شائع

قصة يونس عليه السلام .. من القرآن الكريم

﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾[ سورة الصافات: 139]

يونس عليه السلام : هو يونس بن متّى ، يعود نسبه إلى سيدنا سليمان (عليه السلام)، ويتصل نسبه بنسل بنيامين شقيق سيدنا يوسُف (عليه السلام) .

وقد جاء ذكره باسم : (يونس ، ويونس بن متّى ، وصاحب الحوت، وكذلك ذا النون أو ذي النون) و(النون) هو الحوت 

رسالة نبي الله يونس

–بعثه الله تعالى إلي أهل نينوي بالموصل في العراق، حيث كان عددهم مائة ألف أو يزيدون ، وهم قوم كانوا يعبدون الأصنام 

–دعاهم لعبادة الله الواحد وترك عبادة الأصنام ، ولكنهم أبوا وتمردوا وأصروا على كفرهم وإيذائه، صبر يونس على هذا الإيذاء، ووجد فيهم آذانًا صمًا وقلوبًا غُلفًا .

– ظل في قومه قرابة ثلاثًا وثلاثين سنة يدعوهم ولم يؤمن منهم سوى رجلين، أما باقي قومه فقد وقفوا ضد دعوته وعندما رأي أن موقف قومه لن يتغير تجاه دعوته .

أصابه اليأس .. فغضب كثيرًا واستسلم وقرر أن يخرج من بلدته ويترك قومه بقرار منه لم يرجع فيه إلى الله تعالى ولم ينتظر أمره ، وظن أنّ الله لن يؤاخذه على استسلامه وتركه لأهل القرية قبل أن يأمره الله تعالى بالخروج 

قال تعالي : ﴿ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ الأنبياء:87

ماذا حدث لقوم يونس عليه السلام بعد خروجه؟

وعد يونس عليه السلام قومه بالعذاب بعد ثلاثة أيام إذا لم يؤمنوا ويتركوا عبادة الأصنام، ثم خرج من بينهم مغاضبًا يائسًا منهم بسبب كفرهم وتماديهم في ضلالهم.

في هذه الأثناء وفي صباح يوم خروج يونس عليه السلام يائسًا من قومه ومغاضبًا لهم، ظهرت بوادر العذاب التي وعد بها يونس قومه، فتكاثرت السحب السوداء في السماء، وكثر الدخان الكثيف وهبطت السحب بدخانها حتى غشيت مدينتهم وغطتها واسودت سطوحهم 

ولما أيقنوا من الهلاك والعذاب أنه واقع لا محاولة خافوا ووجلوا وطلبوا يونُس عليه السلام فلم يجدوه .. لأنه خرج وتركهم ، ذهب أهل نينوى إلي رجلًا شيخًا؛ ليسألوه عما يجب فعله فأرشدهم إلى طريق التوبة إلى الله فجمعوا كبيرهم وصغيرهم وذكرهم وأنثاهم وحيواناتهم جميعًا 

 وخرجوا من القرية جميعًا ولبسوا المسوح - وهي ثياب من الشعر الغليظ - وغطوا رؤوسهم بالرماد تواضعًا لله، ثم أقبلوا في مشهد مهيب على الله تعالى داعين له أن يصرف عنهم العذاب ويتوب عليهم، فقبلهم الله تعالى وتاب عليهم وقبل إيمانهم بعد كفرهم وعنادهم، ولكن يونس عليه السلام لم يشهد هذا الحال منهم

قال تعالي:﴿ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ﴾[ سورة يونس: 98]

خروج يونس عليه السلام وتركه لقومه

خرج يونس عليه السلام تاركًا قومه وراءه متجهًا إلى شاطئ البحر، فوجد قومًا على متن سفينة تستعد للإبحار، فطلب منهم أن يأخذوه معهم في رحلتهم، فتوسم هؤلاء القوم فيه الصلاح ووافقوا على اصطحابه معهم على سطح سفينتهم .

وبدأوا في الإبحار .. ولما توسطوا البحر جاءت الرياح الشديدة وهاج البحر وعلت الأمواج، فقال من في السفينة: إنّ فينا صاحب ذنب، فأسهموا واقترعوا فيما بينهم على أنّ من يقع عليه السهم يلقونه في البحر، فلما اقترعوا وقع السهم على يونس عليه السلام فتوسموا فيه الخير ورفضوا أن يلقوه في البحر .

وقرروا أن يعيدوا الاقتراع ويلقوا السهم مرة أخرى، وكرروا القرعة ثلاث مرات وفي كل مرة كان السهم يشير إلى يونس ويأبوا أن يرموه حتى قرر يونس عليه السلام أن يقفز في البحر موقنًا أنّ الله تعالى سينجيه من الغرق والهلاك 

ابتلاع الحوت ليونس عليه السلام

عندما قرر يونس عليه السلام أن يلقي بنفسه في البحر لتهدأ العاصفة كان موقنًا أنّ الله لن يتركه يغرق، وأنه سينجيه من الهلاك. فوجد يونس أمامه حوتًا عظيمًا فابتلعه والتقمه ابتلاءً له على ترك قومه وتركهم لهم دون انتظار أمر الله له

فلما ابتلعه الحوت استقر يونس عليه السلام في بطنه في حماية الله تعالى في الظلمات، وهي ظلمات ثلاث : ظلمات البحر ، وظلمات بطن الحوت، وظلمات الليل الحالكة.

ومن مظاهر رحمة ربه به ، أنه لم يُخدش ولم يكسر له عظم ولم يجرح قط؛ لأنه كان في رعاية الله ورحمته وتأديبه له، وكانت هذه إحدى معجزات قصة سيدنا يونس عليه السلام.

سار الحوت وفي بطنه نبي الله يونس في جوف البحر، كان يونس يسمع أصواتًا لا يعرف مصدرها ولا معناها، فألهمه الله تعالى أنها أصوات تسبيح دواب البحر، واستمر يونس عليه السلام في التسبيح والدعاء والاستغفار قائلا (لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ)

خروج يونس من بطن الحوت

استجاب الله تعالى إلى نبيه يونس وأمر الحوت أن يلقي به على شاطئ البحر. كان يونس متعبًا منهكًا من الوقت الذي قضاه داخل بطن الحوت، وقد ألقاه الحوت في العراء حيث لا يوجد أشجار ليحتمي تحتها من أشعة الشمس الحارقة وهو مريض ضعيف يحتاج إلى علاج ورعاية وطعام، فقد مكث في بطن الحوت ثلاثة أيام، وقيل سبعة أيام، وقيل غير ذلك ولولا تسبيحه واستغفاره لله تعالى للبث إلي يوم القيامة .

قال تعالي : ﴿ إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ* فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ* فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ*[ سورة الصافات: 139 : 144] 

معجزة إنبات شجرة اليقطين  

عندما ألقى الحوت بيونس على شاطئ البحر كان ضعيفًا هزيلًا في بدنه وجلده، وهذا ما كان يجعل تعرضه لأشعة الشمس والحرارة العالية والحشرات يشكل خطورة على صحته وحياته .

فأنبت الله تعالى شجرة اليقطين فوق مكانه؛ ليستظل بها ويأكل منها حتى يتعافى ويسترد صحته وعافيته، وكانت هذه إحدى معجزات قصة سيدنا يونس عليه السلام

قال تعالي : ﴿ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ *فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ*[ سورةالصافات: 145 : 148] 

  فوائد شجرة اليقطين؟

شجرة اليقطين تتميز بقدرة أوراقها على طرد الذباب وعدم اقترابه من أي شيء مغطى بورق اليقطين، كما أنها لكبر حجم ورقها فهي وسيلة مناسبة للتظلل بها، كما أنّ ثمار هذه الشجرة تؤكل من أول طلوعها نية ومطبوخة وبقشرها أيضًا، وقد ثبت أنّ النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كان يأكل منها أيضًا.

وقد سخر الله تعالى لنبيه يونس عليه السلام أرْويّة (وهي الأنثى من البعول) ليستفيد من لبنها، فكانت ترعى في البرية، وتأتيه بكرة وعشية ليتغذى من لبنها، فقد غمره الله تعالى برحمته وعطفه حتى نجا مما كان فيه.

عودة يونُس عليه السلام إلى قومه

عندما تعافى يونس بفضل ربه ورعايته ورحمته، عاد إلى قومه في نيْنوى فوجدهم مؤمنين خاشعين لله وقد تغير حالهم الذي تركهم عليه قبل أن يقرر الخروج وتركهم.

وهذه ميزة خاصة لهؤلاء القوم رحمهم الله، حيث لم تؤمن أمة كاملة بنبيها سواها؛ وكان أهل نيْنوى في انتظار يونس؛ لكي يعلمهم أمور دينهم وليأتمروا بأمره ويتبعوه."

♦♦♦♦♦

دروس مستفادة من قصة سيدنا يونس عليه السلام

– الصبر و عدم الاستعجال في اتخاذ القرارات، والتفكير  في كل خطوة نقوم بها بعيدا عن حالتنا النفسية.﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ  [القلم: 48].

– عدم الخضوع للشعور بالغضب أثناء اتخاذ القرارات لأنه ينتج عنه نتائج غير محمودة .﴿ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ 

– فضل دعوة ذي النون (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)؛ قال -صلى الله عليه وسلم ؛ لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له"(رواه الترمذي).

– الرجوع الي الله عند التوبة والندم ، مثل قومِ يونس لما اقترب بهم العذاب هُرعوا إلي الله بالتوبة والاستغقار فتاب عليهم (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ )





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-