شائع

تفسير سورة النساء صفحة 105 من الآيات (171 - 175) .. وفوائد الآيات

التفسير 

171–يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً 

–نهى الله تعالى النصاري عن الغلو في الدين وهو مجاوزة الحد : وذلك عند قولهم وغلوهم بعيسى عليه السلام ، ورفعه عن مقام النبوة والرسالة ..إلى مقام الربوبية الذي لا يليق بغير الله وحده، فنهاهم أن يجعلوا الله ثالث ثلاثة أحدهم عيسى، والثاني مريم.

–قل -أيها الرسول- لأهل الإنجيل: لا تتجاوزوا الحد في دينكم، ولا تقولوا على الله إلا الحق, فلا تجعلوا له صاحبةً ولا ولدًا. إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله .. أرسله الله بالحق، وخَلَقَه بالكلمة التي أرسل بها جبريل إلى العذراء مريم، وهي قوله: "كنفكان ، وهي نفخة من الله تعالى نفخها جبريل بأمر ربه.

 –فَصدِّقوا بأن الله واحد وأسلموا له، وصدِّقوا رسله فيما جاؤوكم به من عند الله واعملوا به، ولا تجعلوا عيسى وأمه مع الله شريكين، انتهوا عن هذه المقولة الكاذبة الفاسدة خيرًا لكم في الدنيا والآخرة، إنما الله إله واحد سبحانه، ما في السموات والأرض مُلْكُه، فكيف يكون له منهم صاحبة أو ولد؟! وكفى بالله وكيلا على تدبير خلقه وتصريف معاشهم, فتوكَّلوا عليه وحده فهو كافيكم ..

172–لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً 

–لما ذكر تعالى غلو النصارى بشأن عيسى عليه السلام، وذكر أنه عبده ورسوله، ذكر هنا أنه لا يستنكف: لا يمتنع عن عبادة ربه ، ولا الملائكة المقربون، فهم قد رغبوا في عبادة ربهم ، فلم يمتنعوا أن يكونوا عبيدا لربوبيته ولا لإلهيته ..

– فعبسي بن مريم لن يمتنع أن يكون عبدًا لله، ولا الملائكة الذين قربهم الله له، ورفع منزلتهم أن يكونوا عبادًا لله، فكيف تتخذون عيسى إلهًا ؟! وكيف يتخذ المشركون الملائكة آلهة؟! ومن يمتنع عن عبادة الله، ويستكبر عنها فإن الله سيحشر الجميع إليه يوم القيامة، والله يفصلُ بينهم  وسيجازي كلًّا بما يستحق.

173–فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً 

ولما بين أن الجميع سيحشره الله إليه فصَّل جزاءهم في قوله تعالي:

–ثم فصل تعالي حكمه فيهم فقال: فأما الذين آمنوا بالله وعملوا الصالحات مخلصين لله تعالي عاملين وفق ما شرع، فيوفيهم ثواب أعمالهم غير منقوص، وسيزيدهم من الثواب الذي لم تنله أعمالهم ولم تصل إليه أفعالهم، ويدخل في ذلك كل خير ديني ودنيوي رتب على الإيمان والعمل الصالح.

 –وأما الذين امتنعوا عن طاعة الله واستكبروا عنها  فيعذبهم عذابًا موجعًا، ولا يجدون لهم وليًّا ينجيهم من عذاب الله، ولا ناصرًا ينصرهم من دون الله، وهم في عذابهم خالدين، وما حكم به الله فلا رادّ لحكمه ولا مغيّر لقضائه..

174–يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً 

–يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم: وهو رسولنا محمد  وما جاء به من البينات والهدي والحجج القاطعة، وأعظمها القرآن الكريم، مما يشهد بصدق نبوته ورسالته الخاتمة..

–وأنزلنا إليكم نورا مبينا: وهو القرآن العظيم، الذي اشتمل على علوم الأولين والآخرين ، وفيه كل الأخبار الصادقة النافعة ، وفيه الأمر بكل عدل وإحسان وخير ، والنهي عن كل ظلم وشر، إن الناس في ظلمة إن لم يستضيئوا بأنواره، وفي شقاء عظيم إن لم يقتبسوا من خيره ..

175–فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً 

–فأما الذين آمنوا بالله تعالي وتمسكوا بالقرآن الذي أنزل على نبيه محمد. فسيرحمهم الله بدخول الجنة، ويزيدهم ثوابًا  في الدنيا ويرَفْع من درجاتهم في الآخرة، ويوفقهم لسلوك الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، وهو الطريق الموصل إلى جنات عدن.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ

–بيان أَن المسيح وأمه بشر، وأن الضالين من النصارى غلوا فيهما حتى أخرجوهما من حد البشرية.

–بيان بطلان شرك النصارى القائلين بالتثليث، وتنزيه الله تعالى عن أن يكون له صاحبة ولا ولد.

–إثبات أن عيسى عليه السلام والملائكة لا يمتنعون عن عبادة الله والانقياد لأوامره، فكيف يتم اتخاذهم آلهة مع كونهم عبيدًا لله تعالى؟!

–في الدين حجج وبراهين عقلية تدفع الشبهات، ونور وهداية تدفع الحيرة والشهوات.







حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-