شائع

تفسير سورة النساء صفحة 101 من الآيات (141 - 147) .. وفوائد الآيات

التفسير 

141–الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنْ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً 

المنافقون هم الذين ينتظرون ما يحلُّ بكم -أيها المؤمنون- من الفتن والحرب، فإن منَّ الله عليكم بفضله ونصركم على عدوكم وغنمتم، قالوا لكم: ألم نكن معكم نؤازركم، وشهدنا ما شهدتم؟! لينالوا من الغنيمة، وإن كان للكافرين لهذا الدين قَدْرٌ من النصر والغنيمة، قالوا لهم: ألم نساعدكم بما قدَّمناه لكم ونَحْمِكُم من المؤمنين بإعانتكم وتخذيلهم؟ لينالوا محبتهم وموالاتهم..

–فالله يحكم بينكم جميعًا يوم القيامة، فيجازي الله المؤمنين بدخول الجنة، ويجازي المنافقين بدخول الدرك الأسفل من النار، ولن يجعل الله تعالي بفضله للكافرين طريقًا للغلبة على عباده الصالحين وتسلطًا على المؤمنين، بل سيجعل الله العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة. 

142–إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً 

–إنَّ طريقة هؤلاء المنافقين مخادعة الله تعالى وذلك بإظهار الإسلام وإضمار الكفر، ظنًّا منهم أنه يخفى على الله تعالي، والحال أن الله خادعهم ومجازيهم بمثل عملهم، فمجرد وجودهم علي هذه الحال ومشيهم عليها، هو خداع لأنفسهم. وأي خداع أعظم ممن يسعى سعيًا يعود عليه بالهوان والذل والحرمان؟ وأعد الله لهم أشد العقوبة في الآخرة -الدرك الأسفل من النار-.

–وَمن صفات المنافقين: أنهم إِذَا قَامُوا لأداء الصَّلاةِ قاموا متثاقلين لها متبرمين من فعلها، والكسل لا يكون إلا من الذي فقد الرغبة إلى الإيمان بالله ورسوله وإلى ما عنده .. فيقومون إلي الصلاة في فتور ، يقصدون بصلاتهم الرياء والسمعة، ولا يذكرون الله تعالى إلا ذكرًا قليلًا في حالة إذا رأوا المؤمنين.

143–مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً 

–إنَّ مِن شأن هؤلاء المنافقين التردد والحَيْرة والاضطراب، لا يستقرون على حال، فلا هم من المؤمنين ظاهرا وباطنا، ولا هم من الكافرين ظاهرا وباطنا، فقد أعطوا باطنهم للكافرين وظاهرهم للمؤمنين، وهذا أعظم ضلال يقدر.. ومن يصرف الله قلبه عن الإيمان به والتمسك بهديه، فلن تجد له طريقًا إلى الهداية.. لأنه قد انغلق عنهم باب التوفيق والرحمة..

144–يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً 

–لما ذكر تعالي أن من صفات المنافقين اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، نهى عباده المؤمنين أن يتصفوا بهذه الصفات القبيحة، وأن لا يشابهوا المنافقين في ذلك..

– فقال تعالي: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا توالوا الجاحدين لدين الله، وتتركوا موالاة المؤمنين ومودتهم، أتريدون بمودَّة أعدائكم أن تجعلوا لله تعالى عليكم حجة ظاهرة على عدم صدق إيمانكم  واستحقاقكم للعذاب؟! 

 –وعلي هذا فقد حذرنا تعالي من هذا السلوك وأخبرنا بما فيه من المفاسد، فسلوكه بعد هذا موجِب للعقاب، وفي هذه الآية: دليل على كمال عدل الله، وأن الله لا يُعَذِّب أحدا قبل قيام الحجة عليه، وفيه التحذير من المعاصي؛ فإن فاعل هذه المعاصي يجعل لله عليه سلطانا مبينا.

145–إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً 

–يخبر تعالى عن مآل المنافقين أنهم في أسفل الدركات من العذاب، وأشر الحالات من العقاب. فهم تحت سائر الكفار لأنهم شاركوهم بالكفر بالله ومعاداة رسله، وزادوا علي الكفار المكر والخديعة والتمكن من كثير من أنواع العداوة للمؤمنين ..

–فعلوا ذلك على وجه لا يشعر به ولا يحس. ورتبوا على ذلك جريان أحكام الإسلام عليهم، واستحقاق ما لا يستحقونه، فبذلك ونحوه استحقوا أشد العذاب، ولن تجد لهم -أيها الرسول- ناصرًا يدفع عنهم سوء هذا المصير.

146–إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً 

–إلا المنافقون الذين رجعوا إلى الله بالتوبة من نفاقهم  وأصلحوا باطنهم بالإيمان بالله، ووالوا عباده المؤمنين وتمسكوا بعهد الله، وأصلحوا ما أفسدوه من أحوالهم باطنًا وظاهرًا وأخلصوا عملهم لله وليس للرياء والسمعة، فأولئك مع المؤمنين في الدنيا والآخرة، وسوف يعطي الله المؤمنين ثوابًا عظيمًا.

147–مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً 

–لا حاجة لله في تعذيبكم: إن شكرتم له وآمنتم به، فإنه تعالي غني عمَّن سواه، وإنما يعذبكم بذنوبكم، فإن أصلحتم العمل، وآمنتم به ظاهرًا وباطنًا فلن يعذبكم، وإن شكرتموه على نعمه، وكان الله شاكرًا لعباده على طاعتهم له، عليمًا بكل شيء..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ

–من صفات المنافقين: حرصهم على حظ أنفسهم سواء مع المؤمنين أو مع الكافرين.

–من صفات المنافقين تَذَبْذُبُهم وحيرتهم ، فلا هم مع المؤمنين ولا هم مع الكافرين

–النهي الشديد عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين.

–أعظم ما يتقي به المرء عذاب الله تعالى في الآخرة هو الإيمان والعمل الصالح.


 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-