شائع

تفسير سورة النساء صفحة 97 من الآيات (114 - 121) .. وفوائد الآيات


التفسير 

 114–لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً 

–لا خير في كثير مما يتناجى به الناس سرّاً فيما بينهم ويتخاطبون، إذا لم يكن فيه خير، فإما من لا فائدة فيه كفضول الكلام المباح، أو شر، أو مضرة، أو الكلام المحرم بجميع أنواعه .. فهذا لا خير فيه ..

–إنما الخير والفائدة، إذا كان الكلام أمرًا بصدقة، أو معروف جاء به الشرع ودل عليه العقل، أو دعوة إلي الإصلاح بين المتنازعين .. ومن يفعل تلك الأمور طلبًا لرضا الله، راجيًا ثوابه، فسوف نؤتيه ثوابًا عظيمًا.

115–وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً 

–ومن يخالف الرسول ﷺ من بعد ما ظهر له من الحق، ويسلك طريقًا آخر غير طريق المؤمنين، وطريقهم هو: عقائدهم وأعمالهم، وما هم عليه من الحق، فسوف نتركه وما اختاره لنفسه، ثم نخذله فلا نوفقه للخير، لكونه رأى الحق وعلمه وتركه، فجزاؤه من الله عدلا أن يبقيه في ضلاله حائرا ويزداد ضلالا إلى ضلاله، وسوف ندخله نار جهنم يقاسي حرَّها، وبئس هذا المرجع والمآل.

116–إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً 

–إن الله لا يغفر أن يُشرك به، بل يُخلد المشرك في النار، ويغفر ما دون الشرك من المعاصي لمن يشاء برحمته وفضله، ومن يشرك مع الله إلها آخر فقد بَعُدَ عن الحق بعدًا كبيرًا؛ لأنه سَوَّى بين الخالق والمخلوق.

117–إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَرِيداً 

–وما يعبد هؤلاء المشركون ويدعون مع الله إلا أوثانًا مسمَّاة بأسماء الإناث كاللات والعُزَّى، لا نفع لها ولا ضرّ، وما يعبدون في الحقيقة إلا شيطانًا خارجًا عن طاعة الله لا خير فيه؛ لأنه هو الذي أمرهم بعبادة الأوثان، فكما أبعده الله من  رحمته يسعى في إبعاد العباد عن رحمة الله ..

118–لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً 

– طرده الله تعالى من رحمته، وأخبرنا تعالي عن سعيه في إغواء العباد، وتزيين الفساد والشر لهم، وأنه قال لربه مقسما: ( لأتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ) أي: جزءًا معلومًا في إغوائهم قولا وعملا.

–علم اللعين أنه لا يقدر على إغواء جميع عباد الله، وأن عباد الله المخلصين ليس له عليهم سلطان، وإنما سلطانه على من تولاه، وآثر طاعته على طاعة مولاه.

119–وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً 

–وهذا النصيب المفروض الذي أقسم لله إنه يتخذهم ذكر ما يريد بهم وما يقصده لهم بقوله: ( وَلأضِلَّنَّهُمْ ) أي: عن الصراط المستقيم ضلالا في العلم، وضلالا في العمل، ( وَلأمَنِّيَنَّهُمْ ) أي: مع الإضلال .. لأمنينهم أن ينالوا مثل ما ناله المهتدين، ويحسبون أنهم مهتدون ..

–ولأصدنهم عن صراطك المستقيم، ولأمنيُنَّهم بالوعود التي تزين لهم ضلالهم، ولآمرنَّهم بتقطيع آذان الأنعام لتحريم ما أحل الله منها، ولآمرنهم بتغيير خلق الله وفطرته، ومن يتخذ الشيطان وليًّا يتولاه ويطيعه ويتخذه ناصرًا له من دون الله القوي العزيز, فقد هلك هلاكًا بيِّنًا.

120–يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً 

–يعد الشيطان أتباعه بالوعود الكاذبة، ويغريهم بالأماني الباطلة الخادعة، وما يَعِدهم في الواقع إلا باطلًا لا حقيقة له، وخديعة لا صحة لها  ولا دليل عليها، وهذا هو الغرور بعينه.

–فلم يقتصر على مجرد إضلالهم بل زين لهم ما هم فيه من الضلال. وهذا زيادة شر إلى شرهم حيث عملوا أعمال أهل النار الموجبة للعقوبة وحسبوا أنها موجبة للجنة، واعتبر ذلك باليهود والنصارى ونحوهم ..

121–أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً 

–أولئك المتبعون لخطوات الشيطان، وكل من انقاد للشيطان وأعرض عن ربه، وصار من أتباع الشيطان وحزبه، مستقرهم النار. ( وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ) أي: مخلصا ولا ملجأ يلجؤون إليه، بل هم خالدون فيها أبدا.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ

–أكثر تناجي الناس لا خير فيه، بل ربما كان فيه وزر، وقليل من كلامهم فيما بينهم يتضمن خيرًا ومعروفًا.

–معاندة الرسول  ومخالفة سبيل المؤمنين نهايتها البعد عن الله ودخول النار.

–كل الذنوب تحت مشيئة الله، فقد يُغفر لصاحبها، إلا الشرك، فلا يغفره الله أبدًا.

–من أعظم وسائل الشيطان لإغواء الناس تزيين الباطل بالأماني الخادعة، والوعود الكاذبة.







حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-