شائع

تفسير سورة النساء صفحة 91 من الآيات (80 - 86) .. وفوائد الآيات

 

التفسير

80–مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً 

–من يستجب للرسول  ويعمل بهديه .. فقد استجاب لله وامتثل أمره، لكونه لا يأمر ولا ينهى إلا بأمر الله تعالي وشرعه، ووحيه، وتنزيله، وفي هذا عصمة الرسول ﷺ: لأن الله تعالي قد أمر بطاعته مطلقا..

–وَمَنْ أعرض عن طاعتك أيها الرسول، فلا تحزن علي هؤلاء المعترضين .. فما بعثناك عليهم رقيبا تحفظ أعمالهم وتحاسبهم عليها، إنما نحن من نحصي أعمالهم ونحاسبهم عليها، بل أرسلناك مبلغا ومبينا وناصحا، سواء اهتدوا أم لم يهتدوا ..

81–وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً 

–ويُظْهر -هؤلاء المنافقون- وهم في مجلس رسول الله ﷺ طاعتهم للرسول وما جاء به، ويقولون له بألسنتهم: نطيع أمرك ونمتثله، فإذا ابتعدوا عنه وانصرفوا عن مجلسه, دبَّر جماعة منهم ليلا غير ما أعلنوه من الطاعة.

–ولا بد أن تكون طاعة الله والرسول  ظاهرًا وباطنًا في الحضرة والمغيب فأما مَنْ يظهر في الحضرة الطاعة والالتزام .. وإذا خلا بنفسه أو أبناء جنسه ترك الطاعة وأقبل على ضدها .. فأولئك هم المنافقون ..

–وما علموا أن الله يحصي عليهم ما يدبرون .. وسوف  يجازيهم عليه أتم الجزاء، فتول عنهم -أيها الرسول- ولا تبال بهم، فإنهم لن يضروك شيئًا، وتوكل على الله، وحسبك به وليّاً وناصرًا.

82–أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً 

–يأمر تعالى عباده بتدبر كتابه، فكلما ازداد العبد تأملا فيه ازداد علما وعملا وبصيرة، لذلك أمر الله عباده بذلك وحث عليه، فقال تعالي : أفلا ينظر هؤلاء في القرآن, وما جاء به من الحق, نظر تأمل وتدبر, حيث جاء على نسق محكم يؤكد بأنه من عند الله وحده؟ ولو كان مِن عند غيره لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا في الأحكام والمعاني ..

83–وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً 

–وإذا جاء هؤلاء الذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين..أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم وحزنهم .. أفشوه ونشروه.

–ولو تأنّوا وأرجعوا الأمر إلى رسول الله ﷺ وإلى أهل الرأي والعلم والنصح؛ لأدرك أهل الرأي والاستنباط ما ينبغي أن يُعمل بشأنه من نشر أو كتمان.

–وهذا فيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه، هل هو فيه مصلحة، فيُقْدِم عليه الإنسان؟ أم لا فيحجم عنه؟

–ولولا فضل الله عليكم بالاسلام ورحمته بكم بالقرآن -أيها المؤمنون- أنه عافاكم مما ابتلى به هؤلاء المنافقين؛ لاتبعتم وساوس الشيطان إلا قليلًا منكم.

84–فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً 

–فجاهد -أيها النبي- في سبيل الله لإعلاء كلمته، لا تلزم فعل غيرك ولا تُسأل عنه ولاتؤاخذ به، وحُضَّ المؤمنين على القتال والجهاد ورغِّبهم فيه، وهذا يشمل .. كل أمر يحصل به نشاط المؤمنين وقوة قلوبهم، من تقويتهم والإخبار بضعف الأعداء وفشلهم، وبما أُعد للمقاتلين من الثواب، 

–وما على المتخلفين من العقاب، فهذا ومثله كله يدخل في التحريض على القتال، لعل الله يمنع بك وبهم بأس الكافرين وقوتهم والله أشد قوة وأعظم عقوبة للكافرين.

–ففي بدر الصغري: قال رسول الله ﷺ "والذي نفسي بيده لأخرجن ولو وحدي" فخرج بسبعين راكبا..فكف الله بأس الكفار بإلقاء الرعب في قلوبهم ومنع أبي سفيان عن الخروج كما تقدم في آل عمران

85–مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً 

–المراد بالشفاعة هنا: المعاونة على أمر من الأمور - فمن يَسْعَ لجلب الخير للغير - ومنه الشفاعة للمظلومين ممن ظلمهم- كان له حظ من الثواب بحسب سعيه وعمله ونفعه، ولا ينقص من أجره شيء.

– ومن يَسْعَ لجلب الشر للغير، وعاون غيره على أمر من الشر كان عليه حظ من الإثم والوزر، بحسب ما قام به وعاون عليه .. وكان الله على كل ما يعمله الإنسان شهيدًا وسيجازيه عليه.

– وفي هذه الآية: الحث العظيم على التعاون على البر والتقوى، والزجر العظيم عن التعاون على الإثم والعدوان

86–وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً 

وإذا سلَّم عليكم المسلم فردُّوا عليه بأفضل مما سلَّم لفظًا وبشاشةً, أو ردوا عليه بمثل ما سلَّم عليكم، والرد بالأحسن أفضل ولكل ثوابه وجزاؤه.. إن الله كان على كل شيء مجازيًا.
♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ

–تدبر القرآن الكريم يورث اليقين بأنه تنزيل من عند الله؛ لسلامته من الاضطراب

–لا يجوز نشر الأخبار التي تنشأ عنها زعزعة أمن المؤمنين، أو دب الرعب بين صفوفهم.

–التحدث بقضايا المسلمين والشؤون العامة لهم يجب أن يصدر من أهل العلم وأولي الأمر منهم.

مشروعية الشفاعة الحسنة التي لا إثم فيها ولا اعتداء على حقوق الناس، وتحريم كل شفاعة فيها إثم أو اعتداء






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-