شائع

قصة صالح عليه السلام .. وقوم ثمود



نسب صالح عليه السلام 

 –صالح عليه السلام بن عبيد بن إساف، ينتسب إلى ثمود بن عاد، من ذرّية إرم بن سام بن نوح عليه السلام .

–كان صالح عليه السلام ذو نسب شريف رفيع في ثمود، وكان ذا عقل راجح وحكمة، يرجعون إليه في خصوماتهم، ويستشيرونه في أمور حياتهم، وأوشكوا أن يجعلوه ملكًا عليهم قبل بعثته {قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ}.

من هم قوم ثمود ؟

ثمود سكنوا في منطقةِ “الحجر” التي تقعُ شمالَ غربِ المدينة المنورة بمسافة ٣٨٠ كلم، وتعرفُ اليومَ باسم (مدائن صالح)، وفي القرآن الكريم سورة “الحجر”.

نحت قوم ثمود الجبال

– أعطى الله سبحانهُ قومَ ثمود من النعمِ ما أعطاهُ من قبلهِم قوم عاد، فسكنوا السهولَ ونحتوا الجبال، وأعطاهم الخلافة في الأرض من بعد قوم عاد {وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ آلاء اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}،

كما منّ عليهم بالأنهار والجنات والنعيم البيوت الفارهة في الجبال المنحوتة {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (147) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (148) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (149) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (150) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}.

نبوة صالح عليه السلام  

– أرسلَ الله صالح إلى قوم ثمود، فدعاهم ناصحًا أمينًا رفيقًا بهم {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ}،

– ولكنّهم كذّبوا وجحدوا، يقول الله عن ثمود {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ}، 

– ثم انتقل قوم ثمود إلى مرحلة التكذيب والاستهزاء {فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (25) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ}،

– كما جعلوا يصدّون المؤمنين إمعانًا في التكذيب {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ}، 

–وأشاعوا بين الناس أنّ صالحًا ومن معه مشؤمين { قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ}.

معجزة صالح عليه السلام 

– وإمعانا منهم في الضلال، طلبوا من نبيهم أن يأتيهم بآية معجزة ليؤمنوا به ويصدقوه..فدعا (صالح) ربه واستجاب الله دعوته و أرسل اليهم ناقة عظيمة 

وصفها الله تعالى بقوله: (نَاقَةُ اللّهِ) بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من عند الله ، تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. 

 وقال لهم صالح هذه ناقة الله لها شرب يوم معلوم، ولكم شرب يوم معلوم {إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (28) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ}.

– كانت ناقة مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال في اليوم الذي يمتنعون فيه عن الشرب.. وبظهور هذه الناقة المعجزة، أمن بعض قومه من الفقراء والعقلاء، وظل الكبراء في عماينهم وطغيانهم وفسقهم

 – وحذّرهم صالح عليه السلام من إيذاء الناقة أو التعرضّ لها بسوء{ وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ} 

تحدّي نبي الله صالح أنْ يأتهم العذاب

–تشاور رؤساء القوم فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل صالح نفسه.

–تطوّع أشقى القوم  يقال : (قُدار بن ساف بن جذع) لقتل الناقة، يقول الله تعالى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ}، {إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا}، وجاء في حديث النبي ﷺ أنّ أشقى الأولين: عاقر الناقة.

وكان “قدار”: رجلًا قويّا شقيًّا ، من عائلة ذات منعة تحميه. يقود مجموعة من الشباب الفاسدين {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ}.

اتفق هذا الشقيّ وأصحابه مع كبار قوم ثمود، ثم تشاوروا مع بقية الناس، ووافق الجميع علي قتل الناقة، فترصد “قدار” للناقة هو ومن معه  "فعقروها " 

– علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا قائلا .. ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟ قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب إن كنت من المرسلين؟ {فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}.

 نهاية قوم ثمود  

– لما عقر قوم ثمود الناقة وتحدّوا صالح عليه السلام طالبين العذاب، أمهلهم ثلاثة أيام فقط حتى يأتيهم العذاب {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}، بعد هذا لم يرجع قوم ثمود ويتوبوا بل أمعنوا في تكذيبهم وعنادهم،

_ وأرادوا قتل نبي الله صالح ومن معه ، فاتفقوا علي أن يقولوا أنهم خرجوا إلي سفر حتي حتي لايشك فيهم أحد { قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (50) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}.

– انطلق النفر التسعة المفسدون لقتل صالح عليه السلام ولكن الله كان قد أمره أن يخرج من القرية ومن آمن معه باتجاه فلسطين، ولمّا دخلوا بيته دمّره الله عليهم {فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ}،

وكان غضب الله على ثمود عظيمًا : فقوم نوح دمروا بالطوفان العظيم، وقوم هود أهلكوا بالرّيح، أما قوم صالح فلم يكن عذابًا واحدًا وإنما أصناف من العذاب.. 

عذاب قوم ثمود

–اصفرّت وجوههم في أول يوم.ثم احمرّت في اليوم الثاني ، وفي الثالث اسّودّت، فعرفوا صدق صالح وجعلوا يحفرون قبورهم بأيديهم. ثم جاءهم زلزال فوقعوا على ركبهم {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.

– ثم جاءتهم الصاعقة { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (44) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ}.

–وأخيرًا بصيحة واحدة من السماء .. ماتوا جميعًا وأصبحوا كالنبات اليابس المتفتت { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ }، { وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (68) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ}.

– ودمرت بيوتهم التي نحتوها في الجبال وقصورهم التي عمروها في السهول، ونجا رسول الله ومن معه.  

وفاة نبي الله صالح عليه السلام

– حزن صالح عليه السلام على قومه لكفرهم {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ}، 

– وعاش نبي الله صالح عليه السلام مع من آمن معه في مدينة الرملة بفلسطين حتى توفاه الله تعالى.

– قال ابن جرير وأهل العلم : أن صالحًا توفي بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وأنه أقام في قومه عشرين سنة.

مرور سيدنا محمد  بقوم ثمود

بقيت آثار ثمود حتى مرّ النبي ﷺ عليها وأصحابه في طريقهم إلى غزوة تبوك، فأخذ بعض الناس من الماء وعجنوا به واستخدموا بعض الآنية .

فلما وصل الخبر لرسول الله ﷺ قال: «لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم»، ثم أمرهم فأهرقوا القدور، وعلفوا العجين الإبل.







حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-