سبب نزول سورة الهمزة
قال عطاء والكلبي: عن سبب نزولها "نزلت هذه السورة في الأخنس بن شريق، كان يلمز الناس ويغتابهم وبخاصّة رسول الله ﷺ ".
وقال مقاتل: عن سبب نزولها أيضًا "نزلت في الوليد بن المغيرة، كان يغتابُ النَّبيَّ ﷺ من ورائه ويطعنُ فيه في وجههِ".
وقال محمد بن إسحاق: "ما زلنا نسمع أن هذه السورة نزلت في أمية بن خلف"، أي إنَّ أمية بن خلف هو من كان يهمز ويلمز رسول الله ﷺ .
تفسير سورة الهمزة
1-﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾
- الويل والعذابال شديد لكل سبّاب عيّاب ، ينتقص الناس بالإشارة والحركة، والقول والفعل.
وعن مجاهد وعطاء : الهمزة الذي يغتاب ويطعن في وجه الرجل، واللمزة الذي يغتاب من خلفه إذا غاب.
2-﴿ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ ﴾
- إن الذي دعا هذا وأمثاله إلى الحط من أعراض الناس، ظنه الخاطئ بأن جمع المال، والمبالغة في عدّه والمحافظة عليه، هذا يرفع قدره، ويضمن له منزلة رفيعة، يستطيع بها أن يطلق لسانه في أعراض الناس، وأن يؤذيهم بالقول والفعل.
3-﴿ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ﴾
– يحسب أن ماله أخلده. إن حبه للمال أنساه الموت والمآل فهو يأنس بماله، ويظن أن هذا المال الذي أجهد نفسه في جمعه، وبخل به حتى على نفسه، ويحميه من الموت ويورثه الخلود.
4-﴿ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ ﴾
-كلا ليس الأمر كما يظن : ولسوف نطرحه في النار. فازدجر أيها العيّاب لأن المال لن يخلدك ويبقيك، فجزاؤك الحطمة التي تحطم كل ما يلقى فيها، فتحطم كيانك وكبريائك .
5-﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ ﴾
- وما أدراك ما الحطمة (سؤال للتهويل والتعظيم)، تعني : أي شيء أعلمك بها ؟ فإن هذه الحطمة مما لا يحيط بها عقلك، ولا يقف عليها علمك، ولا يعرف حقيقتها إلا خالقها سبحانه وتعالى.
6-﴿ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ﴾
- الحطمة : هي نار الله الموقدة، إنها النار التي تنسب إلى الله الذي خلقها، ثم وصف هذه النار بالموقدة التي لا تخمد أبدا .. وهذا يتفق مع أفعال ( الهمزة اللمزة ).
7 -﴿ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ﴾
- التي تطّلع على الأفئدة. إنها تصل إلى الفؤاد الذي ينبعث منه الهمز واللمز، وهي تتغلب على الأفئدة وتقهرها، فتدخل في الأجواف حتى تصل إلى الصدور فتأكل الأفئدة، والقلب أشد أجزاء الجسم تألما، فإذا استولت عليه النار فأحرقته فقد بلغ العذاب بالإنسان غايته.
والنار لا تصل إلى الفؤاد إلا بعد أن تأكل الجلود واللحوم والعظام، ثم تصل إلى القلوب، والأفئدة موطن الإحساس والاعتقاد، ومن كلمات عمر بن الخطاب للكفار :( حرق الله قلوبكم ). أي : أصابكم بأشد ألوان العذاب والألم .
8-﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ﴾
- إنها عليهم مؤصدة. إنها مطبقة عليهم لا يخرجون منها، ولا يستطيعون الفرار أو الهرب.
قال تعالى : كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمّ أعيدوا فيها.. ( الحج : ٢٢ ).
9-﴿ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ﴾
- في عمد ممدّدة. العمد جمع عمود وهو معروف، والممددة : المطولة، أي أنه أطبقها عليهم وأغلقها في عمد طويلة، تمد على أبوابها بعد أن تؤصد، وهو تصوير لشدة الإطباق وإحكامه، وتأكيد اليأس من الخلاص.
قال مقاتل : إن الأبواب أطبقت عليهم، ثم شدت بأوتاد من حديد، فلا يفتح عليهم باب، ولا يدخل عليهم روح.