التفسير
283– وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
–وإن كنتم مسافرين ولم تجدوا كاتبًا يكتب لكم وثيقة الدَّين، فيكفي أن يُعْطي المدين الذي عليه الحق رهنًا للدائن صاحب الحق، ضمانًا لحقِّه إلى أن يردَّ المدينُ ما عليه من دين.
–فإن وثق بعضكم ببعض فلا داعي في الكتابة والإشهاد والرهن، ويبقى الدَّين أمانة في ذمَّة المدين يجب عليه أداؤه لدائنه، وعليه أن يتقي الله في هذه الأمانة فلا يخون صاحبه، أو ينكر منه شيئًا ..
–فإن أنكر المدين ما عليه من دين، وكان هناك مَن حضر وشهد .. فعليه أن يظهر شهادته ولا يجوز له أن يكتمها، ومن أخفى هذه الشهادة فهو صاحب قلب غادر فاجر. والله المُطَّلِع على السرائر، المحيط علمه بكل أموركم، وسوف يحاسبكم على ذلك ..
284–لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
–لله ملك السموات والأرض وما فيهما ملكًا وتدبيرًا وإحاطة، لا يخفى عليه شيء، وما تظهروا ما في أنفسكم أو تخفوه فإن الله يعلمه، وسيحاسبكم عليه، فيغفر لمن يشاء فضلًا ورحمة، ويعذب من يشاء عدلا وحكمة والله علي كل شيء قدير.
– وقد أكرم الله المسلمين بعد ذلك فعفا عن حديث النفس وخطرات القلب ما لم يتبعها كلام أو عمل، كما ثبت ذلك عن رسول الله ﷺ.
285–آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ
–آمن الرسول محمد ﷺ بكل ما أُنزل إليه من ربه والمؤمنون آمنوا كذلك، كلهم جميعًا آمنوا بالله، وآمنوا بجميع ملائكته، وجميع كتبه التي أنزلها على الأنبياء ، وآمنوا بجميع رسله الذين أرسلهم وقال المؤمنون: لا نؤمن ببعض الرسل وننكر بعض- بل نؤمن بهم جميعًا - لا نفرق بين أحد من رسل الله.
–وقال الرسول والمؤمنون: سمعنا يا ربنا ما أوحيت به إلينا وأطعناك في كل ذلك، نرجو أن تغفر لنا بفضلك ذنوبنا، فأنت الذي خلقتنا وأنعمت علينا، وإليك -وحدك- مرجعنا ومصيرنا.
286–لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
–لا يكلف الله نفسًا إلا ما تطيق من الأعمال؛ لأن دين الله مبني على اليسر فلا مشقة فيه، فمن فعل خيرًا فله ثواب ما عمل لا يُنْقَصُ منه شيء، ومن فعل شرًّا فعليه جزاء ما اكتسب من ذنب لا يحمله عنه غيره ..
–وقال الرسول والمؤمنون:-
–ربنا لا تعاقبنا إن نسينا شيئًا مما افترضته علينا، أو أخطأنا في فِعْل شيء نهيتنا عن فعله ، ربَّنا ولا تكلفنا من الأعمال الشاقة ما كلفته على مَن قبلنا من العصاة عقوبة لهم على ظلمهم كاليهود ..
– ربنا ولا تُحَمِّلْنَا ما لا نستطيعه من التكاليف والمصائب ، ربنا وامح ذنوبنا، واستر عيوبنا، وارحمنا بفضلك ، أنت مالك أمرنا ومدبره ، فانصرنا على مَن جحدوا دينك وأنكروا وحدانيتك ، وكذَّبوا نبيك محمدًا ﷺ واجعل العاقبة لنا عليهم في الدنيا والآخرة.
♦♦♦
مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ
– قال ﷺ"من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليله كفتاه" عن كل شيء ومكروه
–جواز أخذ الرهان لضمان الحقوق ، أما وَثِقَ المتعاملون ببعضهم البعض فلا داعي
–تحريم كتمان الشهادة، ومن يكتمها آثم قلبه ، وسيحاسب علي ذلك.
– في الآية تقرير لأركان الإيمان (الإيمان بالله، وملائكته وكتبه، ورسله جميعا) وبيان لأصوله.
–لا يكلف الله نفسًا إلا ما تطيق من الأعمال؛ لأن دين الله مبني على اليسر فلا مشقة فيه
– خفف الله عن عباده، فلا يحاسبهم علي ما يكتمونه في أنفسهم..ولكن علي أقوالهم وأفعالهم.