدسة على بني إسرائيل مدة أربعين سنة، يضلون هذه المدة في الصحراء حائرين لا يهتدون إلى طريق..وإنما هذه عقوبة دنيوية 

–ولما علم الله تعالى أن نبيه موسى احتملته الشفقة والحزن علي قومه في هذه العقوبة، قال تعالي له: لا تأسف ولا تحزن يا موسى على القوم الخارجين عن طاعة الله..فإن ما يصيبهم من عقاب إنما هو بسبب معاصيهم وذنوبهم.

27–وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ 

–واقصص -أيها الرسول- على بني إسرائيل خبر ابْنَي آدم ، وهما قابيل وهابيل ، وهو خبرٌ صدق ..لا مرية فيه ، فعندما بلغ أبناء سيدنا أدم سن الزواج ، قرر سيدنا أدم أن يتزوج قابيل من توأم هابيل والعكس، ولكن قابيل كان يريد أن يتزوج من أخته التوأم ، التي كان يراها أكثرا جمالا من شقيقة أخيه ، وكان ذلك محرما .. ولا يجوز أن يتزوج أبناء البطن الواحدة ببعضهما البعض.

–فلما تخاصما أمرهم سيدنا آدم ..أن يقدم كل منهما قربانا إلى الله ، ومن سيتقبل الله قربانه هو من سيتزوج من الفتاة موضع النزاع ، وذهب هابيل وأختار أجمل وأسمن أغنامه، بينما أخاه قابيل لم يهتم كثيرا بالقربان ، وقدم بعض من نباتاته الرديئة التي لديه. 

وكان تقبل القربان يكون بخبر من السماء: وذلك بأن تنزل نار من السماء فتحرقه، فتقبل من أحدهما: وهو هابيل بأن نزلت نار من السماء فأكلت قربانه، ولم يتقبل من الآخر: وهو قابيل ..

–فَقَبِلَ الله القُرْبان الذي قدمه هابيل؛ لأنه من أهل التقوى، ولم يقبل قربان قابيل؛ لأنه ليس من أهل التقوى، فاستنكر قابيل قبول قُرْبان هابيل وحسده، وقال: لأقتلنك يا هابيل، فقال هابيل: إنما يقبل الله قُرْبان من اتقاه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه

28–لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ 

–وقال هابيلُ مخبرا أخاهأنه لا يريد أن يتعرض لقتله، لا ابتداء ولا مدافعة، وقال واعظًا له: لئن مَدَدتَّ يدك إليّ تقصد قتلي فأنا لست مجازيك بمثل صنيعك، وإنما ذلك ليس جبنًا ولا عجزا مني، وإنما ذلك لأني أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، والخائف من الله لا يقدم على الذنوب، خصوصا الذنوب الكبار ..

29–إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ 

–فقال مرهبًا مخوفا له: إنه إذا دار الأمر بين أن أكون قاتلا أو تقتلني فإني أوثر أن تقتلني، فتبوء بالوزرين إثم قَتْلي، وآثامك السابقة.. فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الطالمين المعتدين ، وهذا دليل: على أن القتل من كبائر الذنوب، وأنه موجب لدخول النار.

30–فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ 

–فزيَّنتْ لقابيل نفسُه الأمارة بالسوء قتلَ أخيه هابيل ظلمًا وعدوانًا فقتله، فأصبح بسبب ذلك من الخاسرين الذين باعوا آخرتهم بدنياهم..

–وأصبح قد سن هذه السنة - لكل قاتل - ومن سن سنة سيئة ، فعليه وزرها ، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة..

31–فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ 

–فلما قتل أخاه لم يدر كيف يصنع بجسده؛ لأنه أول ميت مات من بني آدم فأرسل الله له غرابًا يحفر حفرةً في الأرض لكي يدفن فيها غرابًا آخر مَيِّتًا . ليدل قابيل: كيف يدفن جُثمان أخيه؟ لأن جسد الميت عورة..

–فتعجَّب قابيل! وقال: أعجزتُ أن أصنع مثل صنيع هذا الغراب فأستُرَ عورة أخي؟! فدَفَنَ قابيل أخاه فعاقبه الله فأصبح من النادمين المتحسرين بعد أن رجع، وهذه عاقبة
المعاصي- الندامة والخسارة- في الدارين.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–مخالفة الرسل توجب العقاب، كما وقع لبني إسرائيل؛ إذ عاقبهم الله تعالى بالتيه ٤٠ سنة.

–الحسد وعدم الرضا، يؤدي إلي الظلم وسفك الدم الحرام الموجب للخسران.

–إن القتل من كبائر الذنوب، وأنه موجب لدخول النار.
والندامة والحسرة عاقبة مرتكبي المعاصي.

 من سَنَّ سُنَّة سيئة ، فعليه وزرها ، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة 





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-