شائع

تفسير سورة النساء صفحة 88 من الآيات (60 - 65) .. وفوائد الآيات

التفسير 

60–أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً 

–ألم ترَ -أيها الرسول- تناقض المنافقين من اليهود الذين يَدَّعون كذبًا أنهم آمنوا بك وبما أُنزِل عليك -وهو القرآن الكريم- وما أُنزِل على الرسل من قبلك من كنب ورسالات..

–وهم يريدون أن يتحاكموا في فَصْل الخصومات بينهم، وفي نزاعاتهم إلي الطاغوت: وهو كل حكم بغير شرع الله من الذي وضعه البشر من الباطل، وقد أمروا أن يكفروا بذلك الباطل؟! لأنه من إضلال الشيطان إياهم، فالشيطان يريد أن يبعدهم عن طريق الحق إبعادًا شديدًا لا يهتدون معه.

–وفي هذه الآية دليل على أن الإيمان الصادق، يقتضي الانقياد لشرع الله، والحكم به في كل أمر من الأمور، فمن زعم أنه مؤمن واختار -حكم الطاغوت - على حكم الله، فهو كاذب في زعمه. 

61–وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً 

–وإذا نُصح هؤلاء المنافقين: وقيل لهم تعالوا إلى حكم الله الذي أنزله في كتابه القرآن الكريم وإلى سنة الرسولﷺ ليحكم بينكم في خصامكم ونزاعاتكم رأيتهم -أيها الرسول- يعرضون عنك إلي التحاكم لغيرك إعراضًا تامًّا، وذلك لأنهم منافقين: يظهرون لك الإيمان ويبطنون الكفر..

62–فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً 

فكيف يكون حال أولئك المناففين، إذا حلَّت بهم مصيبة بسبب ما اقترفوه بأيديهم من المعاصي ومنها تحكيم الطاغوت؟! ثم جاؤوك -أيها الرسول- معتذرين لك لما صدر منهم.

–ويؤكدون لك أنهم ما قصدوا بأعمالهم تلك إلا الإحسان والتوفيق بين الخصوم ؟! وهم كاذبون في ذلك؛ فإن الإحسان هو -تحكيم شرع الله- بين عباده، وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ .

63–أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً 

أولئك الذين يعلم الله حقيقة ما يضمرون في قلوبهم من النفاق والقصد السييء، فاتركهم -أيها الرسول- وأعرض عنهم، وحذِّرهم من سوء ما هم عليه، وبيِّن لهم حكم الله مرغبًاالترغيب في الانقياد لله، ومرهِّبًاالترهيب من تركه، وقل لهم قولا مؤثرًا فيهم زاجرًا لهم. وقمعهم عمَّا كانوا عليه ..

64–وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً 

–يخبر تعالي: علي طاعة الرسول  والانقياد له. وأن الغاية من إرسال الرسل أن يُطاعوا فيما يأمرون به وينهون عنه؛ بمشيئة الله وتقديره، ففيه إثبات القضاء والقدر..

–وفي هذا إثبات عصمة الرسل فيما يبلغونه عن الله، وفيما يأمرون به وينهون عنه؛ لأن الله أمر بطاعتهم، : والطاعة صادرة بقضاء الله وقدره. 

–ولو أن هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم بارتكاب السيئات جاؤوك أيها الرسول في حياتك مُقِرِّين بما ارتكبوه نادمين تائبين، وطلبوا المغفرة من الله، وطلبتَ المغفرة لهم؛ لوجدوا الله توابًا عليهم رحيمًا بهم.

65–فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً

–أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة أن هؤلاء المنافقين لا يؤمنون حقيقة: ظاهرهم وباطنهم، حتى يتحاكموا إلى الرسول في حياته والى شرعه بعد وفاته في كل ما يحصل بينهم من خلافٍ ؟! 

ثم يرضون بحكم رسول الله ﷺ ولا يكون في صدورهم ضيق منه ولا شك فيه ، ويُسلِّموا تسليمًا تامًّا له بانقياد: ظواهرهم وبواطنهم.

–فالحكم بما جاء به رسول الله ﷺ من الكتاب والسنة في كل شأن من شؤون الحياة من صميم الإيمان مع الرضا والتسليم ..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–الاحتكام إلى غير شرع الله والرضا به مناقض للإيمان بالله تعالى. 

–لا يكون الإيمان تام، إلا بالاحتكام إلى الشرع، مع رضا القلب والتسليم له بالظاهر والباطن 
 
من أبرز صفات المنافقين عدم الرضا بشرع الله، وتقديم حكم الطواغيت على حكم الله.

الإعراض عن أهل الجهل والضلالات، مع المبالغة في نصحهم وتخويفهم من الله.









حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-