شائع

تفسير سورة آل عمران صفحة 57 من الآيات (53 - 61) .. وفوائد الآيات


التفسير 

53–رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ 

–وقال الحواريون كذلك: ربنا صدَّقنا بما أنزلت من الإنجيل، واتبعنا رسولك عيسى عليه السلام، فاجعلنا ممن شهدوا لك بالوحدانية ولأنبيائك بالرسالة، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يشهدون للرسل بأنهم بلَّغوا أممهم.

54–وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ

–ومكر الذين كفروا من بني إسرائيل بعيسى عليه السلام، بأن وكَّلوا به من يقتله غِيْلة، فألقى الله شَبَه عيسى على رجل دلَّهم عليه فأمسكوا به، وقتلوه وصلبوه ظناً منهم أنه عيسى عليه السلام,

 والله خير الماكرين؛ لأنه لا أشد من مكره تعالى بأعدائه.   وفي هذا إثبات صفة المكر لله -تعالى- على ما يليق بجلاله وكماله; لأنه مكر بحق، وفي مقابلة مكر الماكرين.

55–إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 

–ومكر الله بهم -أيضًا- حين قال مخاطبًا عيسى - عليه السلام -: يا عيسى، إني قابضك من غير موت ومن غير أن ينالك سوء، ورافعٌ إلي بدنك وروحك، ومُنزِّهك من رِجْس الذين كفروا بك ومُبعِدك عنهم.

–وجاعل الذين اتبعوك على دينك الحق -ومنه الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فوق الذين كفروا بك وجحدوا نبوتك إلى يوم القيامة بالبرهان والعزة، ثم إليَّ وحدي رجوعكم يوم القيامة، فأحكم بينكم بالحق فيما كنتم فيه تختلفون. 

56–فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ 

–فأمَّا الذين كفروا بالمسيح من اليهود أو غَلَوا فيه من النصارى، فأعذبهم عذابًا شديدًا في الدنيا: بالقتل وسلْبِ الأموال وإزالة الملك، وفي الآخرة بالنار, وما لهم مِن ناصر ينصرهم ويدفع عنهم عذاب الله.

57–وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ 

–وأما الذين آمنوا بالله ورسله جميعا وبالحق الذي جئتهم به، وعملوا الصالحات من صلاة وزكاة وصيام وصلة وغيرها؛ فيعطيهم الله ثواب أعمالهم كاملا غير منقوص. والله لا يحب الظالمين، ومن أعظم الظلم الشرك بالله تعالى وتكذيب رسله.

58–ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنْ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ 

–ذلك الذي نقصُّه عليك في شأن عيسى، من الدلائل الواضحة على صحة رسالتك، وصحة القرآن الحكيم الذي يفصل بين الحق والباطل، فلا شك فيه ولا امتراء.

59–إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 

–إنَّ خَلْقَ الله لعيسى من غير أب مثَلُه كمثل خلق الله لآدم من غير أب ولا أم، إذ خلقه من تراب الأرض، ثم قال له: "كن بشرًا" فكان كما أراد الله. 

–فدعوى ألوهية عيسى لكونه خلق من غير أب دعوى باطلة; فآدم عليه السلام خُلِق من غير أب ولا أم ؟! واتفق الجميع على أنه عَبْد من عباد الله، وأنه أبو البشر وأول نبي علي ظهر الأرض.. 

60–الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنْ الْمُمْتَرِينَ 

–الحق الذي لا شك فيه في أمر عيسى هو الذي جاءك -أيها الرسول- من ربك، فدم على يقينك، وعلى ما أنت عليه من ترك الافتراء، ولا تكن من الشاكِّين، بل عليك الثبات على ما أنت عليه من الحق، وفي هذا تثبيت وطمأنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

61–فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ 

–فمن جادلك -أيها الرسول- من نصارى نجران في أمر عيسى زاعمين أنه ليس عبدًا لله من بعد ما جاءك من العلم الصحيح في شأنه؛ فقل لهم: تعالوا نُحْضِر أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم، ونجتمع كلنا، ثم نتضرع إلى الله بالدعاء أن ينزل لعنته على الكاذبين منا ومنكم.
♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
 
–من كمال قدرته تعالى أنه يعاقب من يمكر بدينه وبأوليائه، فيمكر بهم كما يمكرون.

إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 

– مداومة الدعاء دائماً بالثبات على الدين من أفضل الأدعية في هذا الزمان 





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-